حماية حق الفقراء في الوصول للدواء
تاريخ النشر: 29/01/15 | 10:01غلاء أدوية علاج إلتهاب الكبد من النوع C ، والذي وصلت كلفة علاجه بالدواء الجديد الذي يعطي نتائج مذهلة الى 84 الف دولار للمريض الواحد، اثارت موجة من الاحتجاجات والتساؤلات في العالم وخاصة في الدول الفقيرة حيث ينتشر الالتهاب الكبدي من نوع C فيها بشكل وبائي وحيث يموت الالاف بسبب تشمع الكبد او سرطان الكبد الناتجين عن الاصابة بهذا الفيروس.
ظهور العقار الجديد المسمى تجاريا” سوفالدي Sovaldi (sofosbuvir) قد احيا أمالا” كثيرة بالشفاء التام من الاصابة بتشمع الكبد او سرطان الكبد نتيجة الإصابة بالالتهاب الكبدي بفيروس C، لكن إرتفاع سعره وعجز معظم الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل عن توفيره لمرضاها فجر موجة كبيرة من الاستياء لكنه أعاد للذاكرة نجاحات سابقة لتخفيض أسعار أدوية هامة تحت ضغط الحاجة لإنقاظ الحياة والسماح لشركات أدوية جنيسة (نسخ مقلدة لكن بنفس التركيب والجودة) تصنيع الادوية غالية الثمن وتوفيرها بأسعار رخيصة نسبيا” من خلال إصدار تصاريح تصنيع إجبارية كما حدث مع علاج نقص المناعة البشرية المكتسبة حيث انخفضت الأسعار من 10,000 دولار أمريكي سنويًّا للمريض الواحد في التسعينات إلى أقل من 100 دولار أمريكي في أواسط العقد الأول من القرن الحالي، وذلك بفضل ما مورس من ضغوط سياسية وإجتماعية والتي سمحت لشركات تصنيع الادوية الجنيسة من خلال تصاريح اجبارية بتصنيع الادوية المبتكرة الغالية وبكلفة متدنية وإتاحتها للدول الفقيرة بأسعار منخفضة جدا”.
وتمارس الشركات الكبرى المنتجة للدواء في العالم والتي تنتج ادوية مبتكرة محمية ببراءة الإختراع ضغوطا” كبيرة على الدول الفقيرة تمنعها من انتاج نسخا” ارخص من الادوية المحمية ببراءة الاختراع، في الوقت التي تحاول منظمات دولية ومنها منظمة الصحة العالمية الدعوة ولو باستحياء الى السماح للدول الفقيرة بانتاج ادوية جنيسة لتلك الأدوية كما يظهر من تصريحات ستيفان ويكتور رئيس البرنامج العالمي لفيروس التهاب الكبد الوبائي في منظمة الصحة العالمية في جنيف والمؤلف الرئيس لدليل المبادئ العامة حيث يقول: من الممكن أن يحدث نجاح مشابه لما حدث مع عقاقير فيروس نقص المناعة البشرية، اما آندرو هيل، وهو اختصاصي عقاقير في جامعة ليفربول في المملكة المتحدة فيؤكد انه لو وجدت الارادة السياسية لامكن ذلك.
وللعلم فان التهاب الكبد سي يصيب ما يقارب 185 مليون شخص في العالم، اكثر من 80% منهم يعيشون في بلدان منخفضة او متوسطة الدخل، ففي مصر مثلا” فان 15% من السكان مصابون بهذا المرض الذي ينتقل عن طريق الدم، وقد يؤدي لسرطان او تشمع الكبد، وتستعمل الان في العلاج ادوية مختلفة مثل الانترفيرون والريبافيرين بنتائج علاجية تتراوح ما بين 50 – 75% ولكنها ايضا” ليست رخيصة الثمن وان كانت ارخص بكثير من علاج Sovaldi (sofosbuvir).
إن غلاء الادوية المبتكرة ووضع قيود على إنتاج ادوية جنيسة ولجوء بعض الدول لإصدار تصاريح إجبارية لتصنيع أدوية منقظة للحياة تتمتع بحماية براءة الإختراع، تفتح باب النقاش حول ضرورة إستثناء الدواء من مواد قوانين الحماية الفكرية للدول التي تنضم لمنظمة التجارة الدولية بحيث تضع مصلحة المواطنين فوق مصلحة الشركات، إنطلاقا” من القناعة لدى الجميع في كل البلدان والمنظمات الاممية أن الصحة حق للجميع والوصول للخدمات الصحية واجب التوفير بما في ذلك توفير الدواء للمرضى.
بقلم الدكتور فتحي ابوﹸمغلي