المدونــــة الرابعة والثلاثون "البديل من العبريــــة"
تاريخ النشر: 05/10/12 | 23:03في زيارة المَشْـفـى:
بدءًا أؤكد ثانية أن الألفاظ البديلة في المدونات لا جديد فيها- في معظمها، فهي في المعاجم، وفي الاستخدام اللغوي في الكتابة، ولكني أعيدها هنا من قبيل تدبر الآية: {وذكّر إن نفعت الذكرى}، ومن قبيل الحرص على استخدام اللفظة العربية في مخاطباتنا، وحتى لا تكون لغتنا مثل “مرقعية الدراويش” كما يقولون في مصر، وهذا لا يمنع بالطبع أن أقترح بديلاً جديدًا أو غير شائع- إن أعيتني الحيلة، ولا ألزم به أحدًا.
زرت مشفى قريبًا من بلدتي، وكما تعلمون فإن الكلمات العبرية تشيع جدًا، وتتردد على ألسنة الأطباء والمرضى وزوار المشافي، فحتى لفظة (صَـوْم) التي يطلبها الطبيب قبل الفحص يلفظها الكتيرون بتحريف، فهي على ألسنتهم (تْـسوم)- צוֹם= صَـوْم، وزيارة الأطباء تتكرر في قولهم בִּקּוּר רוֹפְאִים، وكنت تناولت الاستشفاء بدلاً من אִשְׁפּוּז، وثمة كلمات أخرى من عالم الطب دونتها في المدونة التاسعة عشرة، فليعد إليها من يهتم.
سأواصل رحلتي مع ألفاظ أخرى، وأبدأ بما قاله رجل على مسمعي وهو يخاطب مرافقًا له:
يالله يالله بسرعة عالـ (حادَر مِيُّون) – חֲדַר מִיּוּן، وبالطبع فهو منشغل بصحة من معه، والتصويب هنا يكون غير مقبول، فبالله عليكم من يصوب كلمة في أجواء التوتر؟!
قال لي صاحبي، وهو يعرف اهتمامي: أراك تهم بتصويبه، فماذا عليه أن يقول؟
– يقول:غرفة الطوارئ، وهذا التعبير الشائع في العالم العربي، هو ترجمة للتعبير بالإنجليزيةemergency ، لكن المعنى بالعبرية حرفيًا هو غرفة التصنيف، وهو تعبير ملائم جدًا، حيث يتم تصنيف المرضى، كل حسب مرضه.
دخل المريض، فقال له الطبيب: سأبدأ أولاً بـ (إبْحون)- אִבְחוּן= تَشْـخيص المرض.
سأل أحدهم: وين (الأخوت رَشِـيت)- אָחוֹת רֵאשִׁית ?
– تقصد رئيسة الممرضات، وإذا استصعبت لفظ ممرضة فقل (نارسة)، فهي كلمة إنجليزيةnurse شائعة في عاميتنا، وليس المجال هنا للاعتراض عليها، أو على الاستعمالات الدارجة أو العامية عامة، فهذه المدونات لا تعالج إلا الألفاظ العبرية في حديثنا، وقد شرحت السبب أكثر من مرة.
وعليه فإن
אָח מוּסְמָךְ = ممرض مؤهل
אָחוֹת מַעֲשִׂית= ممرضة عملية
سألت الممرضة -وكانت من طالباتي- عن الفرق بين الاثنتين، فقالت لي: إن الأولى يجب عليها أن تكون قد درست (سِـعود)- סִעוּד= تمريض.
تستأذن الممرضة، وتقول: سأفحص الـ (لاحَتس دام)- לַחַץ דָם= ضغط الدم لأحد المرضى، ثم أقيس (الحُـوم)- חוֹם= الحرارة، وسيكون (تحََـت بيكوَّاح)- תַּחַת פִּיקוּחַ= تحت المراقبة، لأن عنده (دليكِـت)- דַלֶּקֶת= التهاب.
يقول: هذا المريض أحضرته سيارة (العِزرا ريشونا)- עֶזְרָה רֵאשׁוֹנָה= الإسعاف الأولي، وقد قدم له (الباراميديك)- פָראמֵדִיק= مُـسْـعِـف كل مساعدة ممكنة، وكان في السيارة (حوبيش)- חוֹבֵש= مََــضَــمِّـد، وقد يحتاج إلى (نتّواح)- נִתּוּחַ= عمليّــة.
بعد ساعة تنتهي (المِِـشميرِت)- מִשְׁמֶרֶת= نَـوْبَــة (بالدارجة: وَرْدِية)، ولنا للبلدة (هسَـعا)- הַסָּעָה= سَفَريات.
حضر متدرب وعرفنا بنفسه، وقال: درست (الرِّفوآه المُوناعَـت)- רְפוּאָה מוּנַעַת= الطب الوِقائي، وأبي يعمل في البلدية (تَـبْروآن)- תַּבְרוּאָן= صِحّانيّ.
– صِحّاني؟! من أين لك هذه اللفظة- صِحّانيّ؟
– الصحيح أن ترجمتها في المعاجم – موظف الشؤون الصحية، فبدلاً من ثلاث كلمات جعلتها صِـحّـاني، وهي بالإنجليزية sanitarian (هناك من يلفظها sanitar)، حيث ترجمها صاحب المورد صِـحِّـيّ، ولكنها – في رأيي- قد تعني مدلولاً هو نسبة للصحة عامة، دون أن تتحدد لوظيفة الذي يعمل في الصحة، فلو قلنا “طعام صحي” لكانت الدلالة تؤدي إلى صحة الطعام فقط. وتذكرون بالطبع ما قلته في مدونة سابقة (الثانية عشرة) عن ضرورة ترجمة הַנְדְסַאי إلى هـَنْـدَساني بزيادة النون للتمييز بين الهندسانية والهندسية (ففي الوصف= خطة هندسية).
قالت لي الممرضة: ما دمت تحب أن تعيدنا إلى العربية في حديثنا، فأنا لا أعرف كيف أترجم (مونشام)- מונְשָׁם هذا المريض الذي نقدم له التنفس الاصطناعي؟
قلت: الصحيح لم أجد فيما بحثت ترجمة لها في لفظة واحدة، وقد فحصت في بعض المعاجم الطبية في العالم العربي، فألفيتهم يستخدمون عددًا من الألفاظ بالعربية، نحو (تحت التنفس الاصطناعي)، أو مصطلحات هي بالإنجليزية أو بالفرنسية. استشرت أطباء عربًا، وهيهات!
بعد تدبر ارتأيت أن أقترح مُـنَـسَّـم، فالفعل نَـسَّــم في المعاجم يعني: أحيا، وها أنا أختار لفظًا قريبًا على مخارج اللفظ العبري الشائع المتمكن، والطبيب كأنه يقوم بعملية إحياء (بإذنه تعالى)، وأنتظر رد فعل ممن لهم معرفة أكثر وخبرة أوفى، ليجزيهم الله عن لغتنا خيرًا، فالمهم عندي ألا تكون أنت أولاً (مونشام) صحيًا،
ومهم كذلك ألا تستخدم اللفظة، وتكون هي الطالعة نازلة!
نتذكر في هذه المدونة:
אָח מוּסְמָךְ = ممرض مؤهل
אָחוֹת מַעֲשִׂית= ممرضة عملية
אָחוֹת רֵאשִׁית= رئيسة الممرضات
סִעוּד= تمريض
בִּקּוּר רוֹפְאִים= زيارة الأطباء
רְפוּאָה מוּנַעַת= الطب الوِقائي
עֶזְרָה רֵאשׁוֹנָה= الإسعاف الأولي
חוֹבֵש= مََــضَــمِّـد
חֲדַר מִיּוּן= غرفة الطوارئ
תַּחַת פִּיקוּחַ= تحت المراقبة
לַחַץ דָם= ضغط الدم
צוֹם= صَـوْم
דַלֶּקֶת= التهاب
חוֹם= حرارة
אִבְחוּן= تَشْـخيص
נִתּוּחַ= عمليّــة
הַסָּעָה= سَفَريات
מִשְׁמֶרֶת= نَـوْبَــة (بالدارجة: وَرْدِيـَّة)
كلمات ليست في المعاجم، وهي هنا مقترحة:
פָראמדיק= مُـسْـعِـف
תּבְרוּאָן= صِحّانيّ
מונְשָׁם= مُـنَـسَّـم
رسالة إلى ج.
فيما يتعلق بـ מוּתָג، فهي بالإنجليزية trade Mark (انظر المادة في معجم ابن شوشان، وكذلك في معجم سابير)، وقد عرّبت اللفظة الإنجليزية إلى (ماركة)، ففي المنجد: علامة فارقة تجعل على البضائع، ولكل معمل علامة خاصة يضعها على مصنوعاته”. والكلمة مألوفة في لغتنا الدارجة، ويستخدمونها في العالم العربي.
מוּתָג مستحدثة (من الجذر الثلاثي תיג، والجذر وارد في التلمود)، وقد أقرها مجمع اللغة العبرية بمعنىbrand name ) )- أي علامة تجارية، ماركة فارقة.
أرجو أن تكون على ثقة أنني أستقصي كل مصدر قبل البت أو قبل الاقتراح، علمًا بأن ذلك ينتظر ممن له رأي آخر أن يقوم بدراسة جدية إن كان الأمر يهمه حقًا، وما أحرانا بألا نلقي الكلام على عواهنه دون تجشم مسؤولية البحث.
للتوسع- ترجى العودة إلى المدونة الخامسة والعشرين، حيث اقترحت في الفصيحة بديلاً لها (الصنف التجاري)، ولكني لا أتوقع من الناس أن يستخدموها في حديثهم اليومي، فذكرت كذلك (ماركة) لقربها من الاستعمال.