الشروط العامة للجمع بين الصلاتين
تاريخ النشر: 30/01/15 | 17:45الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
1ـ أن يكون الجمع بين صلاتي النهار، الظهر والعصر، وصلاتي الليل، المغرب والعشاء، ولا يجوز جمع صلاة النهار مع صلاة الليل، كالعصر مع المغرب، ولا صلاة الليل مع الفجر، كالعشاء والفجر، ولا الفجر مع الظهر.
{انظر: البدائع الصنائع(2/12)، الثمر الداني(1/189)، المهذب بشرحه المجموع(4/378)، المغني(4/60)}.
2ـ النية:
لا بد للعبادة من نية حتى تتميز عن غيرها، ومحل النية القلب ولا يشترط التلفظ بها، والأدلة التي تدل على اشتراط النية في العبادة جلية في الشرع، ووقتها أول العبادة، لذا عند الجمع بين الصلاتين يستحضر المصلي نية الصلاة الأولى، وبعد الفراغ منها يستحضر نية الصلاة الثانية جمعا مع الأولى، هذا من حيث الوجوب. فكل صلاة مستقلة عن الأخرى. أما معاملة الصلاتين معاملة العبادة الواحدة فباطل؛ لأنه لو نقض وضوؤه في الثانية فالواجب عليه إعادتها وحدها دون الأولى. ويحتج لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بعرفة، ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها، ثم صلى بهم العصر، ولم يكونوا نووا الجمع.
جاء في المدونة الكبرى(1/203):”قال الإمام مالك فيمن صلى في بيته المغرب في ليلة المطر، فجاء إلى المسجد، فوجد القوم قد صلوا المغرب ولم يصلوا العشاء الآخرة، فأراد أن يصلي معهم العشاء، وقد كان صلى المغرب في بيته لنفسه، قال: لا أرى بأساً أن يصلي معهم”.
وجاء في الذخيرة(2/374):”وقيل يجزيه{أي إحداث النية بعد الفراغ من الأولى}”.
جاء في المجموع شرح المهذب(4/374):”ووجها أنه يجوز{إحداث النية} بعد التحلل من الأولى قبل الإحرام بالثانية وهو قول خرجه المزني للشافعي، وهو قوي”.
فإحداث نية الجمع بعد الفراغ من الأولى جائز وقواه النووي كما في كلام المجموع السابق، وهذا هو الوجه الثاني عند الشافعية خلافا للمعتمد، وقول عند المالكية.
والأفضل أن يعلم الإمام المصلين قبل الشروع في الصلاة الأولى بنية الجمع؛ لأن عرف الناس جرى بذلك.
{انظر: المدونة الكبرى(1/203)، المجموع شرح المهذب(4/374)، مجموع الفتاوى(24/50)}
3- الترتيب عند المالكية والشافعية والحنابلة:
أي عند الجمع تصلى الصلاة المتقدمة على المتأخرة فلا تصلى العصر قبل الظهر ولا العشاء قبل المغرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع هكذا، وقال:”صلوا كما رأيتموني أصلي”.
جاء في الذخيرة(2/374):”الفصل الثاني في الشروط وهي ثلاثة: الشرط الأول في الجواهر تقدم الأولى منهما وينوي الجمع فيهما ولا يجزئ أن ينوي أول الثانية”.
قال الشيرزي في المهذب بشرحه المجموع(4/734):”(والشرط الثاني) الترتيب وهو أن يقدم الأولى ثم يصلى الثانية؛ لأن الوقت للأولى وإنما يفعل الثانية تبعا للأولى فلابد من تقديم المتبوع”.
جاء في الروض المربع(104):”ويشترط للجمع ترتيب مطلقا”.
4- الموالاة عند المالكية والشافعية والحنابلة:
الموالاة بين الصلاتين بأن لا يفرق بينهما إلا تفريقاً يسيراً، لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة، ولا يحصل ذلك مع الفرق الطويل، والمرجع في طول الفرق وقِصره إلى العرف.
ودليل ذلك حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:”دفع رسول الله صلي الله عليه وسلم من عرفة فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ ثم اقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم اناخ كل انسان بعيره في منزله ثم اقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا”{رواه البخاري ومسلم}.
جاء في الذخيرة(2/374):”الشرط الثالث في الجواهر الموالاة فلا يفرق بينهما بأكثر من الأذان والإقامة”.
قال النووي في المجموع(5/375):” (الامر الثالث) الموالاة والمذهب الصحيح المنصوص للشافعي وقطع به المصنف والجمهور اشتراطها … قال اصحابنا فعلى هذا لا يضر الفصل اليسير ويضر الطويل وفى حد الطويل والقصير وجهان قال الصيدلانى حد اصحابنا القصير بقدر الاقامة وهذا ضعيف والصحيح ما قاله العراقيون أن الرجوع في ذلك إلى العرف وقد يقتضى العرف احتمال الزيادة علي قدر الاقامة”.
وجاء في الروض المربع(104):”والشرط الثاني الموالاة بينهما لا يفرق بينهما إلا بمقدار إقامة صلاة ووضوء خفيف لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة ولا يحصل ذلك مع التفريق الطويل بخلاف اليسير فإنه معفو عنه”.
والله تعالى أعلم