لماذا نعيب على الصغار كذبهم؟ أوليس العيب جلّه أو بعضه في الكبار؟!!
تاريخ النشر: 07/10/12 | 7:59وأنا لا اعني كل صغارنا وبالضرورة ليس كل كبارنا كذلك… بل أعني صغارنا، أطفالنا طلابنا وطالباتنا الذين يقولون الحقيقة كاملة، لا يصدقون في أقوالهم، باختصار- وأنا أتحفظ من استعمال هذه الكلمة- أنهم يكذبون، وفي رأيي أنهم “يكذبون” ببراءة ومن غير فهم لمفهوم ومعنى الكذب، لأنهم جاءوا بهذه الثقافة من البيت، من المدرسة الأولى، من الوالدين، والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول في حديث شريف بما معناه أن الطفل يلد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصّرانه أو يمجسّانه، أي أن المولود سواءﹰ كان ذكراﹰ أم أنثى فأنه يرث دين والديه ويكتسب القيم والعادات من البيت أي من والديه، وعندما يكذب الصغير أو الصغيرة نفتش عن الأسباب لنجد بعضها وليس جميعها من البيت، المدرسة الأولى، وما الذي نتوقعه من صغير عندما يسمع بكلتا أذنيه والده وهو يطلب إليه أن يكذب ولا يقول الحقيقة عندما يطرق أحدهم باب منزلهم أو يطلب الوالد على الهاتف فيقول الأب لابنه: قل له إن أبي غير موجود…
وماذا نقول في رد فعل أب وأمام ابنه، هذا الابن الذي سلمتّه الدعوة بيدي، وهو يقسم بأغلظ الإيمان وعلى اختلاف أنواعها بدءاﹰ بالكعبة ومروراﹰ بالأنبياء والصالحين وانتهاءاﹰ بالأموات والأحياء أنه لم يتسلّم الدعوة ولم يرها مطلقاﹰ، ومن ثم يتوجه إلى ابنه قائلاﹰ: أليس صحيحاﹰ ما قلته يا ولدي… يتلعثم الطفل ثم يقول بخجل: “صحيح يا أبي” ومشهد آخر لا يقل فظاعةﹰ ومراراﹰ عن سابقه، بطله أب وأبنه ابن الصف السابع الإعدادي، يكذب الأب الكذبة ويطلب شهادة ابنه فيرد مصدقاﹰ ومؤكداﹰ على ما قاله والده ويتضح لي فيما بعد وبعد يوم فقط أن الحادثة التي نسبها إلى أحد معارفي عارية عن الصحة ومختلقة ولا أساس لها من الصحة مطلقاﹰ، هذا ما رواه لي صاحب الشأن الذي نسبت إليه التهمة الملفقّة، والسؤال: ما ذنب هذا الابن البريء الذي زج به والده وأوقعه في مطب رغم أنفه وجعل منه “شاهد زور” مجاملا بذلك مسايراﹰ والده، أليست هذه جرائم تقترف بحق الصغار، فما ذنبهم وكيف لنا أن نتهمهّم بالكذب وقد حصلوا على الشرعية من الكبار معتبرين ما فعلوه هو من باب القيم المتعارف عليها وفضائل تصلح للمحاكاة والتقليد، فالوالدان في نظر أبنائهم وبناتهم مثال الفضيلة والأسوة الحسنة التي يجب أن يقتدى بهما.
وثقافة أخرى عند بعض صغارنا لا تقّل سوءاﹰ ومرارة عن ثقافة الكذب لدى الصغار ألا وهي ظاهرة إلقاء القاذورات والأوراق وقشور الفواكه والخضروات وأكياس المأكولات الفارغة وقشور البذور والمكسّرات وحتى القناني والعلب الفارغة، وأين يتّم إلقاؤها، ليس في أكياس أو صناديق القمامة، بل على قارعة الطريق أو وسطها أو كيفما أتفق، المهم ليس في مكانها الطبيعي الذي من المفروض أن تلقى داخله، هذه الثقافة السيئة والمرفوضة نجد جذورها لدى كبارنا، فبربكّم ما الذي نتوقعه من صغير يرى كبيره والمفروض فيه أن يكون القدوة التي يحتذى بها، يراه وقد ألقى بعقب سيجارته أرضا وداس عليها بنعله ومنفضة السجائر أمامه؟! وبنفس الطريقة يتعامل مع علبة السجائر الفارغة، أو يراه وقد ألقى بالزجاجة الفارغة أو علبة الشراب التي شربها للتو إما من شباك سيارته المتحركة أو على الرصيف أو على قارعة الطريق أو يتركها وشأنها حيثما جلس، ناهيك عن بعثرة قشور البذور المحمصّة والمكسّرات يميناﹰ وشمالاﹰ أو أحيانا إلى الأمام متفنّنا في إلقائها وهي داخل فمه.
والخلاصة: أليس حرّي بنا أن نلوم هذا النوع من كبارنا وليس صغارنا؟!!
فيا أيها الكبار، الرجال والنساء على حد سواء، ارحموا صغارنا، ارحموا أكبادنا التي تمشي على الأرض، أنشئوهم على القيّم الطيبّة والثقافات الفاضلة الحسنة، إنهم صفحات بيضاء ناصعة، انقشوا عليها، بلا خطوّا عليها كل ما هو جميل وحسن، ورحم الله امرءاﹰ رحم صغاره وكان لهم القدوة في الأحسن والأفضل وبمثابة الشعلة المضيئة في الطريق السوي القويم.
الخميرة الفاسدة لا بد ان تكون عجينتها فاسدة قصة ام توجهت مع ابنها لعيادة الطب النفسي لتلقي استشارة حول موضوع ادمانة على الكذب هناك تلقت مكالمة تلفونية من صديقة تسالها اين هي فتجيبها الام انها في السوق