دار العجزة.. مفخرة حضارة
تاريخ النشر: 01/02/15 | 11:54لقد كنت سعيداً جداً بالفرصة التي أتيحت لي للتعرف على واحدة من المؤسسات الحضارية العملاقة في تركيا، مؤسسة تحتضن من الخير أسماء ومجالات، وتقدم العون للمحتاج مسلماً ويهودياً ونصرانياً، دون سؤاله عن واقعه ودينه ووطنه ولونه وعرقه.
ففي لقاء جمعني مع الدكتورة آيلين تشيفتشي رئيسة دار العجزة في اسطنبول، حاولت أن أتطرق إلى دور الجمعية ورسالتها، وظروف نشأتها التاريخية، وعندها فاجأتني رئيسة هذه الدار بأنهم يحتفلون بانطلاقتها الخدماتية للعام ١٢٠ على التوالي، أي أن ميلاد هذه المؤسسة سبق ميلاد تركيا الحديثة بأكثر من ربع قرن.
مفخرة حقيقية من مفاخر التاريخ، تدخل من بوابتها العملاقة لتعرف حجم الحنان الذي يبذل للعجزة والأيتام ومن لا معيل لهم في الحياة، مسجد وكنيس وكنيسة، وورشات للرسم والعمل اليدوي لمن يحب من كبار السن، وحدائق ومطاعم وتنظيمات عالية المستوى، تستحق بها دار العجزة أن تحتفل بالذكرى الـ120 للتأسيس بكل عنفوان واعتزاز.
هذه الدار العامرة تم تأسيسها عام 1895 من قبل السلطان عبد الحميد الثاني، وكان أول من بادر مالياً بدعمها من ميزانيته الشخصية، كما أمر السلطان بتأسيسها بسبب زيادة عدد الناس الذين بقوا في الشوارع جراء الحروب التي تخوضها الدولة العثمانية مع روسيا وفي جبهات أخرى متعددة.
اهتمام السلطان عبد الحميد بالذات بكل شيء وبكل تفصيل في تأسيس المؤسسة التي استغرقت فترة استعداد طويلة جداً كان له دلالة واضحة على الأولويات في حياته، كما كان لتبرع السلطان عبد الحميد الثاني بثروته الشخصية لهذه المؤسسة أثر كبير على نفوس أهل الجود الذين أكملوا مسيرة دعمها من بعده.
دار العجزة اليوم.. صورة غير نمطية من صور العطاء، وبنظرة على الدور والرسالة، يمكن لك أن تتعرف إلى أشكال العمل الذي يتصدر له ساسة الدول المسؤولون في دعم احتياجات شعوبهم، والتكلف بحاجات المحتاجين والمعوزين، فتلك وظيفة الدولة، ويسندها مجتمع حاضن متفاعل مع مثل هذه المشاريع التي استمرت بالعطاء وتوسعت برغم تقلب السياسات والحكومات والظروف السياسية، حتى إنك لتدخل هذه المؤسسة الشامخة فتقول: عملاقة النشأة عملاقة الأثر والبركة والخير المبذول.
المستشار د نزار نبيل الحرباوي