شكرا يا اوباما.. ازلت القناع عن وجهك
تاريخ النشر: 23/02/11 | 1:31اعداد صديق الموقع ناظم 2000 – عن هآرتس 21/2/2011
قرر الحائز جائزة نوبل للسلام للعام 2010، باراك اوباما، استخدام حق النقض الفيتو ضد قرار يدعو اسرائيل الى الكف عن النشاط الذي يخرب، على حد قوله، مساعي السلام هو انتصار للسياسة الداخلية على السياسة الخارجية في القوى العظمى. العذر البائس، الذي بموجبه سيمس شجب البناء في المستوطنات بـ ‘المسيرة السلمية’، هو انتصار للانتهازية على الاخلاق. فقبل اسبوعين فقط، في ذروة المظاهرة في ميدان التحرير، أعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، عن تأييد الولايات المتحدة لـ ‘الحقوق الكونية لكل انسان بأن يعيش بحرية’. وحتى رئيس وزراء اسرائيل السابق، ايهود اولمرت، خريج ‘المعسكر الوطني’، يدعي في كتابه بأن المستوطنات تمس بحقوق المواطن، بجودة الحياة وبحرية حركة الفلسطينيين.
ولكن، ماذا كان سيحصل لو أن السفيرة الامريكية في الامم المتحدة، سوزان رايس، انضمت الى باقي اعضاء مجلس الأمن وصوتت الى جانب مشروع القرار لشجب سياسة الاستيطان؟ هل حكومة نتنياهو ليبرمان باراك كانت ستجمد الاستيطان؟ المبعوث الرئاسي جورج ميتشيل يعرف جيدا الجواب. قبل عشر سنين، قضت لجنة دولية ترأسها هو بأن سياسة الاستيطان ذات نزعة القوة تؤدي الى إهانة سكان المناطق وتشويش حياتهم. ودعا ميتشيل ورفاقه حكومة اسرائيل الى القرار اذا كانت المستوطنات ورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية، أم استفزازا يمنع بدءها. وأوصت اللجنة بتجميد توسيع المستوطنات، بما في ذلك الحاجة الى ‘النمو الطبيعي’. وتبنت الحكومة التقرير. عدد المستوطنين ارتفع منذ ذلك الحين بأكثر من 50 ألف نسمة.
توصية لجنة ميتشيل بالتجميد التام للمستوطنات، وكذا حل البؤر الاستيطانية التي أُقيمت منذ آذار (مارس) 2001، اندرجت في المرحلة الاولى من خريطة الطريق، التي قدمتها الرباعية الى الطرفين في نيسان (أبريل) 2003 (حكومة شارون لم تُدرج هذا البند في تحفظاتها الـ 14 على الخريطة). وبعد بضعة اشهر صوت مجلس الامن بالاجماع في صالح مشروع قرار الرئيس بوش، الذي دعا الاسرائيليين والفلسطينيين الى تنفيذ التزاماتهم حسب خريطة الطريق (قرار 1515). ماذا حصل منذئذ؟ صحيح، المستوطنات واصلت النمو. وكذا البؤر الاستيطانية. وهذا هو المكان للذكر بأنه في حزيران (يونيو) 2009 أبلغ بنيامين نتنياهو الكنيست بأن حكومته تعتزم ‘التوجه الى خطوة حل البؤر الاستيطانية غير المسموح بها’.
خلافا لادعاء الامريكيين، فان شجبا آخر في مجلس الامن ما كان ليقلص فرص تقدم السلام، مثلما لا يزيد الفيتو الذي استخدموه فرص ان يتوجه نتنياهو الى عرض موقفه في المسائل الجوهرية. منذ 1967 والاسرة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدفع للفلسطينيين ضريبة لفظية، بل وفي السنوات الاخيرة ضريبة مالية سخية ايضا. دولة لن تخرج لهم من هذا. ولولا جموع المصريين الذين وقفوا بشجاعة أمام الشرطة في ميدان التحرير، لواصل الامريكيون التلاعب بلسانهم عند قراءة التقارير الخطيرة التي ترفعها وزارة الخارجية عن وضع حقوق الانسان في مصر.
‘يوجد جيل شاب في الشرق الاوسط يبحث عن الفرص’، أعلن اوباما، حين فهم بأن عهد مبارك وصل الى مُنتهاه، وأضاف بأن ‘الزعماء لا يمكنهم أن يتخلفوا وراء مطالب الشباب’. وهو لا بد يقصد ايضا الجيل الشاب في نابلس وفي شرقي القدس، الذي يبحث منذ أكثر من 43 سنة عن الفرص للتحرر من الاحتلال ونيل الحرية والكرامة. وبدلا من شجب ازدواجية اخلاق اوباما، يجمل بالرئيس محمود عباس ان ينزع بدلته، يخرج من مكتبه الأنيق في المقاطعة وأن يدعو الشباب الى خيمة الاحتجاج التي يقيمها في ميدان المنارة في رام الله.
بدلا من التسلي بالوهْم في أن تعترف الامم المتحدة بدولة فلسطينية، عليه ان يعلن هناك، بأنه اذا أصر نتنياهو على رفضه عرض خريطة الحدود الدائمة، فان السلطة الفلسطينية ستبلغ الدول المانحة بأنها تغلق أبوابها وتُعيد المفاتيح الى الحكم العسكري الاسرائيلي. في هذه المناسبة لعل اليسار الاسرائيلي ايضا (بمن فيهم الموقع أدناه) يكف عن التباكي على ازدواجية اخلاق ‘العالم’ ويصحو من الوهم، بأن يُعرّض سياسي اجنبي كرسيه للخطر كي ينقذنا من أنفسنا. شكرا، يا اوباما، على أنك أزلت القناع وأريتنا وجهك الحقيقي. حان الوقت لأن ننظر في المرآة.