الإحسان إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

تاريخ النشر: 03/02/15 | 10:33

1- الإحسان إلى الرسول في القرآن الكريم:
أ- طاعته، التي هي فرض حتمي واجب على كلِّ مسلم ومسلمة، لأنّ طاعته هي طاعةٌ لله تعالى:
قال عزّ وجل: (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر/ 7).
وقال سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب/ 36).
وقال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (النساء/ 80).
ب- التأسِّي به، لأنّه خيرُ خلق الله، وأكملهم وأشرفهم، ولأنّه على خُلُقٍ عظيم، ولأنّه لشخصيّته الفريدة وسيرته الشريفة أسوة حسنة لكلّ الناس وليس للمسلمين فقط:
قال جلّ جلاله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب/ 21).
ت- محبّته، ففي شخصيّته (ص) تجتمع كلّ دواعي الحبّ والإعجاب والتّعظيم، فهو مثال الجمال والجلال والكمال، ومن مقتضيات حبِّه طاعته والعمل برسالته، والأخذ بسنّته، والتخلّق بأخلاقه:
قال تعالى على لسان نبيِّه (ص):
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران/ 31).
ث- الصلاة والسلام عليه، بما يعني ذلك من توقير وتكريم وتقدير وعرفان وثناء على الجهود الجليلة التي قام بها (ص) هو وأهل بيته (ع):
قال عزّ وجلّ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب/ 56).
يقول أحد الكُتّاب: إذا كان السلام الجمهوري والتحية العسكرية فرضاً على الجنود تبجيلاً لقادتهم، وإظهاراً للإخلاص لهم، فلا غرابة أن يكون من حقوق النبي (ص) على أُمّته، وهو سيد الخلق، تعظيمه والصلاة عليه، عند ذكر إسمه المُبارك أو سماعه.
ج- مودّة أهل بيته الطاهرين الذين فرضَ الله مودّتهم في كتابه الكريم، وجعلها أجر الرِّسالة:
قال جلّ جلاله: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى/ 23).
وقال الشاعر في وصفهم:
إنْ عُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمَّتَهَم **** أو قيلَ: مَن خيرُ أهل الأرض؟ قيلَ: هُمُ

2- الإحسان إلى (الرسول) (ص) في الأحاديث والروايات:
أ- زيارته في المدينة المنوّرة، حيث يتزوّد الزّائر من روحه الطاهرة مجلسه الكريم وسيرته الهادية، ويستلهم الأجواء التي تحرّك فيها ليُخرج أمّة الجهل إلى خير أمّة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر:

قال (ص): “مَن زارَني عارِفاً بحقِّي وجبت له شفاعتي”.
يقول الشاعر (إبراهيم برِّي) وقد أحسن زيارة رسول الله (ص):
عندما زرتُكَ التقيتُ بروحي **** إنّ روحي تطوفُ في مِحْرابِكْ
هي عطشى، عطشى لجُرعةِ ماءٍ **** ما ألذَّ الشرابَ مِن أكوابِكْ
طلعَ البدرُ إذ طلعتَ علينا **** ثمّ غابَت أنوارهُ بغيابِكْ
ب- أقرب الناس إلى النبي (ص) هم أتباعه الذين يهتدون بهديه، ويسيرون بسيرته، ويتحلّون بأخلاقه، ويحملون رسالته، فأفضل الإحسان إلى النبي (ص) العمل بما جاء وعلى قدر المُستطاع:
يقول الإمام علي (ع): “إنّ أولى الناس بالأنبياء أعلَمَهُم بما جاءوا به، ثمّ تلا قوله تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 68)”.
ثمّ قال: “إنّ وليّ محمّدٍ مَن أطاعَ الله وإن بَعُدَت لحمته، وإنّ عدوّ محمّدٍ مَن عصى الله وإن قَرُبَت قرابته”.
وعنه (ص): “ما أعظم فوز مَن اقتفى أثر النّبيِّين”.
ت- حُبّه (ص) وأفضله الطاعة له، لأنّ المُحبّ لِمَن يُحبُّ مطيعُ، بل حتى الحبّ المُجرّد الذي يجعلك تعشق القِيَم العالية من خلاله، وتنجذب إلى الصِّفات الحميدة من خلال الإنجذاب إلى صفاته، وانّك تحبّه لقُربه من الله، ولأنّه أفضل أنبياء الله، حتى هذا الحبّ هو لون من الإحسان:
نقل (أنس بن مالك): “أنّ رجلاً من أهل البادية سأل رسول الله (ص): متى قيام الساعة؟ فحضرت الصلاة، فلمّا قضى صلاته، قال: أين السائلُ عن الساعة؟ قال: أنا يا رسول الله. قال: فما أعددتَ لها؟ قال: والله ما أعددتُ لها من كثير عمل صلاة ولا صوم، إلا أنِّي أحبُّ الله ورسوله”.
فقال النبي (ص): “المرءُ معَ مَن أحبّ”!
قال (أنس): “فما رأيتُ المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيءٍ أشدّ من فرحهم بهذا”!
ث- الإقتداء به (ص) وبأهل بيته (ع)، لأنّهم يستقون من منبعه الصافي، وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنّة نبيِّه، ولأنّهم خدموا الإسلام خدمة عظيمة من خلال ما تركوه من منهج للعلم والعمل.
يقول (ص): “مَثلُ أهل بيتي فيكّم كمثلِ سفينة نوح، مَن ركبها نجا، ومَن تخلّف عنها غرقَ وهوى”.
يقول الشاعر فيهم:
إذا وُتروا مدّوا إلى واتريهم **** أكُفّاً عن الأوتار مُنقبضاتِ
وُتر: قُتِلَ قرينه أو صاحبه فبقيَ وحيداً.

3- الإحسان إلى (رسول الله) (ص) في الأدب:
يقول الشاعر في إعرابه عن إحسان رسول الله (ص) للناس كلّهم:

بِكَ الله أحيا نفوسَ الوَرى **** وكنتَ لها المُخلِصَ الخيِّرا
حملتَ لها شرعَكَ الأنورا **** فعمّ الضِّياء وولّى الظلام
سلوا عرشَ كسرى سلوا قيصرا **** سلوا الصِّينَ والهندَ والبربرا
سلوا مَن أهَلَّ ومَن كَبَّرا **** ألم يهتدوا برسول السلام؟
ومن الإحسان إلى رسول الله (ص)، أن تستمدّ الأُمّة عزمها من عزمه، ونهضتها من نهضته، وروحها من روحه. يقول الشاعر:
كلُّ ما عندنا إذا مرّت الذِّكـ **** ـرى، نشيدٌ ملوّنُ الترديدِ
لم نقف عندَها، لنفهمَ سرَّ **** النّصر، في دعوةِ النبي المجيدِ
إنّه دينه العظيمُ يُرينا **** في مجال السماء سرَّ الصعودِ
ويُغذِّي حياتَنا بربيع **** من هُداهُ سمحٍ ونبعٍ بَرودٍ
وحِّدي في لوائهِ.. خطوة الدّر **** بِ، وسيري إلى الصِّراحِ المشيدِ!

4- برنامج الإحسان إلى (الرسول) (ص):
تنويه: حينما نقول الإحسان لرسول الله (ص)، فإنّنا نعني به الإحسان إلى أنفسنا، فحتى الصلاة عليه وهي زيادة في البركة والإنعام الإلهي عليه وعلى آله الطاهرين، هي من فضل الله علينا في أن علّمنا كيف نقفُ في حضرة الرسول (ص) لنُعرب له عن إحسانه إلينا.
1- خيرُ الإحسان إلى الرسول (ص)، وهو إحسان لأنفسنا – كما قلنا – أن ندرسه بعناية، وأن نستلهم الدروس والعِبَر من سيرته الثريّة التي تُمثِّل البرنامج العملي لكل مسلم ومسلمة، وأن نستحضرهُ في المواقف العملية لنرى هل يرضى عنّا في الموقف أو يرفضنا ويغضب علينا، فهو مرآتنا التي نرى فيها حُسننا وقُبحنا، حُسننا الموافق لسيرته، وقُبحنا المُناهض لخطِّه.
2- أيُّ تذكّر لحديثٍ شريفٍ يُصحِّح مسارنا، ومفاهيمنا على الحياة، ويُحقِّق لنا نموّاً أفضل وأكمل، هو إحسانٌ لرسول الله (ص).
أيُّ استهداء بآيةٍ من آيات الكتاب الذي جاء به النبي (ص)، هو إحسان للنّبي (ص):
أيُّ خُلقٍ نأخذ به متأسِّين بأخلاقه، هو إحسان له (ص).
أيُّ سلوكٍ نسلكه إلى الله في خدمة الناس والحياة، وكفّ شرورنا وفسادنا عن ذلك كلّه، هو إحسان لنبي الإحسان (ص).
3- أيُّ محاربة للظّلم وإقامة العدل، وأيّ نشر لقِيَم الحقّ والخير والفضيلة في أيّة زاوية من زوايا الحياة والمجتمع، وأيُّ ابتعاد عن الرّذائل، هو من صُلب الإحسان إلى رسول الله (ص).
4- أيُّ بعثٍ للأمل في نفوس المُحبطين الذين يقفون على شفا حفرةٍ من اليأس، أي دفع للرّجاء وحُسن الظنّ بالله والثِّقة به، هو في مجرى الإحسان لرسول الله (ص)، نبيّ الرحمة والمحبّة والأمل الوضّاء.
5- أيُّ تعارفٍ مع الشعوب والأُمم الأخرى، للإستفادة من تجاربها الثقافية والعلمية والعمرانية والتنموية، هو في الصميم من الإحسان للإسلام، وبالتالي لرسول الإسلام (ص).
6- أيُّ استثمارٍ إيجابيٍّ للوقت علماً أو عملاً، ينفع الإنسان به نفسه، أو غيره، هو من أغنى مفردات الإحسان لرسالة الإسلام ورسولها (ص).
7- أيُّ انضمامٍ لجماعة الحقِّ وإن قلّت، بغية نشر الإسلام وتوسيع رقعته، وإقامته في الأرض، وتزكية الناس ممّا علقَ بهم من أدران الدنيا، هو انضمام للموكب المحمّدي (ص).
8- أيُّ تعاونٍ على البرِّ والتقوى، والصدق والأمانة، والرِّفق والتواضع، والحبّ والتسامح، والوفاء والإخلاص، هو إحسانٌ للنفس، وللآخرين، وللدِّين الذي علّمنا الإحسان، وللمُعلِّم الأوّل الذي جسّد الإحسان في حياته، وعلّمنا كيف يجب أن يمشي الإحسانُ بين الناس.

02

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة