الخلافات الزوجية، نشأتها وتجليّاتها
تاريخ النشر: 05/02/15 | 15:15يتمحور المفهوم المثالي للعلاقة بين الشريكين حول الدعم، التفاهم، السعادة والدفء. وفي الحقيقة، يرغب الأشخاص الذين يعيشون علاقةً حميمة بالبقاء قريبين من شريك حياتهم ولكن في الوقت عينه الحفاظ على الإستقلال الذاتي. فالحاجة إلى وجود اتفاق أو اختلاف عفوي مع الشريك يؤدي إلى تضارب بالإحتياجات، الآراء، الإهتمامات والقيم.
تنشأ الخلافات في المجتمع بطريقة متكتّمة بالتزامن مع الغضب والأخطاء التي تتعارض مع فكرة الإنسجام والحب. كما من الطبيعي جداً لأي ثنائي يعيش علاقة غرامية مواجهة المشاكل. ويمكن أن تتراوح هذه الخلافات بين إختلافات سطحية وغير مهمة لتصل إلى الخلافات الجدية التي إما تضعف العلاقة أو تقوّيها. ونتيجةً لذلك، من المهم التفريق بين الخلافات السلبية والإيجابية.
فيكمن التفسير المنطقي للخلاف بالتفكير بطريقة سلبية. تشمل الخلافات السلبية التصرفات المدمرة والتي عادةً ما تعدّ غير صحية وسيئة. وتسبب الخلافات المذكورة ما يصفه معظم الناس بالإستياء والعدائية والتدمير. وتؤثر جميعها سلبياً على علاقة الشريكين وراحتهما وحتى صحتهما.
يشكل الغضب المكبوت نوعًا من الخلافات السلبية. ويعرّف عنه باعتباره “الكبت اللاواعي” للغضب والذي يعبر عنه الأشخاص بكافة الطرق. وقد تكون إحدى الأساليب له كبت الإنزعاج إلى حين الإنفجار. ويمكن أن تتمثل الطرق الأخرى بالكآبة والضجر والإفراط في تناول الطعام أو أساليب أكثر عنفاً مثل الإعتداء اللفظي والجسدي.
والنوع الآخر من الخلافات السلبية هو الإعتداء الإنفعالي الذي يعبر عن الإستياء بشكل غير مباشر عوضاً عن التعبير عنه بصراحة. وعادةً ما يتخفى الأفراد الذين يعيشون علاقات غرامية تحت قناع التذمر الخاص بهم، والتهكم والمماطلة بوعدهم للشريك. ويترافق الإعتداء الإنفعالي مع ما يشار إليه باعتباره “العلاج الصامت”. ويتمثل العلاج الصامت بتجاهل أحد الطرفين لشريكه أو ادعائه بأن الأمور تسير بشكل جيد في الوقت الذي لا يعبر لفظياً عن عدم سيرها بالشكل صحيح.
فعلى سبيل المثال، كون أحد الشريكين كبش فداء لن يبني ثقة أي من الطرفين بنفسهما. إذ يعتبر الشخص الذي يتم لومه دائماً بسبب حدوث أي مشكلة كبش فداء. كما يطبق أسلوبٌ آخر وهو تحطيم الثقة بالنفس عندما يقوم أحد الطرفين بالانتقاد والتهكم على تعريف شريكهم لمفهوم الحقيقة.
وعلى الرغم من السلبية التي تتمحور حول فكرة الخلافات المرافقة للعلاقات إلا أن الخلاف عامل جيد بالتأكيد. فالخلافات الإيجابية تتمثل في الإختلافات التي تنشأ بين الشريكين والتي تعمل على بناء الحميمية وزيادة ثقة كل من الشريكين بنفسه. فعلى عكس الخلافات السلبية، قد تكون الخلافات الإيجابية مثمرة لأنها تخلق فهماً أعمق واحترام.
تؤدي الخلافات دوراً في توضيح الإختلافات بين الشريكين والتي غالباً ما تكون غير ظاهرة. وتسمح الإختلافات المذكورة والتي تم توضيحها في إيجاد حلول جديدة من أجل التعامل مع تلك الفوارق. ونتيجةً لذلك، سيحصل كل من الشريكين على فرصة للمشاركة بشكل فعال لإيجاد حل منصف للطرف الآخر.
بالإضافة إلى ذلك، تعالج الخلافات القضايا الصغيرة لتجنب تحولها إلى خلافات أكثر خطورةً. وعلى الأرجح، سيجد الثنائي الذي لا يقوم بمعالجة الخلافات الصغيرة استمرار الغضب والإستياء من الشريك. فمعالجة القضايا الصغيرة تحث على الصراحة، الإنفتاح، والإرتياح المتبادل الذي قد يؤدي إلى التواصل بين الجهتين.
وعلى الرغم من الشعور بأن الخلافات تؤدي إلى تعثر الحميمية بين الشريكين، ولكن غالباً ما تكون على خلاف ذلك. إذ يمكن مقاربة الخلافات باعتبارها “إثنين متساويين يعملان معاً من أجل حلّ المشكلة”. وبالتالي، قد تحسن وتقوي العلاقة من خلال زيادة ثقة كل من الشريكين بنفسه. ومن خلال البقاء متساويين، قد يسهل تأمين الإحترام المتبادل والثقة.
من المتعارف عليه أن وجود خلافات خلال العلاقات أمرٌ لا يمكن تجنبه. فبغضّ النظر عن ماهية المشكلة، يمكن وصفها باعتبارها صراعاً مريراً وتهديداً لكلي الطرفين في خضم العلاقة. ولكن، لن يساهم تجاهل الخلافات وتجنبها في حل المشاكل. لذلك، يجب على الأفراد تعلم طريقة التعامل مع مشاكلهم من أجل النمو وتحديد نقاط قوتهم باعتبارها متساوية.