الشعور بالذنب وحسن الظن بالله
تاريخ النشر: 12/02/15 | 17:50أحياناً نمر بظروف صعبة. نفتش في أعمالنا فنرى أننا أخطأنا في حق الله كثيرا. نندم حينئذ. وهذا الندم أمر مطلوب حتى يدفعنا إلى التوبة الجادة. هذا الندم ينبغي أن يكون إحساساً مؤقتاً يدفعنا فوراً إلى إصلاح أخطائنا بإيجابية وحسن ظن بالله أنه سيعيننا ويقبل منا توبتنا ويعطينا فرصة أخرى لتصويب أوضاعنا.
لكن أحيانا تسير الأمور مع الواحد منا بطريقة مختلفة، فبدلا من هذه الإيجابية وحسن الظن بالله يتجمد عند مرحلة الندم واجترار الذكريات وجلد الذات ومقت النفس. فتفسد نفسه وتتكدر. ويبدأ يشعر بأن هذا البلاء عقوبة محضة لا رحمة فيها, قاصمة الظهر التي ليس بعدها قائمة! لأن الله تعالى بعدما أعطاه فرصاً في الماضي فلم يستغلها قد مقته وسخط عليه ولن يعطيه فرصة أخرى!
ثم يتسرب إليه الشعور بالجفوة بينه وبين ربه سبحانه وتعالى! يحس بأن الباب قد أغلق والدعاء قد رُدَّ والشقاوة قد ضربت عليه ما امتدت به الحياة!
احذر! هذه مكيدة من الشيطان، بل هي من أخطر مكايده! فهو يجعلك تتوهم في البداية أن لوم نفسك بهذا الشكل مطلوب لأنه اعتراف بالذنب لكن الشيطان أوقفك عند مرحلة اللوم والندم وجعلك تبالغ فيها ليقودك إلى توهُّم شيء خطير للغاية! تتوهم قسوة القدر ومن قدَّره سبحانه! وفي هذه اللحظة من سوء الظن ستحس بالضياع المخيف!
أنت عندما تنقطع بك السبل و تغلق دونك الأبواب، فإنك لا تجد ملجأ و لا منجى إلا إلى الله. فإذا قنَّطك الشيطان من رحمة الله وأوهمك أن بلاءك عقوبة محضة ومقت من الله، فإلى أين تفر؟ و إلى من تلتجيء؟ و إلى من تتضرع؟ و من ترجو؟ ستحس بالضياع المخيف وهذا ما يريده الشيطان لك! طُرِد من رحمة الله فلا يحب أن يرى مرحومين أو طامعين في رحمة الله!
لاحظ أن الشيطان لن يأتيك من باب التشكيك في مغفرة الله هكذا مباشرة لن يقول لك: الله ليس غفورا رحيماهذه محاولة فاشلة بوضوح. لكنه سيأتيك من باب آخر! سيقول لك: الله غفور، لكنك لا تستحق مغفرته لأنه أعطاك فرصا في الماضي ولم تستغلها. الله عفو لكن أنت أفشل من أن تفعل ما تستحق به عفوه.
ماذا يريد الشيطان من هذا؟ يريد أن يوقعك في الاكتئاب!الاكتئابِ الذي يشل إرادتك عن إصلاح وضعك والعودة إلى ربك؟ هناك مصطلحات علمية توصف بها أعراض الاكتئاب المرضي. منها الشعور العميق بالحزن وشعور مبالغ فيه بالذنب (exaggerated sense of guilt)، وانعدامِ القيمة ونقصُ الدافعية.
الشيطان يجمدك عند مرحلة الإحساس بالذنب ويُشعرك أنك غير قابل للإصلاح، ليشل إرادتك للطاعة ودافعيتك للتغيير، وليفسد علاقتك بربك سبحانه.
إنه تعالى أرحم من أن يتربص بذنوب عباده المؤمنين فيبطش بهم ويخرجهم من رحمته ويحرمهم فرصة أخرى.
أخي، إذا جاءك الشيطان فقال لك: أنت لا تستحق رحمة الله. فقل:نعم، أنا لا أستحقها لكنه تعالى سيرحمني لأنه أكرم من أن يعامل عباده بما يستحقونه!
إذا قال لك الشيطان: إن الله يبتليك عقوبة لأنه يكرهك فقل له: بل يبتليني ليطهرني ويربيني.
إذا قال لك:أنت أحط من أن تستأهل رحمة الله، فقل له: رحمة الله أوسع من تضيق عني ولا تشملني.
لا تَدَع الشيطان يفسد علاقتك بالله!
إنه الله: أرحم الراحمين.