هل السحر موجود فعلاً
تاريخ النشر: 14/02/15 | 14:30السحر موجود، وهذا السحر الموجود ضعيف {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} وقال تعالى: {وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}، فالسحر موجود، وهو شبيه تماماً بشيء مثل الإنفولونزا، أما كيفية ذهابه، فإنه يذهب بقراءة القرآن، أما تخيل بعض الناس أن السحر هذا في منتهى القوة بحيث إننا نقرأ القرآن كله عليه فلا يشفى، ولا يتم تحرره منه، فهذا أوهام يجب أن ننتهي منها، وهذه من عقليات الخرافة، فالسحر موجود والسحر له علاج، وعلاجه في منتهى الباسطة، آية الكرسي تذهبه، المعوذتان تذهبانه، قراءة الفاتحة تذهبه؛ لأن كيد الشيطان ضعيف، ولم يجعل الله – سبحانه وتعالى – لهذه الشياطين علينا سبيلاً {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فليس هناك سلطان من هذا الذي يرانا هو وقبيلة من حيث لا نراه، هذه الأشياء أخبرنا عنها الله – سبحانه وتعالى – وهو أعلم بغيبه.
وأخبرنا أيضاً أنها محدودة، فلا يستطيع الساحر أن يحكم البلاد مثلاً أو أن يتصرف في العباد، أو أن ينتصر في الجيوش، وإلا لفعلوها السحرة قديماً وحديثاً، لكنهم لم يستطيعوا؛ لأنها توهيمات {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} فهي تخيلات.
وحكم الساحر ضربه بالسيف، فهذا حكم شديد، ولكن من الذي قال إنه ساحر؟ ولذلك هنا ينبغي لنا أن نحيله إلى القضاء، والقضاء هو الذي يتأكد من سحره أو عدمه. ومن هنا قالوا للقاضي: تعلم السحر ولا تعمل به. فالعلم بالشيء أفضل من الجهل به، وقالوا: إن القاضي يُباح له أن يدرس السحر من أجل أن يكتشف الساحر، ومن أجل أن يحكم عليه إذا كان فعلا هو ساحرا أو دجال، لأن السحرة الذين يقولون: نحن سحرة، ومتصدون للسحر، ٩٩.٩% منهم كذابون ودجالون، ولا يعلمون سحرا ولا أي شيء.
أما الباقي، وهو واحد في الألف، فيكتشفه القاضي بشكوى الناس، فيشكو الناس، ويقولون: إن هذا الرجل قد آذي فلانا، يشكي إلي القاضي، والقاضي يأتي ويري إذا كان هذا ساحرا أم لا وبالطبع معرفة الساحر من عدم الساحر قد لا تتأتي إلا بالإقرار، أنه يقر علي نفسه فيتوبه القاضي وهنا ليس عليه عقوبة فالقاضي يتوبه، ويقول له: لا تفعل هذا ثانية. ويأخذ عليه التعهد وينقله من بلدته التي هو فيها، ويسكنه بلدة أخري من أجل أن يبدأ حياة جديدة، أما ضرب الساحر بالسيف فيكون إذا قتل الساحر بسحره أحدا، فالساحر لو قتل يقتل، فهو عندما يصل حجم ضرره إلي قتل الآخرين يقتل أما مجرد السحر هكذا، بأن جعل أحدهم يصاب بالصداع، أو يقع من علي دابته فعقابه التتويب، والابتعاد عن البلدة، أو الحبس.
-وماذا عن الشيوخ الذين يصدرون أنفسهم لعلاج السحر بالقرآن أو الدعاء؟
عمليا، أغلب هؤلاء دجالون والعلاج بالقرآن هو نوع من أنواع الدعاء لا علاقة له بالعلاج الإكلينيكي فليس عندنا كتاب مذكور فيه أن من يفعل كذا يحدث كذا، أو أنه جرب علي البشر فوجد صحيحا وإذا كان الشخص المعالج من غير أموال يأخذها ولا منافع يطلبها، وإذا كان علاجه بالدعاء والقرآن فقط فلا بأس به.
أما الذين يتاجرون ويربحون الأموال الطائلة فهؤلاء مجموعة من الدجالين والمنحرفين، يستعملون الدين في غير ما هو له، هذا الدين هداية، وبعض الناس يريدون استعمال الدين في السياسة، وبعض الناس يستعملون الدين في الاقتصاد، وبعض الناس استعملت الدين في الرياسة والزعامة مع الناس، والسيطرة والهيمنة عليهم وعلي عقولهم، وفي الدجل، وفي الإرهاب الفكري، وفي الإرهاب من ناحية العنف والدم كل هذا لم ينزل الله الدين من أجله، إنما قال: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}، وليس دجلا للدجالين، ولا سلاحا لمن يريد أن يصل إلي كرسي الحكم، أو وضع اقتصادي يجمع فيه أموال الناس بالباطل ويأكلها فالعملية واضحة جدا والحق موجود، واستعمال الحق في غير ما هو له قضية أخري. الجن موجود، والسحر موجود، والدعاء موجود، واستجابة الدعاء موجودة، وقراءة القرآن نوع من أنواع استجابة الدعاء.
– ابنتي لا تريد أن تتزوج، وقد ذهبت إلي شخص فأخبرني أن شخصًا عمل لها سحرًا، وبسبب هذا كلما أتاها عريس تركها وذهب؟
ربنا – سبحانه وتعالى – قال: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} وأنا لا أتصور في عصرنا الحاضر أن كل البنات غير المتزوجات عمل لهن سحر، ظاهرة العنوسة وصلت إلي حد الظاهرة الاجتماعية، فهل كل هؤلاء قد عمل لهن سحر؟ ومن هذا الساحر الذي استطاع أن يعنس كل هؤلاء ويوجد ظاهرة في البلد؟!
القضية أن الشباب الآن لم يعد له مقاييس كما كان في الماضي، يأتي الولد وهو يريد أن يتزوج أجمل البنات، وأغني البنات، وأذكي البنات وأكثرهن تعليما، وهو ليس فيه أي صفة من هذه الصفات، فإذا نظر إلي البنت البسيطة تجده يعيب عليها أي شئ، فهناك مقاييس اختلت، وأصبح هذا الصنف من الناس يذهب إلي هذه وهذه ويترك دون سحر أو جن أو عفاريت إلخ.
ولذلك علينا في هذه الحالة أن نبحث عن أنفسنا، كيف كان استقبالنا للعريس؟ فمن الممكن أن تكونوا فعلتم شيئا فيه خلل وكنا نحن السبب في تركه لابنتنا وليس السحر أو الجن كما أنه من الممكن أن يكون العريس نفيه غير جاد يأتي ويجلس ثم يذهب ولا يعود
فالأمور لابد أن نتعقل فيها، علينا أن نغير أساليبنا إلي الأساليب التي فيها الأصول والأخلاق لأن هذا سوف يؤثر تأثيرا بليغا لذلك يجب علي الناس أن يتعوذوا من مثل هذا، فعندنا آية الكرسي، وعندنا المعوذتان، والفاتحة كل هذه الكلمان الربانيات التامات التي تصرف كل سوء والتي يستجاب بها الدعاء والتي تصد عنا أي شر أو أي أذية من أي جهة فنرجو أن نستعمل هذا (آية الكرسي الفاتحة المعوذتين) كل يوم تقرأهم وكل هذه الأشياء تؤهل لاستجابة الدعاء ولكن لا تغالوا في قضايا السحر وكأن السحر ليس موجودا إلا في هذه المنطقة العربية فقط وباقي العالم ليس فيه سحر فهذا أمر غريب خاصة في موضوع العنوسة بالذات.
والحقيقة أنها أصبحت ظاهرة من قلة الأخلاق، ومن قلة الأصول، وليس من السحر والعفاريت.
بارك الله فيك على هذه المقالة , فعلا خلقت في املا جديدا . مشكوور 🙂