هنيئا لك أيها النهر…

من: دعاء عبد السلام صعابنه, كفرقرع

في احد الأيام الربيعية الجميلة رأيت نهرا جميلا خلاباً كان يجري بسرور وفرحة وعذوبة لقد شعرت كأنّ خريره الجميل سنفونية جميلة تُعزَفُ بإتقان وأناقة بل رقة لا متناهية.. لقد تسللت إلى قلبي كالأشعة بل كالأوتار تنساب وتملا شغاف قلبي دون سابق إنذار, دون أي تحذير, دون إذن بالعبور ومع ذلك كله لم يبدر مني أي ردة فعل لم اعترض لأنها دخلت حصوني أو لأنها عبرت جدراني وذلك لأنها لم تخلع الأقفال لم تحطم القيود بل فككتها بكل رقة فسحرتني و أبهجتني كما فعل الخرير العذب الجميل ..ولكن …لم يكفي كل هذا السحر …. أرجوكم رحمة بي ورأفة على قلبي المسكين ألا يكفيه كل هذا الانبهار.. بلا انه يكفي ويزيد ولكن لن أحرف ما رأته عيناي فقد كان ما هو أعظم فعندما نظرت إلى المياه المنسابة التي تتعاون معا يدا بيد أو بالأحرى قطرة بقطره يتعاونّ معا يجسدنّ التعاون يكوِّنّ معا كتلة متكتلة لا ليسحبهنّ التيار بل ليكنّ هن التيار يسحبن العقبات لتنحني لهن ويدفعن الأخوات ليقتدين بهن لقد جسدن كل معاني الإنسانية كل معاني الأُخُوَّة وكل معاني الأمومة والرحمة وهنّ لسن بإنسان حتى..! أفما آن لنا أن نخجل من أنفسنا ..؟؟!!! أفما آن أوان الاستيقاظ من سبات اللحد العميق..!! نعم فلقد رأيت التعاون على حقيقته ولا اقصد بحقيقته ذروته او أُهبته إنما بشكله الظاهر للعين فهو ليس مجرد شعور جميل أو تصرف جميل بل هو أيضا منظر ساحر جميل مياه متدفقة حولها أزهار وعصافير تغرد فهنيئا لك أيها النهر ..لقد سبقتنا حضارةٌ وتحضرا..فقد طلبنا العلم يوما فكنت مدرسة في العلم والقيم … فلم نفلح بدون مكارم الأخلاق فكنت بها السابق السباق.. ثم تخلفت عقولنا ويأسنا فطلبنا ألطّلَّة والجمال …فهزمت كل الجمال وزدت على الجمال جمالا…

فهنيئا لك أيها النهر..