الفرق بين الحسد والعين “الغبطة والحسد”
تاريخ النشر: 16/02/15 | 7:05العين: نظر بإستحسان قد يشوبه شيء من الحسد. ويكون الناظر خبيث الطبع
فالحاسد: قد يحسد ما لم يره، ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه، ومصدره تحرق القلب واستكثار النعمة على المحسود، وبتمني زوالها عنه أو عدم حصولها له وهو غاية في حطة النفس.
والعائن: لا يعين إلا ما يراه والموجود بالفعل، ومصدره انقداح نظرة العين، وقد يعين ما يكره أن يصاب بأذى منه كولده وماله.
قال ابن القيم: (العاين والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء؛ فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه؛ فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته، والحاسد يحصل له ذلك عند غيب المحسود وحضوره أيضًا، ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده من جماد، أو حيوان، أو زرع، أو مال.
وقال أيضًا (العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد…وأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد، وليس كل حاسد عائنًا ).
تعريف الحسد
الحسد في اللغة: تمنى زوال النعمة من الغير.
أما في الشرع فيقول الإمام النووى( واعلم أن الحسد يطلق على:
تمنى زوال النعمة من الغير).
(وكذلك على تمنى اصطحاب عدم النعمة ودوام ما في الغير من نقص أو فقر أو نحوه).
الحسد من القوى الخفية في الكون ولولا أن الله تعالى ذكر لنا الحسد في القرآن الكريم لما عرفنا شيئاً عنه. فهو غيب عنا في كل صوره وقد أمرنا الله تعالى أن نستعيذ به من شر الحاسد. قال تعالى( وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). [الفلق: ٥] أي من شر تلك القوى الخفية التي تصيب الإنسان بالضرر والتي تملأ القلوب بالحقد.
فإن الحقد هو الغل الشديد، وأما الحسد فهو تمنى زوال النعمة عن الغير.
وأمَّا الحسد فله معنى آخر، ألا وهو تمنِّي زوال النعمة عن الغير، قال الإمام الحسن البصري: (ما من آدمي إلا وفيه الحسد، فمَن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه منه شيء)
من ذلك نعلم أنَّه وإن كان الداء موجودًا في بني الإنسان، إلا أنَّ المخرج واضحٌ جليّ، والبغي هنا أخوتي معناه الظلم، أي أخي المسلم إن وجدت في نفسك شيئًا من الحسد، فلا تقدم على عملٍ أو فعلٍ يؤكِّد إحساسك ويؤدي إلى الإضرار بأخيك أو بأختك.
والحسد منافي للإيمان لأن فيه عدم الرضا بقضاء الله. وعدم الرضا بما قسمه الله تعالى لعبده وعدم الرضا بأقدار الله فى كونه وان الله قد وزع على الناس النعم بالعدل. فهذا أعطاه نعمة الصحة وهذا أعطاه نعمة الذكاء وهذا أعطاه نعمة المال.
الحسد دليل الجهل
إذا كان للحسد مؤشر هذا المؤشر يتناسب مع الجهل، الحسود لا يعرف الله، لا يعرف طبيعة الحياة الدنيا لا يعرف طبيعة الآخرة، لا يعرف مهمة الإنسان في الدنيا، لا يعرف سر التكليف، لا يعرف ما الأمانة، لا يعرف ما قيمة العمل الصالح، هذا الحسود، فالنبي عليه الصلاة والسلام، طبعاً الأقوال كثيرة جداً في الحسد.
قل لي من بات لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فــعله إذا لم ترض بما وهبـــــــــك
لكن بالمقابل ليس مشكوراً، ولا مستحسناً، ولا مقبولاً، وليس من علامات الحكمة والعقل والذكاء والأدب مع الله عز وجل أن تزهوا على الناس بما عندك، ليس من العقل والحكمة أن تعرض ما عندك للناس، أن تفتخر بما عندك، هذا الوضع يستجلب الحسد، لهذا قالوا: كثرت الظهور تقسم الظهور، ماذا فعل قارون، قال: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) ( سورة القصص: ٧٩ ).
جاهد نفسك، وتذكَّر قول الله عز وجل في كتابه العزيز: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا)، أي أنَّ المطلوب منك بدايةً: أن تبدأ طريق إصلاح قلبك بأن تقتنع بأنَّ مجرد الإحساس بالحسد والحقد إحساس خاطئ.
أمَّا الخطوة الثانية، فهي التفكُّر في حكمة الله في إسباغ نعمٍ معيَّنة على أناسٍ دون أناس، وخَلْقٍ دون خَلْق، مع عدم التعجُّب من فعل الله، وظن الإنسان أنَّه كان أولى من غيره، فإبليس اللعين إنَّما أودت به هذه الفكرة، وجعلته في غضب الله ولعنته، بلا طوق نجاة واحد.
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال (لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل أتاه الله مالاً فو يهلكه بالحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ). [رواه الإمام بخاري والنسائي]
وفي رواية للشيخين:
لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها.
كلمة الحسد وردت في القرآن الكريم:
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)
(سورة الفلق: ١ ـ ٥).
فالحسد ثابت في القرآن الكريم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
إن العين لتضع الجمل في القدر، والرجل في القبر.
أي عين الحسود، بعض علماء القلوب يقولون: إن الحسد حينما تسري هذه العين الحاسدة يسري شعاعها إلى إنسان محسود غافل عن الله عز وجل، فالغافل إذا حسد أصابته عين الحسود، أما إذا كان معتصماً بالله وكان مستعيذاً به، ملتجئاً إليه، قولك أعوذ بالله ينتهي كل شيء يعنينا من هذا الكلام أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا حسد، الحسد في التعريف الدقيق أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك، كي تنصرف إليك أو إلى غيرك، على كلٍ أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك هذا حسد لا شك فيه، هذا حسد، وهناك حسد من نوع مثقل وهو أن تسعى عن طريق الوشاية، أو عن طريق المكر، أو عن طريق الإيقاع في أن تزيل هذه النعمة عن أخيك، إذاً الحسد في أصله تمني زوال النعمة، وفي فعله أن تسعى جاهداً كي تزيل هذه النعمة عن أخيك لتنصرف إليك أو إلى غيرك هذا هو الحسد.
بعض أمثلة الحسد في القرآن
ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعض أيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم.
ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء.
إن تمسسكم حسنة تسؤ كم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها.
(الفرح شماتة والحسد والشماتة متلازمان).
ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا.
(نفى الحسد من أخلاق المؤمنين).
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.
وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم (أي تحاسدوا من بعد ما جاءهم العلم فضاع منهم العلم).
ذم الحسد روى الإمام مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا)ً.
وورد عن عوف بن عبد الله – وهو من كبار السلف – قال لأحد الأمراء – الفضل بن المهلب: (أنى أريد أن أعظك بشيء: إياك والكبر فإنه أول ذنب عصى اللهَ به ابليسُ.
وإياك والحرص فإنه أخرج آدم من الجنة.
وإياك والحسد فإنه قتل ابن آدم أخاه حين حسده ثم قرأ ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: ٢٧].
إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب يقول الفقيه أبو الليث السمر قندي رحمه الله تعالى: يصل الحاسد خمس عقوباتٍ قبل أن يصل حسده إلى المحسود:
أوّلها: غمٌ لا ينقطع.
وثانيها: مصيبةٌ لا يؤجر عليها.
وثالثها: مذمةٌ لا يحمد عليها.
ورابعها: سخط الرب.
وخامسها: يُـغْـلَـق عنه باب التوفيق.
الحسد داءٌ منصفٌ، يفعل في الحاسد أكثر من فعله بالمحسود.
(ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض ).
لا يخلو جسدٌ من حسدٍ، فالكريم يخفيه، واللئيم يبديه.
أنه إنسان لا يرضى بقِسم الله تعالى، معترض عليه في شؤونه مع خلقه، لسان حاله: أنه كيف الله تعالى يعطي فلان ويمنعه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)
وقد جاء في الحديث القدسي: عن الرسول (صل الله عليه وسلم): قال الله عز وجل لموسى بن عمران: (يا بن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي، ولا تمدن عينيك إلى ذلك، ولا تُتبعه نفسَك، فإن الحاسد ساخط لنعمي، صادٌ لقسمي التي قسّمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني ).
علاج الحسد
١- التقوى والصبر.
٢- القيام بحقوق المحسود.
٣- عدم البغض.
٤- العلم بأن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والآخرة.
٥- الثناء على المحسود وبرّه.
٦- إفشاء السلام.
٧- قمع أسباب الحسد من كبر وعزة نفس.
٩- الإخلاص.
٩- قراءة القرآن.
١٠- تذكر الحساب والعقاب.
١١- الدعاء والصدقة
قال عليه الصلاة والسلام: لا حسد.
يعني أصل الحسد غير موجود في حياة المؤمن، فإذا وجد فليس بمؤمن، هذا يسمونه باللغة في علم الأصول المفهوم المخالف، ربنا عز وجل مثلاً قال:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا) ( سورة النور: ٥٥ ).
الغبطة
فأمَّا الغبطة فهي أن يتمنَّى الإنسان نعمةً في يد أخيه دون أن يصاحب ذلك تمنِّي زوالها عمَّن يملكها.
وهذه لا نؤاخَذ عليها، لا في الدنيا ولا في الآخرة..
علماء الدين قالوا: يمكن أن تغبط أخاك، الغبطة شيء والحسد شيءٌ آخر، الغبطة أن ترى نعمة على أخيك تتمنى أن يكون لك مثلها، هنئه الله، وأكرمه الله، وبارك الله له بهذه النعمة، ويا ليتني عندي مثل ما عنده، هذه الغبطة..
الغبطة: أن تتمنى أن يكون لك مثل ما لأخيك المسلم من الخير والنعمة ولا يزول عنه خيره. وقد يجوز أن يسمى هذه منافسة ومنه قوله تعالى( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين: ٢٦]
فمجرد تمني مثل خير يصل إلى غيره فهو غبطة، وإن زاد على التمني بالسعي لبلوغ مثل ذلك الخير أو ما فوقه فمنافسة.
قال ابن منظور: (الغبط أن يرى المغبوط في حال حسنة، فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة، من غير أن يتمنى زوالها عنه، وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له، وأما الحسد فهو أن يشتهي أن يكون له ما للمحسود، وأن يزول عنه ما هو فيه).
الغبطة في القرآن ما يؤكدها ؟
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)(سورة المطففين: ٢٦)
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ?(سورة آل عمران: ٣٨ )
لما رأى السيدة مريم قال:
?قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ?
لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١) ( سورة الصافات: ٦١ ).
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) ( سورة يونس: ٥٨ )
معنى في شيء يجب أن تفرح به، في شيء يجب أن تتنافس فيه في شيء يجب أن تسعى عليه تسعى إليه متنافساً، ومقبلاً، لذلك:
)إن الله تعالى يباهي ملائكته بالشاب العابد فيقول أيها الشاب التارك شهوته لأجلي المبذل شبابه لي أنت عندي كبعض ملائكتي).
(أخرجه ابن عدي من حديث ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ).
المؤمن إذا رأيته يسعى لمرضاة الله، إذا رأيته يسعى لحضور مجلس علم إذا رأيته يسعى لعمل صالح، إذا رأيته يسعى للمسجد، إذا رأيته يسعى فلطلب العلم، إذا رأيته يسعى فلخدمة الخلق، إذا رأيته يسعى فلبر الوالدين أقول لكم شيء إذا الإنسان ما أحس بالغيرة في قلبه من مؤمن حالته تعبانة كثير، إذا شاف مؤمن متفوق عليه، بعلمه أو بحكمته وبعمله الصالح وبإدراكه الدقيق، وما تعلمه من قرآن، ما شعرت برغبة تكون مثله، ما شعرت بالغيرة هي، هذه غيرة محمودة يا أخوان، أن تغار من أخيك المؤمن، وأن تغبطه على ما هو فيه، وأن تتمنى أن تكون مثله، وأن تسعى إلا أن تكون في مرتبته، هذا شيء محمود، هذا شيء مرغوب لازم تغار، لازم تشعر بالغبطة..
وقد تنافس الصحابة في الخير، وبذلوا أسباب الكمال؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلِّ ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا( رواه أبو داود والترمذي). وقال: حسن صحيح.
أبو بكر كان يسابق إلى الخيرات حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام كان جالسًا مع أصحابه فقال للصحابة الجالسين: (من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ فقام أبو بكر فقط فقال: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من عاد منكم اليوم مريضًا؟ فسكت وقام أبو بكر فقال: أنا، قال: من تبع منكم اليوم جنازة؟ فسكتوا وقام أبو بكر فقال: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت هذه في يوم لعبد إلا أدخله الله الجنة).
وهذه كانت حالة الصالحين والصحابة رضي الله عنهم.
قارئ القرآن يرى أن كل شيءٍ وقع أراده الله، وأن كل شيءٍ أراده الله وقع، وأن إرادته متعلقة بالحكمة، وحكمته متعلقة بالخير المطلق قارئ القرآن يرى أن الله مع كل مخلوق، وما من حدث يقع إلا والله سبحانه وتعالى عليم به وله فيه حكمة بالغة، فلذلك كما قال عليه الصلاة والسلام: لا يخرف قارئ القرآن.
(أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي ) لا يحزن لأنه معه تعليمات الصانع.
مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (سورة النحل: ٩٧ ).
قاعدة الحسد الغبطة
اشتركت القاعدتان في أنهما طلب من القلب غير أن الحسد تمني زوال النعمة عن الغير، والغبطة تمني حصول مثلها من غير تعرض لطلب زوالها عن صاحبها ثم الحسد حسدان تمني زوال النعمة وحصولها للحاسد وتمني زوالها من غير أن يطلب حصولها للحاسد، وهو شر الحاسدين؛ لأنه طلب المفسدة الصرفة من غير معارض عادي أو طبيعي ثم حكم الحسد في الشريعة التحريم، وحكم الغبطة الإباحة لعدم تعلقه بمفسدة ألبتة، ودليل تحريم الحسد الكتاب والسنة والإجماع فالكتاب قوله تعالى {ومن شر حاسد إذا حسد} أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله وقوله تعالى {، ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} أي لا تتمنوا زواله؛ لأن قرينة النهي دالة على هذا الحذف، وأما السنة فقوله: صلى الله عليه وسلم { ولا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله – تعالى – مالا فهو ينفقه أناء الليل وأطراف النهار} أي لا غبطة إلا في هاتين على وجه المبالغة، وقال عليه السلام {لا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا } وأجمعت الأمة على تحريمه وقد يعبر عن الغبطة بلفظ الحسد كالحديث المتقدم، ويقال: إن الحسد أول معصية عصي الله بها في الأرض حسد إبليس آدم فلم يسجد له.
تنبيه
الغبطة هي أول درجة من درجات الحسد فينبغي على الإنسان أن يعالج نفسه ولا يطلق لها العنان لان بين الغبطة والحسد شعرة.
الحسد مرض نفسي يؤذى الحاسد وضرره على الحاسد أكبر من ضرره على المحسود غالباً. لذلك امرنا الله تعالى أن نتحصن ونستعيذ به من شر الحاسد.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرضى عنا، وأقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا مولانا رب العالمين، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعناً مباركاً مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ومعنا شقياً ولا محروماً، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.