خفايا الإرهاب: متاريس وكواليس التضليل والكذب!
تاريخ النشر: 17/02/15 | 17:00كنت اتحدث بصمت مع ذاتي حول فكرة ما فداهمت اخرى فجأة حالي الصامت وعقلي الراكد لتبعث فيه حراك من التأمل في حبال وخيوط حالة تشربكت عموديا وعنقوديا وعنكبوتيا الى حد انها تشابكت في سلسلة من الشباك لا تحصى ولا تعد، لتتقولب في قوالب عصية على الفصل والتفصيل والتمحيص الى حد استحالة تنقيح الحاله مما يشوبها من مأسي وعيوب وشوائب بثقل الجبال تجثم على صدر امة ابتلت ببلايا المتاريس الفكريه والايديولوجيه والسياسيه والطائفيه والعرقيه التي تُبرر من وجهة النظر هذه او تلك ان يذبح الجار جاره لكونه شيعيا او سنيا او مسلما او مسيحيا لابل ان الكارثه ان الامر اخذ منحى كارثيا اخر وهو ان يذبح الانسان اخيه الانسان بساديه وهمجيه لاتمارسها البهائم التي تتهم بالبهيميه ظلما وزورا في حين اننا نعيش البهيميه البشريه الحقيقيه وليست تلك البهيميه المشتقه من مسلكية البهائم التي ترقى الى مستوى انساني واخلاقي متقدم اذا ما قارناها بهذا البهيم البشري الذي يحمل سكينا وينحر اخيه الانسان باسم الدين والطائفه والعرق…ذبح وحرق من المحيط الى الخليج ومن المشرق الى المغرب العربي الذي كان حلما عربيا نقيا وجميلا وصار كابوسا ملطخا بالذبح والدم…دماء جاء مَّد البحر وجزَّرها بعد ان جز جزار بهيم رقاب اهلها الغلابه والبسطاء الذين سعوا في مناكبها لتحصيل لقمة عيش شحَّت عليهم في وطنهم فكان لهم الموت السادي بالمرصاد؟!!
للحقيقه وجهين او اكثر لكن الوجه الاكثر بروزا في هذا الصدد وهذه الاشكاليه هو الثورات المضاده “العربيه”…ثورات علينا وعلى عدانا التي فرضت معادلة الموت والفوضى الجاريه في العالم العربي وهي الثورات التي قادتها الرجعيه والدكتاتوريه العربيه لإجهاظ ثورات الشعوب العربيه في منبتها حتى لا تصلي بلهيبها لاحقا عروش ممالك وامارات المحميات الامريكيه في العالم العربي وبالتالي ما لا يريد احد ذكره في الاعلام العربي هو ان الفوضى الحاصله في هذه الاثناء هي نتيجه تراكميه بدأت تتدحرج تفاصيلها وفصولها منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ومرورا بالحراكات الشعبيه العربيه 2010 وحتى يومنا هذا التي تجلت وتبلورت فيه صوره مأساويه تعيشها الكثير من الاقطار والشعوب العربيه في العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا والحقيقه الصادمه اليوم هي ان هذه الاقطار العربيه تعيش حرب اهليه وطائفيه تتفاوت حدتها ودمويتها من قطر عربي الى اخر لكن الحرب الاكثر دمويه هي تلك الحرب الطاحنه الجاريه في سوريا والعراق والتي تبدو في ظاهرها انها حرب بين تنظيم ” داعش” وحلفاءه من جهه والنظامين السوري والعراقي ومشتقاتهما وما يسمى بالتحالف الدولي من جهه ثانيه والسؤال المطروح : لماذا يتمترس العرب وراء متاريس التضليل والجهل والتخلف ويتناسون الجاري خلف الكواليس بما يتعلق بالواقع والمصير العربي؟؟
يُصاب الانسان بالذهول والدهشه وهو يشاهد نشرات الاخبار في الفضائيات وغيرها من وسائل اعلام عربيه وهي تطرح الاخبار بسطحيه دون التطرق لخلفية واسباب الاحداث الدمويه الجاريه في العالم العربي وهي الاحداث التي حصدت ارواح مئات الالاف من الناس وشردت الملايين من البشر في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا ومازال المسلسل الدموي ماضيا في عرسه الدموي والحبل على الجرار.. وما زال العرب متمترسون وراء فلسسفة التبرير والتمرير والاستمرار في التضليل الاعلامي الذي اخفى وما زال يخفي حقيقة خلفية الاحداث ومسبباتها ويتستر على دور الانظمه العربيه الدكتاتوريه في بروز وتطور ثقافة القمع والذبح والهمجيه التي تمارسها ” داعش” وميليشيا الحشد الشيعي كمشتقات ونتاج لثقافة الذبح وقطع الرؤوس اللتي تنتهجها انظمه عربيه كثيره منذ عقود من الزمن وعلى راسها النظام السعودي الذي يقطع رؤوس البشر بالسيف في الاماكن العامه تحت لافتة ” القصاص” وعن ماهو جاري منذ عقود في سوريا والعراق ومصر وكامل بلدان المشرق والمغرب العربي فحدث بلا حرج عن قتل الناس وقمعهم وسجنهم وإختفاء اثار الوف مؤلفه من المعارضين الى ابد الابدين واخرون اكل العفن والتهم الدود اجسادهم الحيه في اقبية السجون وهم احياء يرزقون كما جرى في المغرب ابان حكم حسن الثاني في القرن الماضي..!!
.. واخرون ماتوا او فقدوا عقولهم في سجون النظام السعودي وسجون الانظمه العربيه الدكتاتوريه سواء في الخليج او في مصر او سوريا او العراق او الاردن وغيرهما من انظمه عربيه اسست لثقافة الموت والرعب والذبح والحرق الذي نشاهدها اليوم بشكلها السادي والهمجي عبر الاشرطه اللتي تبثها ” داعش” ،لكن الحقيقه ان داعش ليس وحدها وهنالك مغالطات فذه في معنى واسباب ” الارهاب” اللتي تتمترس الانظمه العربيه الارهابيه وراء محاربته للتغطيه على اسبابه ومسبباته وبالتالي هنالك فرق بين ردة الفعل والمقاومه لنظام ارهابي قمعي وبين ” الارهاب” كأرهاب فمثلا الجاري في سيناء المصريه كانت بداياته ردات فعل شعبيه محدوده على مسلكية النظام المصري الذي قصف البيوت الامنه وجًرف ربع مدينة رفح بحجة محاربة الارهاب وما جرى فيما بعد وظهور تنظيمات مسلحه في سيناء وهو نتيجه حتميه لمسلكية نظام عسكري قمعي تدعمه السعوديه بالمال و يمده الغرب بالعتاد والسلاح..الذي جرى وجاري في سوريا هو من انتاج واخراج الانظمه العربيه الدكتاتوريه وبمشاركة النظام السوري الذي يزعم هو الاخر انه يحارب الارهاب فيما تزعم انظمه عربيه رجعيه انها تدعم الشعب السوري والنتيجه كانت ثوره مضاده حصدت ارواح وشردت ملايين السوريين وادت الى ظهور ميليشيات لاتعد ولا تحصى في سوريا من بينها داعش و حزب الله اللبناني وميليشيات شيعيه اخرى لاتقل ” ارهابا” وخطوره من داعش والنصره وغيرها الذي يزعم التحالف العربي الغربي انه يحاربها لانها ارهابيه بينما الحقيقه هي ان ريش اجنحة هذه الميليشيات نبت وترعرع وولد من رحم الارهاب الامريكي والسعودي وارهاب النظامين السوري والعراقي والاخير هو نظام طائفي ارهابي مدعوم من ميليشيات شيعيه ارهابيه ترتكب يوميا افظع الجرائم والمجا زر بحق العراقيين بحجة محاربة ” داعش”…نظام طائفي ارهابي عراقي يمارس التطهير الطائفي في العراق بحجة محاربة ” داعش”مما يعني ان المتمترسون وراء حجة ” محاربة الارهاب” هم ارهابيون بإمتياز وان كان لا بد من استعمال هذا التعبير:فالارهاب يحارب الارهاب في العالم العربي فيما الشعوب العربيه هي الضحيه..مافعله نوري المالكي واسس له من ارهاب وميليشيات ارهابيه في العراق يحتاج الى عقود من الزمن حتى يتعافى من اثاره الشعب العراقي بسنته وشيعته وكل طوائفه واعراقه؟؟…متاريس الكذب والتضليل وكواليس خفايا الارهاب ومسبباته؟
قبل فترة وجيزه خرج الشعب العربي في اقليم الاحواز التي تحتله ايران منذ عقود من الزمن في مظاهرات حاشده طالب المتظاهرون فيها النظام الايراني بوقف اضطهادهم رافعين لافتات كتبت باللغتين الفارسية والعربية للتعبير عن مطالبهم القانونية للحكومة الإيرانية، بعد ارتفاع أزمة التلوث وتجفيف الأنهار وبناء السدود وانتشار الفقر والبطالة في الأحواز.ومن أبرز المطالب العاجلة التي رفعها المتظاهرون ما يتعلق بوقف بناء السدود التي تم إنشاؤها على الأنهار الأحوازية كنهر كارون والكرخة، وفتحها كي تعود المياه والحياة إلى الأنهار التي تم تجفيفها بسبب تلك السدود التي أقيمت على مصباتها من قبل الحكومة الإيرانية…. لاحظوا معنا هذا النظام الذي يُعطش الاحوازيين ويجفف مزارعهم ويضطهدهم لكونهم عرب هو نفسه الذي يدعم الحكم الطائفي في العراق واليمن وسوريا وفي الوقت نفسه يزعم انه يحارب ارهاب “داعش” ،..لاننسى طبعا زعم الشيخ حسن نصر الله في خطابه الاخير بكون “القوات العراقية الطائفيه والحشد الشعبي الشيعي يدافعان عن الدول العربية الأخرى من تهديد الإرهاب”…سكر زياده..سيد المقاومه ام سيد الطائفه يزعم هو ايضا انه يحارب ” داعش” تحت لافتة محاربة الارهاب وهو نفسه وحزب الله والحشد الشيعي في سوريا والعراق يمارسون ابشع اشكال الارهاب…متاريس وكواليس خفايا مفضوحه لميليشيات ارهابيه تشارك انظمه فاشيه في ذبح كل من الشعب العراقي والشعب السوري.. بيت عنكبوت مزاعم نصر الله في لبنان وخامئني في ايران!!
في اليمن يزعم الحوثيون انهم ايضا يحاربون “الارهاب” وتنظيم القاعده مما يبرر لاقليه طائفيه وعرقيه ان تحتل العاصمه صنعاء ومن ثم تنقلب على الحكم وتسيطر على الدوله اليمنيه التي تقطنها اكثريه عربيه سنيه والغريب في الامر ان النظام الايراني وصديقه نصر الله في لبنان يتحدثان عن ” الثوره” اليمنيه بقيادة ” انصار الله” بهذه الوقاحه والبلطجه الخطابيه الصارخه وكأن الشعب اليمني والشعوب العربيه لايفقهون شيئا وينتظرون خطابات نصر الله وتوجيهات خامنئي حتى يستوعبوا حقيقة الجاري في اليمن ويصدقون اقوال الحوثيون ويخضعون لحكمهم…ميليشيا طائفيه ارهابيه تريد حكم اكثرية ساحقه في اليمن بدعم من ايران والاخيره بدورها تتمترس وراء متراس محاربة ” الارهاب” التكفيري…يبدو ان اللذي يستحون “يخجلوا” ماتوا بالفعل؟؟
ليبيا ضحية الغرب والرجعيه العربيه تعج اليوم بالميليشيات، لكن اللافت ايضا ان مجموعات بعينها وضباط متقاعدين تريد السيطره على مقاليد الحكم في هذا البلد العربي الممزق جغرافيا وديموغرافيا في اعقاب اسقاط نظام القذافي، وهذه المجموعات ايضا تتمترس وراء متراس محاربة الارهاب و” داعش” وتستجدي الدعم العربي الاقليمي والغربي حتى يتسنى لها هزيمة خصومها في ليبيا وفي هذه الحاله يكفي هؤلاء وصم خصومهم بوصمة “الارهاب” حتى يتلقون الدعم من نظام السيسي والغرب في حربهم ضد ميليشيات ليبيه مناوئه لهم…ليبيا اليوم شبه مدمره ومشلوله وتعج بالميليشيات ولا احد يريد الاعتراف ان الغرب وحلفاءه العرب ارادوا فقط اسقاط نظام معمر القذافي دون رؤيه لبديل ديموقراطي والنتيجه سقوط ليبيا في قبضة الميليشيات وفيما بعد ظهور ” داعش” البعبع المطلوب لشن حرب وعدوان جديد على الشعب الليبي..متاريس وكواليس خفايا ارهاب صنعوه والأن يحاربوه؟؟؟
فجأة تذكرت الانظمة الدكتاتوريه العربيه معاهدة ” الدفاع العربي المشترك” لتدعم الاردن في محاربة داعش بالوكاله نيابة عن امريكا والغرب الذي شن وما زال يشن الحروب على العالم العربي منذ عقود من الزمن واخرها الاحتلال الامريكي للعراق 2003 الذي لم لم يُفرَّخَّ كل اشكال العنف الطائفي والارهابي في العراق فحسب لابل صدَّره لكل الاقطار العربيه والمفارقه ان امريكا تنأى بنفسها عن الارهاب وتزعم محاربته وهي اكبر دوله ارهابيه مصدره للارهاب عرفها التاريخ البشري ويكفي انها صنعته في العراق وتدعم وجوده ككيانا مغتصبا في فلسطين ناهيك عن تحالف امريكا مع الانظمه العربيه الارهابيه…امريكا ترسل كيس طحين كمساعده للعرب المنكوبين وفي المقابل ترسل سفن كامله محمله بالاسلحه ووسائل القمع للانظمه العربيه الدكتاتوريه كالنظام السعودي والنظام المصري وغيرهما من انظمه عربيه فاشيه وارهابيه ناهيك طبعا عن دعم امريكا لاحتلال فلسطين وسلب حقوق شعبها…..بالمناسبه : فلسطين ايضا يوجد فيها سلطه على بقعه جغرافيه تزعم محاربة الارهاب لكنها تتحالف مع مسبباته ومع الاحتلال الاسرائيلي من وراء الكواليس….. خفايا الارهاب:متاريس وكواليس التضليل والكذب كلها مجتمعه صُنعت لعرقلة اي مسار تحرري و ديموقراطي في العالم العربي من جهه ولتثبيت اركان انظمة حكم دكتاتوريه وارهابيه من جهه ثانيه وبالتالي المطلوب: نعم..محاربة الارهاب ومسبباته في معاقله وهذه المعاقل هي قصور ومقرات انظمة الحكم العربيه…داعش عن داعش يفرق،لكن الداعش الاخطَّر هو انظمة الحكم العربيه المتحالفه مع امريكا والغرب.. ذبَّاح عن ذباح يفرق لكن ذبح الشعوب واحد..داعش ليست وحدها من تجز رقاب البشر…كثيرون هم القصابون والبلطجيون في العالم العربي..!!
د.شكري الهزَّيل