خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان “حسن الظن بالله”

تاريخ النشر: 18/02/15 | 19:11

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 17 ربيع الثاني 1436هـ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك ‘‘حسن الظن بالله‘‘ من خلال القانون الرباني ((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي))؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: “يقول الله تعالى: ‘‘أنا عند ظنِّ عبدي بي‘‘.. فعلى المسلم حُسْنُ الظنِّ بالله في كل حال، فهو مما افترضه الله علينا.
ومَعنى حُسن الظن بالله: أن تأملَ من الله ما تطلبه منه، فتَظن بأن الله تعالى سيرحَمُك ويعفو عنك في الآخرةِ، وإذا سألته شيئًا من أمور الدين، ظننتَ أنه سيجيب دعوتك، وإذا نزل بك ما لا تُحِبُّ ودعوته، ظننتَ أنه سيرفع عنك ما نزل بك، وإذا أصابك ما أهمَّك، ظننتَ أنه سيفرِّج همَّك ويُزيل كربك، وحين ترى في بعض أولادك ما لا يسرُّك، تُحسِنُ الظنَّ بالله بهدايتهم ورجوعهم إلى الصراط المستقيم، فحُسنُ الظن بالله ناتج من معرفة فضله وجوده ولطفه بجميع خلقه؛ هذا وأم في جموع المصلين الشيخ صابر زرعيني، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
حيث تمحورت الخطبة حول: ومن حُسنِ الظنِّ بالله: التوكُّل عليه في جلب الرزق، لكن لا بدَّ من بذل الأسباب؛ فعن عمر بن الخطاب، قال: قال: رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لو أنَّكم كنتم تتوكَّلون على الله حقَّ توكله، لرُزقتم كما يُرزق الطير؛ تغدو خِماصًا وتَروح بِطانًا”. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
فهذه الطيور مع توكلها التام على ربها، لا تجلس في أوكارها، بل تَخرجُ أوَّل النهار تبحث عن الرزق، فيرزقها ربها قوتَ يومها، أمَّا من يَزعم أنه يُحسن الظن بربه مع عدم بذل الأسباب، فليس هذا من حُسنِ الظنِّ بالله، بل هو عَجزٌ وتمنٍّ.”.

القانون الرباني: لا يموتنَّ أحدُكم إلا وهو يُحسنُ الظنَّ بالله عز وجل
أخي: على قدر معرفتك بربك، على قدر حُسنِ ظنِّك به، فأكمل الناس في حسن ظنهم بالله هم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فهم أعلم الخلق بربهم ولطفه بعباده، فهذا يعقوب عليه السلام يفقد يوسف، ثم يَفقد أخاه، ثم يتأخَّر كبيرُ أولاده، فلم يَقدم مع إخوته، ولا يزال يعقوب يُحسن الظنَّ بربه ويبذل الأسباب لرجوع أولاده الثلاثة: ((يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ))، ثم في نهاية الأمر لم يَخبْ حُسنُ ظنِّه بربه، فرد عليه أولاده وهم على أكمل حال.
وأردف الشيخ قائلاً:” وهذا موسى كليم الله كما أخبرنا عز وجل قصته مع فرعون وجنوده بقوله تعالى: ((فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ))، فأسباب النجاة المادية مَعدومة، وأسباب الهلاك مُتحقِّقة؛ لكن يَبقى حُسنُ الظنِّ بالله في أشدِّ الظروف، وأنه لا يُسلِم أولياءه لأعدائه: ((قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ))، وهنا أتى الفرجُ: ((فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ))، ((وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ)).
وهذا خليل الرحمن يَخرج من مكةَ مُهاجرًا مُختفيًا، فيختفي في الغار ويَطلبه كُفار مكةَ حتى لم يَبقَ بينه وبينهم إلا خُطوات، ومع ذلك يَبقى مُحسنًا الظنَّ بربِّه، فتعمى أبصارهم عنه وعن صاحبه؛ فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا في الغار: لو أنَّ أحدَهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: “ما ظنُّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما!!”. رواه البخاري ومسلم”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول: وما قيمة أحدنا إذا كان معول هدم في المجتمع، ومفتاحا للشرور؛ إنه عند ذلك سيخسر الدنيا والآخرة، ويسقط من رحمة الله، ولن ينفعه بعد ذلك مال ولا جاه، ولا منصب ولا أتباع؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : “إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ”.
فكونوا مفاتيح للخير؛ بأعمالكم حتى ينتفع مجتمعكم وأمتكم والناس من حولكم، بقيامكم بالإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الأمن والأمان والسكينة، وإرساء قواعد الحب والتآلف والتراحم فيما بينكم.

01

وإختتم الشيخ خطبته بالقول:” أخي المقصِّر وكلُّنا ذلك الرجل: لا يمنعك ما تعلمُه من نفسك من تقصير في حقِّ الله تركًا للواجبات، وفعلاً للمحرَّمات، لا يمنعك ذلك من حُسنِ الظنِّ بالله، فتظنُّ أنَّ الله لا يَستجيبُ لك بسبب ذلك، فقد استجاب الله لعدوِّه إبليس: ((قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)).
فالمسلم أحرى بالإجابة، بل حياؤك من ربِّك وشعورك بالتقصير في ذاته من أسبابِ استجابة دعائك، فألحَّ على ربِّك بالدعاء، فأنت تسأل عفوًّا كريمًا يعامل بعفوه لا بعدله، رحمته بخلقه سبقت غضبه، أرحم بنا من الوالدة بولدها.
وإيَّاك والقُنُوطَ، فتستبعدُ الفرج، وتيأس من حصول مَطلُوبك، فقنُوطك مَعصية تضاهي مَعاصيك الأخرى، أو تزيد عليها: ((قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ))..”.

02

03

04

05

06

07

08

09

10

11

12

13

14

تعليق واحد

  1. سلآمي لروآد مســــــــــاجد كفرقـــــرع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة