أحكام تختص بالمرأة في صلاتها

تاريخ النشر: 24/02/15 | 0:00

حافظي أيتها المسلمة على صلاتك في أوقاتها مستوفية لشروطها وأركانها وواجباتها.
يقول الله تعالى لأمهات المؤمنين وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وهذا أمر للمسلمات عموما، فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الإسلام، وتركها كفر يخرج من الملة فلا دين ولا إسلام لمن لا صلاة له من الرجال والنساء، وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر شرعي إضاعة لها، قال الله تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا
وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن جمع من أئمة المفسرين أن معنى إضاعة الصلاة: إضاعة مواقيتها، بأن تصلى بعدما يخرج وقتها وفسر الغي الذي يلقونه بأنه الخسار، وفسر بأنه واد في جهنم.

وللمرأة أحكام في الصلاة تختص بها عن الرجل، وإيضاحها كما يلي:
١ – ليس على المرأة أذان ولا إقامة
لأن الأذان شرع له رفع الصوت، والمرأة لا يجوز لها رفع صوتها، ولا يصحان منها، قال في [المغني] (٢| ٦٨): لا نعلم فيه خلافا

٢ – كل المرأة عورة في الصلاة إلا وجهها
وفي كفيها وقدميها خلاف، وذلك كله حيث لا يراها رجل غير محرم لها، فإن كان يراها رجل غير محرم لها وجب عليها سترها كما يجب عليها سترها خارج الصلاة عن الرجال، فلا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها، قال صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة حائض – يعني: من بلغت الحيض – إلا بخمار
والخمار: ما يغطي الرأس والعنق وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها
دل الحديثان على أنه لا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها كما أفاده حديث عائشة ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها كما أفاده حديث أم سلمة ويباح كشف وجهها حيث لا يراها أجنبي ؛ لإجماع أهل العلم على ذلك
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوى] (٢٢| ١١٣، ١١٤) فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأخذ الزينة في الصلاة حق لله، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو كان وحده بالليل، ولا يصلي عريانا ولو كان وحده، إلى أن قال: فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا.
قال في [المغني] (٢| ٣٢٨): وأما سائر بدن المرأة الحرة فيجب ستره في الصلاة، وإن انكشف منه شيء لم تصح صلاتها إلا أن بكون يسيرا، وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي

٣ – ذكر في [المغني] (٢| ٢٥٨): أن المرأة تجمع نفسها في الركوع والسجود بدلا من التجافي وتجلس متربعة، أو تسدل رجليها وتجعلهما في جانب يمينها بدلا من التورك والافتراش ؛ لأنه أستر لها.
وقال النووي في [المجموع] (٣| ٤٥٥): قال الشافعي رحمه الله في [المختصر] ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض، أو تلصق بطنها بفخذيها في السجود كأستر ما تكون، وأحب ذلك لها في الركوع وفي جميع الصلاة.

٤ – صلاة النساء جماعة بإمامة إحداهن
فيها خلاف بين العلماء بين مانع ومجيز، والأكثر على أنه لا مانع من ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها وبعضهم يرى أنه غير مستحب، وبعضهم يرى أنه مكروه، وبعضهم يرى جوازه في النفل دون الفرض، ولعل الراجح استحبابه، ولمزيد الفائدة في هذه المسألة يراجع [المغني] (٢| ٢٠٢)، و[المجموع] للنووي (٤| ٨٤، ٨٥). وتجهر المرأة بالقراءة إذا لم يسمعها رجال غير محارم

٥ – يباح للنساء الخروج من البيوت للصلاة مع الرجال في المساجد
وصلاتهن في بيوتهن خير لهن، فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وقال صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن فبقاؤهن في البيوت وصلاتهن فيها أفضل لهن من أجل التستر.
وإذا خرجت إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب التالية
أ – أن تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل، قالت عائشة رضي الله عنها كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس

ب – أن تخرج غير متطيبة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات ومعنى ” تفلات ” أي: غير متطيبات، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة وروى مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا. قال الإمام الشوكاني في [نيل الأوطار] (٣| ١٤٠، ١٤١) فيه دليل على أن خروج النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة وما هو في تحريك الفتنة نحو البخور وقال: وقد حصل من الأحاديث أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حلي أو أي زينة.

ج – ألا تخرج متزينة بالثياب والحلي، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها
قال الإمام الشوكاني في [نيل الأوطار] على قول عائشة: (لو رأى ما رأينا) يعني: من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرج، وإنما كان النساء يخرجن في المرط والأكسية والشملات الغلاظ
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب [أحكام النساء] صفحة ٣٩ ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها، إن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها، فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة، وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، واحترزت من سماع صوتها، ومشت في جانب الطريق لا في وسطه.

د – إن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا
وعنه: صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا – أم سليم – رواه البخاري
وإن كان الحضور من النساء كثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل الرجال قدام الغلمان والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان، رواه أحمد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال، ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرجال، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح

هـ – إذا سهى الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبهه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم إذا نابكم في الصلاة شيء فليسبح الرجال، وليصفق النساء وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام ؛ وذلك لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال، فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم.

و – إذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد وبقي الرجال جالسين ؛ لئلا يدركوا من انصرف منهن ؛ لما روت أم سلمة قالت: إن النساء كن إذا سلمن من المكتوية قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال.
قال الزهري: فنرى ذلك – والله أعلم – أن ذلك لكي ينفذ من ينصرف من النساء، رواه البخاري، انظر [الشرح الكبير على المقنع] (١|٤٢٢).
قال الإمام الشوكاني في [نيل الأوطار] (٢| ٣٢٦) الحديث فيه أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحظور، واجتناب مواقع التهم، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت.
قال الإمام النووي رحمه الله في [المجموع] (٣| ٤٥٥)

ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء
أحدها: لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال
الثاني: تقف إمامتهن وسطهن.
الثالث: تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه، بخلاف الرجل
الرابع: إذا صلين صفوفا مع الرجال فآخر صفوفهن أفضل من أو لها.
ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء

ز – خروج النساء إلى صلاة العيد: عن أم عطية رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة – وفي لفظ: المصلى – ويشهدن الخير ودعوة المسلمين
قال الشوكاني: والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر.. انظر [نيل الأوطار] (٣|٣٠٦)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في [المجموع] (٦|٤٥٨، ٤٥٩): فقد أخبر المؤمنات أن صلاتهن في البيوت أفضل لهن من شهود الجمعة والجماعة إلا العيد فإنه أمرهن بالخروج فيه – ولعله والله أعلم – لأسباب
الأول: أنه في السنة مرتين، فقبل بخلاف الجمعة والجماعة
الثاني: أنه ليس له بدل، بخلاف الجمعة والجماعة فإن صلاتها في بيتها الظهر هو جمعتها
الثالث: أنه خروج إلى الصحراء لذكر الله، فهو شبيه بالحج من بعض الوجوه ؛ ولهذا كان العيد الأكبر في موسم الحج موافقة للحجيج.

وقيد الشافعية خروج النساء لصلاة العيد بغير ذوات الهيئات قال الإمام النووي في [المجموع] (٥| ١٣): قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد، وأما ذوات الهيئات فيكره حضورهن.. إلى أن قال: وإذا خرجن استحب خروجهن في ثياب بذلة، ولا يلبسن ما يشهرهن، ويستحب أن يتنظفن بالماء، ويكره لهن الطيب هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يشتهين ونحوهن، وأما الشابة وذات الجمال ومن تشتهي فيكره لهن الحضور ؛ لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن فإن قيل: هذا مخالف حديث أم عطية المذكور، قلنا: ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول، والله أعلم.
قلت: وفي عصرنا أشد
وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب [أحكام النساء] ص ٣٨: قلت: قد بينا أن خروج النساء مباح، لكن إذا خيفت الفتنة بهن أو منهن فالامتناع من الخروج أفضل ؛ لأن نساء الصدر الأول كن على غير ما نشأ نساء هذا الزمان عليه، وكذلك الرجال. يعني كانوا على ورع عظيم
ومن هذه النقولات تعلمين أيتها الأخت المسلمة أن خروجك لصلاة العيد مسموح به شرعا ؛ بشرط الالتزام، والاحتشام، وقصد التقرب إلى الله، ومشاركة المسلمين في دعواتهم وإظهار شعار الإسلام، وليس المراد منه عرض الزينة والتعرض للفتنة، فتنبهي لذلك.

05

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة