مصري ضمن المغادرين للمريخ الى الأبد
تاريخ النشر: 23/02/15 | 23:59المصري الذي اختاروه مع 99 آخرين للسفر في رحلة بلا عودة إلى المريخ، مؤمن طبعاً بأن الأعمار بيد الله، وبأنه قد لا يلاقي حتفه فيه كما يروّجون، لأنه وزملاؤه سيزرعون نباتات تساعدهم على العيش في البيئة المريخية، وهو سيشاركهم بذلك، فيحمل معه بذور نبتة الملوخية التي يعشقها كطبق مفضل ليزرعها هناك، وهذه ليست مزحة، بل سيحمل معه علب كشري وفول وطعمية “إذا سمحوا لي بذلك”، كما قال.
محمد سلّام، المعروف للمقربين بلقب ميدو، وهو عازب عمره 32 سنة، وغير مرتبط بأي فتاة، وهو وحيد في دنياه مع أخيه مروان، الأصغر سنا منه بأربعة أعوام، لأن فاجعة دموية لحقت حين كان مراهقا قبل 14 سنة بأبويه وأخيه الأصغر مصطفى.
واشتهر سلّام حين اختاروه قبل أسبوعين من بين 205 آلاف و586 لبوا نداء منظمة أطلقت في 2012 مشروعا خاصا سمتهMars one لإقامة “مستعمرة بشرية” يؤسسها في المريخ 24 متطوعا ترسل كل 4 منهم في رحلات بلا عودة على مراحل، ومنهم عربي آخر اختارته “مارس ون” الهولندية، وهو عراقي عمره 38 ويقيم في الولايات المتحدة.
وكانت المنظمة، وهي غير ربحية، قلصت مرتين قائمة من اختارتهم، لتصل إلى القائمة الحالية، وهي تضم 39 أميركيا و31 أوروبيا مع 16 من آسيا و7 من إفريقيا و7 من أوقيانوسيا، على أن يتم الفرز النهائي بعد عام لاختيار 24 يتم تقسيمهم إلى 6 مجموعات، في كل منها رجلان وامرأتان، ممن سيتم تدريبهم طوال 7 سنوات، وبعدها تنطلق عام 2023 أول رحلة تستغرق 7 أشهر وتحمل 4 يصلون ويقيمون بمساكن مجهزة ويأكلون مما يزرعون، والباقي سيكون في عهدة رب العالمين.
ويعي سلّام أنه لن يعود من المريخ أبدا، وبأنها تذكرة سفر بلا عودة، وأنه لو سمحوا له بحمل صورة إنسان واحد إلى هناك “فسأحمل صورة شقيقي مروان”. أما لو سمحوا بأن يحمل أغنية واحدة فسيختار “يا حبيبتي يا مصر” للمطربة شادية، وأضاف: “طبعا سأحمل معي الكتاب الكريم (..) سأكون أول من يحمل القرآن إلى كوكب آخر، وأول من يصلي ويصوم فيه، وأول من يتوضأ ويتيمّم وينادي بالله أكبر عند الأذان” وفق تعبيره.
وهناك إشكالات بمواقيت الكوكب الذي يحلم بأن يختاروه ضمن 24 سيمضون إليه على مراحل، وهي أن اليوم المريخي مختلف بساعاته عن الأرضي، وقال سلاّم: “المريخي أطول بحوالي 39 دقيقة، لكن حل هذه المشكلة ليس صعبا. أما قبلتي فستكون الأرض بأكملها”، مضيفا أنه سيحمل معه علب فول وطعمية وكشري “لأتناولها أثناء الرحلة إذا سمحوا. أما الملوخية فسأزرعها لأنها طبقي المفضل” وفقا لما يتفاءل.
سلاّم يعرف أنه سيودع كل من في الأرض ويرحل عنها حياً، إلا ذكريات ستغفو وتستيقظ في باله دائما على الكوكب الأحمر، ومنها المؤلم القاسي عليه، كفاجعة حلت في منتصف عام 2000 بأبويه وأخيه الذي كان عمره 4 سنوات.. كانوا عائدين بسيارة صديق، ومعه زوجته، من رحلة أمضوا فيها يوما بمنتجع “العين السخنة” البعيد عند خليج السويس 140 كيلومترا عن القاهرة.
كل شيء كان مظلما ليلة العودة عبر طريق السويس الصحراوي، وكانت على الطريق شاحنة ضخمة محملة بالبضائع، فانعطف سائقها إلى مخزن لإنزال حمولته، من دون أن يلحظها الصديق وهو يقود سيارته، فاصطدم بها عنيفا وسط العتمة وتمزقت السيارة، وقضى كل من كان فيها: والده الدكتور سيد، وكان عمره 44 سنة، ووالدته الأكبر سنا من أبيه بعام واحد، إضافة لأخيه الصغير.
ولم يبق على الأرض من العائلة إلا سلاّم الموظف حاليا في “الشركة المصرية للتأمين والتكافل” ومعه شقيقه مروان، الموظف بشركة للمقاولات، إضافة إلى 3 شقق تركها والده كميراث، واحدة من 4 غرف نوم بمدينة نصر، حيث يقيمان، واثنتان في مدينة الشروق، القريبة 12 كيلومترا من القاهرة، الى جانب ذكريات ذكر منها سلاّم الكثير ، ومعظمها مع الأخ الأصغر ومع أبويه، خصوصا الأم شادية يوسف، فقد كانت شهيرة.
كانت مديرة تصوير في “جهاز التلفزيون المصري” وقامت بتصوير فوازير رمضانية معروفة ومسلسلات اشتهرت في معظم العالم العربي، منها “دموع في عيون وقحة” في 1980 وبطله الممثل عادل إمام، إضافة لمسلسل “ليالي الحلمية” بعد 7 سنوات، إلا أنها قضت بالفاجعة، تاركة ابنا سيبقى على الأرض وآخر يحلم أن يصبح أول من يصل في التاريخ إلى ما لم يسبقه إليه سواه.
كمال قبيسي -لندن – العربية
الله معاك