"هذا الرسول يا محب" – الصبر

بقلم اختكم في الله :ام محمد

تعالوا إخوتي لنبحر مرة أخرى في سيرته العطرة لنتعلم خلقا جديدا ومعنى آخر من معاني الخلق العظيم الذي شهد له الله به “وانك لعلى خلق عظيم”…

قال تعالى: (واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)

وعن ابي سعيد بن مالك الخدري رضي الله عنهما:” ان ناسا من الأنصار سالوا رسول الله فأعطاهم حتى نفذ ما عنده فقال لهم حين انفق كل شيء بيده :ما يكن من خير فلن ادخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله وما اعطى احد عطاء خيرا واوسع من الصبر ) متفق عليه. وخير مثال للصبر هو رسول الله فقد كان يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه واما اذا كان لله تعالى فانه يمثل فيه امر الله من الشدة وهذه الشدة مع الكفار والمنتهكين حدود الله .

ومن صبره صلى الله عليه وسلم انه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول :”يا محمد ان شئت ان اطبق عليهم الاخشبين .فقال :بل أرجو ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك به شيئا “والاخشبان هما جبلان بمكة ابو قبيس وقعيقعان.

واخرج ان سعد عن انس :”رأيت إبراهيم وهو يجود بنفسه بين يدي الرسول فدمعت عينا الرسول فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضي ربنا والله يا ابراهيم انا بك لمحزونون”

ولعل اجمل من تحدث عن صبر النبي كلمات قرأتها للشيخ عائض القرني حيث وصف صبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة :

وهذا حبيبنا رسول الله حين سكن بمكة فعاداه قومه واقرباؤه واحباؤه ونبذه الاعمام وقاتله القريب والبعيد فكان من اصبر الناس ..

افتقر ووضع الحجر على بطنه من الجوع والظمأ فكان اصبر الناس

مات ابنه بين يديه وعمره سنتين ودموعه الحارة تتساقط كالدر على احد ابنائه وهو من اصبر الناس ..

مات عمه الذي كان يحميه ويمنع عنه اذى قريش فكان من اصبر الناس ..

وماتت زوجته خديجة العاقلة الرشيدة التي كانت تؤيده وتنصره, ماتت وقت الأزمات حيث تالبت عليه الجاهليه وكانت ساعده الأيمن وكان من اصبر الناس ..

تجمع عليه اقرباؤه وكفار مكة واعمامه ونصبوا له كمينا ليقتلوه ويغتالوه فدخل داره وخرج اليهم وقد القى الله السبات على عيونهم فحثا على رؤوسهم التراب متوكلا على الله وكان من اصبر الناس لان الله يقول له “فاصبر صبرا جميلا ”

ويخرج الى غار ثور ويتجمع الكفار على سطح الغار وارادوا ان يدخلوه لولا ان الله سخر عنكبوتا تنسج بيتها وحمامة تبني عشها على مدخل الغار وكان من اصبر الناس ..لان الله قال له “فاصبر صبرا جميلا”

تموت بناته الثلاثة الواحدة تلو الاخرى وهو يبتسم لان الله امره “فاصبر صبرا جميلا ”

ويموت ابنه ويغسله ويكفنه ويعود من المقبرة وهو يبتسم لان الله قال له “فاصبر صبرا جميلا ”

يشارك في معركة احد ويقتل اعز الناس اليه, اسد الله حمزة, ويصبر لان الله قال له “فاصبر صبرا جميلا ”

يأتيه ابن العم فيتفل عليه فيبتسم ولا يقول شيئا لان الله قال له “فاصبر صبرا جميلا ”

يأتي الاعرابي من الصحراء فيجره ببردته ويسحبه امام الناس وهو يبتسم “فاصبر صبرا جميلا ”

ينام على الحصير ويؤثر الحصير في جنبه وينام على التراب في البرد ولا يجد الغطاء بيته من طين اذا مد يده بلغت السقف واذا اضطجع فرأسه في جدار وقدميه في جدار “فاصبر صبرا جميلا ”

يأتيه جبريل ويقول له “اتريد ان يحول الله لك جبال الدنيا ذهبا وفضة فقال :لا بل اشبع يوما واجوع يوما حتى القى الله “فاصبر صبرا جميلا ”

وتحضره الوفاة ويخير بين الحياة وان يؤتى ملك سليمان فقال لا بل الرفيق الأعلى …

ولقد ذكر الله الصبر في اكثر من تسعين موضعا بالقرآن مرة يمدحهم ومرة يخبرهم عن ثوابهم ومرة يذكر الله بنتائج الصبر ومن ثم يعلمنا كيفية الصبر فيقول “واصبر صبرا جميلا ”

فاذا رأيت الباطل يتحدى “فاصبر صبرا جميلا ”

واذا قل مالك وكثر فقرك “فاصبر صبرا جميلا ”

واذا كثر أعداؤك “فاصبر صبرا جميلا ”

واذا مات أبناؤك ” فاصبر صبرا جميلا”

واذا فقدت صحتك “فاصبر صبرا جميلا”

واذا أوذيت من المحيطين بك “فاصبر صبرا جميلا ” وقل :

سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري

واصبر حتى يأذن الله في امري

واصبر حتى يعلم الصبر اني صابر على شيء امر من الصبر ………..