الحاجة فتحية اغبارية: إفلاس كبير بالتربية لدى الوالدين

تاريخ النشر: 11/11/12 | 2:22

ان انغماس الوالدين في الكسب المادي وغيابهم عن البيت لساعات طويلة، يؤدي إلى إفلاس كبير في تربية الأبناء على القيم والأخلاق الحميدة، وكأن الرفاهية الاقتصادية من الممكن أن تلبي الاحتياجات العاطفية والوالدية، وهذا خطأ كبير، ويجب تصحيح المسار والبدء في عملية تغيير منهجي في تفكيرنا التربوي والسلوكي ولنكون على ثقة أن الاحتياجات العاطفية والسلوكية أهم من الحليب والطعام، وهنا يوجد انكسار كبير في هذا المفهوم “. بهذه الكلمات بدأت الحاجة فتحية اغبارية؛ مديرة قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية في بلدية أم الفحم، حديثها في لقاء خاص حول الأوضاع الاجتماعية في أم الفحم فيما يتعلق بالأسرة والأطفال، وتبيان دور قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية في إصلاح وخدمة الشرائح الاجتماعية المختلفة.

تقول الحاجة فتحية: ” نعمل على تقديم خدمات لجميع فئات الأجيال من الولادة وحتى جيل المسنّين، الخدمة تكون معنوية ونفسية وأسرية واستثمار للقدرات الذاتية واستكشافها، وإصلاح أوضاع الأسر والعائلات يبدأ من الأداء الوظيفي للوالدين وأفراد الأسرة والدعم المادي إذا توفر، والدعم الشخصي ضمن برنامج علاجي مبني على أسس علمية ومهنية مدروسة.

وأشارت إلى أن كيفية التعامل مع المشكلات التربوية لدى الأطفال لا تقتصر فقط على العائلات المحتاجة أو البيوت المستورة، إنما لكافة شرائح المجتمع وحتى البيوت التي تعتبر من المثقفة والمتعلمة، خاصة وأنه في العقد الأخير وُجدت ظاهرة عدم وضع سلم أولويات، أي عدم التمييز بين الضروريات والحاجيات والكماليات، فأصبحنا نعيش في مجتمع متخبط فيه بلبلة لدرجة أن ربّ العائلة والأم يجدان أنفسهما في أزمة اقتصادية معينة وأسرية نتيجة عدم وضع سلم أولويات. وعليه، نعمل على إيجاد الحلول لمعالجة هذه الظواهر من خلال برنامج ترشيد الاستهلاك بالتعاون مع جمعية “إعمار” يهدف لبناء منظومة اقتصادية للأسر لتجنّب الوقوع بأزمات والانشغال فيها ما يؤدي لضياع عامل التربية “.

كما لفتت الحاجة فتحية إلى عقد القسم ورشات عمل متعددة للأمهات بهدف إكسابهن مهارات صنع واتخاذ القرار، إلى جانب فئة المقبلات على الزواج وإرشادهن للحياة الأسرية وكيفية التعامل مع مؤسسة الزواج، أي أن قسم الخدمات الاجتماعية يقدم برامج عائلية لإعادة الوظيفة الحقيقية للأسرة وتمكينها “.

* أم الفحم يبلغ عدد سكانها نحو 50 ألف نسمة، ماذا تواجهون من مشاكل اجتماعية أسرية لديهم؟

– كان قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية في أم الفحم قد أجرى مسحا قبل نحو عامين عن نوعيات المشاكل ليتبيّن وجود عجز عائلي في وضع سلم الأولويات، وكيفية التوفيق بين وسائل الإعلام وتسارعها وعدم تعاطي الأهالي مع أبنائهم في إرشادهم، حيث ظهرت ظاهرة الأطفال القراريين في الجيل المبكر أي الابتدائية والإعدادية، الذين يتخذون قراراتهم دون استشارة أهاليهم ما يؤدي لنوع من الانفلات وعدم سيطرة الأهل على سلوكهم اليومي.

وكشفت الحاجة فتحية إغبارية عن تزايد ظاهرة العنف الأسري في عامي 2011 – 2012، حيث يتابع القسم 290 حالة عنف أسري بين الزوجين وتجاه الأطفال، فيما هناك 2400 حالة عنف تجاه الأطفال. أما حول ظاهرة الاعتداءات الجنسية بين الأطفال القاصرين، ففي عامي 2011 – 2012، يعمل القسم على متابعة 95 حالة معروفة، 8 منها فقط تتلقى خدمة أسبوعية، فيما ننتظر افتتاح مركز جديد لاستقطاب الآخرين من المتضررين لمعالجتهم بإشراف عاملة اجتماعية مؤهلة، وسيكون المركز باسم “مركز علاج لمتضرري الاعتداءات الجنسية للقاصرين”.

وتطرقت اغبارية لظاهرة الخوف الشديد لدى الأطفال نتيجة العنف وانعدام الأمن الاجتماعي حتى لو كانوا في ذات بيئة محيط وجيران العائلات المتضررة، فهناك عدد كبير (بالمئات) من المتضررين من العنف وفوضى السلاح وصوت الرصاص، حيث ينعكس ذلك عليهم من خلال كوابيس وقلق ليلي وظواهر بدنية ونفسية كالتقيؤ وآلام في البطن، إضافة إلى الانطوائية والانزواء.

كما حذرت الحاجة فتحية من ظاهرة غرس ثقافة العنف عند الأطفال، حيث تصلهم الكثير من الشكاوى والتوجهات من المدارس بأن الأطفال يتحدثون عن العنف والسلاح بشكل يومي، ومثال على ذلك أن أحد الطلبة في الصف الثالث قال ذات مرة لمعلمته إنه ينظف السلاح مع أحد أقاربه البالغين !!، فانكشاف طلاب الابتدائيات وانفتاحهم على ظاهرة السلاح أمر مخيف وخطير جدا.

يشار إلى أن علاج كل حالة يتطلب فترة سنة حتى ثلاث سنوات وهو أمر ليس بالهيّن يحتاج لجهود متضافرة وإرادة للخروج من هذه الأزمات.

* كيف تعالجون هذه الظواهر، وما المشاريع التي تعملون عليها؟

– في قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية لدينا 50 عاملا اجتماعيا بوظائف مختلفة وممولة من البلدية ومؤسسات خارجية وجماهيرية تعنى بفئة المعاقين عقليا وحركيا وبصريا، وفئة الشبيبة والفتيات والأولاد في ضائقة والطفولة المبكرة والنساء والمسنين.

وعددت الحاجة فتحية مشاريع يعمل عليها القسم لتلبية حاجيات كافة الشرائح الاجتماعية في أم الفحم؛ مثل الطفولة المبكرة وحضانة متعددة الأهداف والعمل مع طاقم المتخصص لمتابعة الأطفال مع أحد أولياء الأمور والتوجيهات والإرشادات وتدعيم الأهل في إكسابهم أمورا تربوية أساسية.

وتحدثت اغبارية عن مركز التواصل الوالدي الذي يعمل بموجبه مع الأهل بشكل خاص لكيفية تحسين التواصل مع الأهالي والأطفال في جيل مبكر، حيث شاركت في هذا المركز في العام الأخير 70 عائلة، يجري تقييمها وفحصها إذا تحسّنت وتأهيلها لحذفها من حاسوب القسم في المرحلة النهائية، وإذا عارض الأهل البرنامج المطروح للمشروع، يتدخل أخصائي اجتماعي لحماية القاصرين ونقل الملف لمحكمة الأحداث واتخاذ قرار ببرنامج ملزم للعائلة.

وأضافت قائلة:” هنالك أيضا مركز المشاهدة الوالدية لأطفال لأبوين منفصلين أو على وشك الطلاق وتطبيق قرارات المحكمة الشرعية بهدف إرشاد الوالدين في حالة وجود نزاع على أن يكون طلاقا ناجحا لمصلحة القاصرين. كما يعنى قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية بجميع الفئات العمرية لتأهليهم واستثمار قدراتهم ودمجهم في المجتمع من خلال العديد من المراكز والدورات والورشات التي يعمل بها على مدار أيام السنة، كالبيوت الدافئة ومراكز الفتيات وتأهيلهن، بالإضافة إلى مشروع “آفاق” للشبيبة ومدارس “المفتان” و”الأمل” و”الماعس” ومؤسسة للمعاقين تقدم خدمات اجتماعية بالإضافة إلى مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة ونواد مختلفة للصم والبكم والمكفوفين.

ومضت تقول: “لدينا مشروع حماية القاصرين الذين ننقلهم للسكن لدى عائلات حاضنة تلبي لهم احتياجات عاطفية وسلوكية بعيدا عن الجو الأسري والعنيف، ولدينا حالات ناجحة جدا، حيث أننا نتابع 36 حالة، كما أن وحدة في قسم الرفاه تعمل في قضية معالجة المدمنين على الكحول والمخدرات”.

أما في جانب الفقر والعائلات أحادية الوالدين، فهنالك مركز التدعيم الأسري في المجتمع الفحماوي، وهو مشروع مبني ومدروس ويهدف لمدّ يد العون للعائلات الفقيرة ضمن برنامج مدته بين سنة وثلاث سنوات، يجري خلاله تأهيل الأب أو الأم واستثمار قدراتهما الفكرية والجسدية ودمجهما في سوق العمل بهدف مساعدة هذه الفئة من العائلات.

وتجدر الإشارة إلى أن أقسام ومراكز نسائية لفعاليات ونشاطات تغطي شرائح كبيرة من النساء الفحماويات وتوفر الفرص لهن لإكمال التعليم الثانوي والجامعي عبر المنتدى النسائي، ومشاريع أخرى مثل المرأة المكافحة، وهناك نماذج ناجحة جدا لنساء كافحن من أجل مستقبل أفضل.

وأضافت اغبارية أن لقسم الرفاه أربعة طواقم عمال اجتماعيين يعملون مع العائلات ضمن مشروع جديد تأهيلي لمعالجة مشاكل الأسرة بشمولية وتأهيهلم ضمن مشروع وزاري بمرافقة عامل اجتماعي لإدارة شؤون العائلة ومتابعة حالتها في القسم.

* لا بدّ أن هناك صعوبات وتحديات تواجه العامل الاجتماعي في عمله أو قسم الرفاه ككل، ما هي تلك الصعوبات؟

– يواجه قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية صعوبات وتحديات أهمها مفهوم المهام الحقيقية لهذا القسم، حيث يعتبره البعض أنه فقط لمد يد العون للعائلات، وهذا مفهوم خاطئ جدا، بل هو قسم إرشاد وتوجيه نحو الأفضل واستثمار طاقات وقدرات أفراد العائلة وتشجيعها للانخراط في المجتمع، ونحن نتفهم سوء الفهم لدى البعض كون أن اسم هذا القسم تاريخيا هو “الشؤون الاجتماعية”.

وعلى المستوى المهني قالت اغبارية إن الصعوبات هي يومية وروتينية، وخاصة في التعامل مع جانب الأسرة لحل مشكلتها، ربما هي صعوبات عادية جدا، لأن العامل الاجتماعي يعمل بصورة منظمة ومتابعة، وأهم عنصر هو إصرار المواطن على تجاوز الأزمة التي يعاني منها، خاصة أن هناك حالات مركبة جدا نجحنا في تأهيلها، وهناك حالات نرفع أيدينا عنها وخاصة بعد سنوات طويلة من المحاولات لحل أزمة مواطن لا يرغب في التغيير والتقدم للأفضل.

* ثمّة ادعاءات تقول بأن بعض العمال الإجتماعيين لا يطبقون أدبيات العمل في الحفاظ على أسرار المعالَجين وأن معلومات تخص العائلات تسرب للعامة، ماذا تقولين في ذلك؟

– بعض الحالات التي تصل إلينا بشكل مباشر حتما نحرص على الحفاظ على سريّتها، بينما هناك حالات توجه إلينا من قبل مؤسسات خارجية، وأعتقد أنه من تلك المؤسسات تسرب المعلومات، وأريد أن أشير أننا كعمّال اجتماعيين نعمل ضمن منظومة أسرية واسعة، وفي بعض الأحيان خلال متابعة حالة معينة لدى عائلة، تكون أيضا المتابعة مع محيط العائلة كالجيران والأقارب، وربما تتسرب معلومة هنا أو هناك من الأقارب أنفسهم كوننا لا زلنا نعيش في بيئة قروية والأمور تتسرب بسرعة، فأنا كعامل اجتماعي غير مسؤول عن تسريب معلومات من جانب العائلة نفسها أو أحد أقربائها، بينما العامل الاجتماعي من غير المقبول أن يرتكب مثل هذا الخطأ.

* هل من كلمة أخيرة تودّين قولها؟

– أدعو جميع الذين يتعرضون لحالات عنف أو أذى، وخاصة النساء، أن يكون عنوانهم الأول هو قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية، وأن يتوجهوا إلينا قبل الذهاب للشرطة، لأننا العنوان لكل أسرة وبيت وعائلة وطفل وأم وأب، نجتهد قدر الإمكان لاستنفار طواقمنا والأطر المناسبة لكل فرد في المجتمع الفحماوي، كما أحث المواطنين على استثمار قسم الخدمات الاجتماعية كمورد إصلاحي. وأؤكد على ضرورة صنع الشراكة مع باقي الأقسام والمؤسسات داخل البلدية بهدف الوصول إلى الحلول في أسرع وقت وبأقل جهد وموارد مادية”.

تقرير أنس موسى,  ام الفحم

‫3 تعليقات

  1. كل الاحترام لشؤون ام الفحم كلهم مهنيين وبشتغلوا بمهنية وبدون محسوبيات لا بين الطاقم ولا مع الناس اللمحتاجي …الكل خلية نمل متجانسة بالعمل
    والفضل للمديرة ….كل احترام …
    وما شاء الله يا حجة صرتوا 50 موظفة وموظف بمدة قليلة .هاذا بدل انكو بتشتغلو
    الى الامام ام الفحم

  2. كل الاحترام الك صدقيني انواكبر واسمئ وظيفه للمراه هو تربية اجيال على الاخلاق واذا كان غير ذلك فهو فساد للامه انظري الى نساء هذا العصر سياره نظارة شمس ايفون اخر موضه ومن جوا فاضيه واسفاهههههههههههههههههههههه

  3. ام الفحم بالصدارة بكل اشي وخاصة الشؤوون المتميزة بين كل المكاتب بالمثلث ..
    بشتغلو ليل نهار وما فاضيين للقيل وقال وما بتسمع عنهم اشي غير مقبول لا كلاميا ولا عمليا
    استمروا هاكذا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة