كيف يكون التوكل على الله؟

تاريخ النشر: 14/03/15 | 14:14

إذا راعيت الأسباب فأنت متوكلٌ على الله، أما إذا تركت الأسباب فأنت متواكل، ولست متوكلًا؛ ولذلك
في حديث وإن كان بسندٍ ضعيف: أن أحدهم أتى ببعيرٍ فتركه خارج المسجد، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله، هذه بعيري أو راحلتي، أعقلها وأتوكل”. [يعني: أربط رجليها علشان ما تمشيش هنا ولا هنا، وأتوكل على الله. يعني: آخد بالسبب وأتوكل على الله؟ أو أتركها وأتوكل؟- قال: «بل اعقلها وتوكل»].
فصارت هذه العبارة مثالًا بين الناس. يقول لك: يا أخي، اعقلها وتوكل. يعني: ائتِ من الأسباب ما تستطيع ثم قل: يا رب.
حتى قالوا: إن الفلاح يلقي الْحَبّ ثم يدعو ويقول: يا رب. فإذا لم يلقِ الْحَبّ لن يوجد زرع ، يعني: لو جلس الفلاح ولم يلقِ الْحَبّ وقال: يا رب، أنبت لي هنا قمحًا ، ولا شيء حيطلع .
لكن لو ألقى الْحَبّ -حَبّ القمح- وبعدين يدعي: يا رب، استرها، يا رب، نَزِّل المطر، يا رب، طَلَّع النبات. فيطلع النبات
إذن، ترك الأسباب: جهل، والاعتماد على الأسباب وأن هي الفاعلة شرك .
فقالوا : أنه الاعتماد على الأسباب شرك، وترك الأسباب جهل.
قال العلماء -وهذا موجود في حديث عمر بن الخطاب : «إنه توكلتم لرزقكم كما تُرْزق الطير». وماذا عن الطيور؟ تغدو وتروح. ولكن إذا جلست في وكناتها، في أوكارها، في عشتها، ولم تسعى ؟ والله في سماه، ما هتاكل ولا هتشرب. لازم الطير يطلع يبحث عن رزقه، فربنا يرزقه.
إذًا لابد من السبب «تغدو خماصًا». (خماصًا) يعني: جعانه، عايزه تاكل، «وتروح … » ترجع « … بطانًا». بطنها مليان وشبعانة في أمانة الله، من أين أتت بالرزق ؟ ربنا رزقها، من غير تدبير .
سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج إلى أُحُد، دخل فلبس درعين، وليس درع واحد، وخالف بينهما. يعني: درع في الوجه ، ودرع بالظهر، الدرع ده عبارة عن زراديات من الحديد؛ علشان السيف لو نزل عليها لا يجرح .
ولكن أليس درع واحد يكفى؟ لأ، درعين، درع فوق درع. ولبس الخوذة، يسموها: اللأمة.
ولكن الله تعالى قال له: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ربنا يحميه فلا يوجد شيء يؤذيه ، ولكن يجب أن نأخذ بالأسباب ونلبس الدرع، ونخالف معاه درع أخر، ونلبس الخوذة، ونحضَّر السيف، ونقول: يا رب انصرنا، يا رب استرها معانا.
فإذًا لابد من الغدو والرواح؛ حتى يتحقق التوكل مع إتيان الأسباب وليس الاعتماد عليها، ونقول دائمًا : يا رب.
فواحد يقول لي: هذا الفلاح الذى ألقى الْحَبّ دعا، وهذا الفلاح الذى ألقى الْحَبّ لم يدع، فهذا حَبّه خرج وهذا حَبّه خرج ! قلت له: ربنا سبحانه وتعالى هو الذى رزق هذا، ورزق هذا ، والذى لم يدع هو حر فـ«الدعاء هو العبادة» فهو عايش في حياته بِرِجْل واحدة، عايش بالحياة الدنيا وأسبابها ، أما الذى دعا فهو في حالة عبادة، في حالة إيمانية، في حالة يرى فيها الحقيقة.
إذًا نحن نقرأ القرآن، ونقرأ الأكوان: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. وهو الأكوان.
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} وهو الوحي، فنحن نرى كتاب الله هذا، وكتاب الله هذا.
هذه الأحاديث رَبَّت في أنفس المسلمين أعلى أنواع التوكل على الله، التوكل على الله بينتج منه: الرضا بأمر الله، التوكل على الله بينتج منه التسليم بأمر الله، أنه لا يكون في كونه سبحانه وتعالى إِلَّا ما أراد.
فاللهم اجعلنا مِمَّنْ يتوكلون عليك حَقَّ توكلك.

04

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة