رواية “العسف” وتجربة الاعتقال
تاريخ النشر: 17/03/15 | 11:00رواية العسف للكاتب المقدسي جميل السلحوت، صدرت عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس تقع في 127صفحة من الحجم المتوسط، وهي الجزء الخامس في سلسلة روايات الكاتب.
العنوان يتكون من كلمة واحدة تشي بحجم القهر والظلم الذي ألمّ بالشعب الفلسطيني وخصوصا السجناء.وما الأدب إلّا انعكاس للواقع الاجتماعي، وبما أن الانسان الفلسطيني صاحب قضية، ومعاناة حقيقية، فقد شكلت معاناته أساس الابداع، فها هو الكاتب جميل السلحوت يتحفنا بعمل جديد إذا ما قورن بأعماله الأدبية السابقة، وإن لم يكن بجديد على الساحتين العربية والفلسطينية، فهو يندرج تحت إطار أدب السجون، والحديث عن حياة السجون والتجربة الاعتقالية قديم، وقد تطرق إلى هذا الموضوع الكثير من الشعراء والكتاب منهم خليل بيدس صاحب كتاب (أدب السجون)الذي صدر ابان الانتداب البريطاني، و ابراهيم طوقان وعوض النابلسي، وكتب الدكتور أسعد عبد الرحمن (يوميات سجين) وصدر حديثا كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في السجن، كما صدر لحسام خضر كتاب (الاعتقال والمعتقلون بين الاعتراف والصمود).وعلى الصعيد العربي أبرز من تناول هذا الموضوع هو عبد الرحمن منيف و في أكثر من رواية، منها (شرق المتوسط الاّن هنا)و (شرق المتوسط) والسجين في شرق المتوسط لدى منيف هو السجين لدى السلحوت وإن اختلف السجّان، وهموم رجب في شرق المتوسط وهموم خليل في العسف تكاد تكون واحدة، وحين تسلّط عين الظالم على المغلوب، ويكون المغلوب شجاعا فلا بد من التحلي بالصبر والصمود، ورجب في شرق المتوسط لم يستمر في صموده ووقّع على الوثيقة في النهاية تلك الوثيقة التي تلزمه بعدم التدخل في الأمور السياسية على خلاف خليل الذي ظل صامدا، ورفض التوقيع على الوثيقة التي تنفي تعذيبه بطرق وحشية.
وتطرقت الرواية للحديث عن العملاء كأبي سالم وأمثاله كثر في مجتمعنا، وعن الوطنيين والشرفاء كأبي داود.وأكثر ما لفت انتباهي في هذه الراوية أو تلك استخدام المرأة كوسيلة للضغط على السجناء للاعتراف، وهم على أشدّ المعرفة بأن عرض المرأة أغلى شيء عند الإنسان العربي؛لذا استخدموا أكثر الأساليب قذارة، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.وقد أبدع الكاتب السلحوت في وصفه للزنازين الاسرائيلية بكل دقة فيقول:”عرض الزنزانة لا يسمح لنزيليها الاثنين بأن يتمددا فيها، وكل منهما يضع رأسه بجانب رأس زميله، فاتفق نزيلا كل زنزانة أن يتمددا متخالفين”ص57.وأبدع كذلك في نقل صورة التعذيب الوحشية داخل السجون الاسرائيلية، يقول: “دخل عليه ثلاثة رجال يتطاير الشرر من عيونهم، أحدهم يحمل حبلا، والثاني يحمل أسلاكا كهربائية”ص33.وقد استطاع الكاتب بسرده العفوي الصادق أن ينقل صورة حقيقية للعالم أجمع عن المأساة الفلسطينية، فقام بدوره في المقاومة وأكثر سواء من خلال الوصف الصادق، أو من خلال حث الشباب على المقاومة والصمود، فاستحضرني بيت الشعر القائل: إن عشت فعش حرا أو مت كالأشجار وقوفا.
رولا خالد غانم -طولكرم