رحيل الصديق وليد صادق
تاريخ النشر: 20/03/15 | 14:06رحلت يا أستاذ يا صديقي وليد صادق!!! أهكذا كل يوم نفقد حبيبًا!!!!
بالأمس اتصلت حتى أطمئن عليه، رن الهاتف ورن ورن وما من مجيب. كررت المحاولة وهيهات! أقرأ النعي اليوم فأعزي نفسي وأعزي كل أحبائه!!
أعيد لكم نشر ما كتبته عنه في السنة الماضية لدى نشر كتابه أو سيرته الذاتية:
كتاب جديــد وشائق للأستاذ وليــد صادق
أهداني المرحوم الأستاذ وليد صادق كتابه/ سيرته الذاتية- “منفيّ في وطنه- من الطيبة إلى الكنيست” الذي صدر أولاً بالعبرية سنة 2012، وها هي ترجمة السيد برهان السعدي إلى العربية بالإخراج نفسه.
ولد وليد في الطيبة- المثلث سنة 1936، وعمل مدرّسًا في ثانويات مختلفة، منها ثانوية باقة الغربية، ومن هنا توثقت عرا الصداقة والزمالة.
كان من مؤسسي حركة شيلي، فالحركة التقدمية، وتسنى له أن يكون عضو الكنيست من 1992- 1999، كما تولى منصب نائب وزير الزراعة.
دعاني أبو خالد مشكورًا إلى غداء مطهم، وكان بصحبتنا شقيقه البروفيسور صدقي الصادق الذي قضى زهرة عمره مغتربًا في الولايات المتحدة، وأصدقكم أن متعة الحديث والنقاش معهما في أمور مختلفة كانت أطيب وأشهى لا أقل.
إليكم المقدمة لهذا الكتاب، وهي بقلمي:
منفيّ في الوطن
السيرة الذاتية هي المرآة التي يلتقي الفرد فيها مع ذاته، يستحضر الماضي ليواجه بها الآتي، فيستذكر حكاية القلق ومرحلة المعاناة، يستذكر فرحة وردت، وحزنًا عرا، نجاحًا أصاب، وخيبة مرت، كل ذلك ليقدم للوافدين من القراء الماء والأثر، والثمر والعِبر، يقدمها لمن يحاول أن يبحث عن أحوال النفس المرهفة ومقاماتها، ولمن يحاول أن يقرأ تاريخ ما كان، ويناغي الحاضر من خلال استيحاء واستقراء.
إنها رحلة الوصول إلى ظلال المحبة والوطن.
هي محاولة اقتناص عيشة أخرى تراثية فيها الحنين (النوستالجيا) بقدر ما فيها من عرض لنجاح، ولم لا؟
الأستاذ وليد صادق دعاني إلى وليمة الحروف- إلى قراءة كتابه (منفي في وطنه- من الطيبة إلى الكنيست)، وتسنى لي ذلك بالعبرية، إذ كان النشر بهذه اللغة أولاً، ذلك لأن دار نشر عبرية أبدت له استعدادها للنشر، ووزعته، بل هناك من كتب عنه كتابات نقدية في الصحف العبرية، فلا بأس إذن ما دام الخطاب يوجه أيضًا وضرورة للقارئ العبري. ولم يكن ذلك إغفالاً عن العربية، فهي المبتدأ والخبر، وها هو الكتاب بين أيديكم في حلته التي تنطق العربية عودًا وبدءًا.
قلت عندما كتبت سيرتي الذاتية: “ترى ما الذي يدعو الكاتب إلى تعري نفسه؟ إلى بوحه؟
ربما يكون بدعوى المشاركة الوجدانية،
ربما للإمتاع والمؤانسة،
ربما هي مراجعة أخيرة لكتابة الفصول يستعرضها فيعرضها قبل أن تدبر أنفاسه”.
فلتكن جميعها، ولا غضاضة إن جنحنا إلى المبالغة تارة، وإن شططنا عن الجادة قليلاً تارة أخرى، فجلّ من لا يسهو، فوكدنا هنا أن نتواصل، ونتذاكر لا أن نكتب تاريخًا فيه توثيق أو تعليق، بل هي رؤية فرد عايش عيشة المنقذ وتشبث الغريق.
وأخيرًا، فقد استمتعت بكتاب الصديق وليد صادق، لدقة وصفه، ورافقته في حكايات البئر، وفي رحلاته، وفي جرأته آنًا ومحاذرته طورًا، وكم كانت الصفحات الختامية مؤثرة درامية تشد القارئ، فينفعل من خلالها حتى يكاد يبكي.
وأخيرًا، فإنه يبدو أن الماضي في السيرة هو لعبة الزمن ترد إلى الفرد أو الجماعة لتقول لهم: هنا أنتم، فاقرءوا حكاية ما رأيت!
بـقـلم: أ.د فاروق مواسي