انطلاق مشروع الإجازات والاسنايد في مصاطب الاقصى
تاريخ النشر: 05/12/12 | 21:01استمرارا لمشروع إحياء مصاطب العلم في المسجد الأقصى المبارك الذي ترعاه مؤسسة عمارة الأقصى فقد تمّ ولله الحمد تبني مشروع الإجازات والأسانيد في العلوم الشرعية بالتعاون مع معهد الإجازات الشرعية برئاسة أ.د عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن في الإزهر الشريف . حيث سيتمّ من خلال هذا المشروع قراءة أهم الكتب في مختلف العلوم الشرعية ومنح الطالب إجازة بالسند المتصل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم .
وحول ماهية هذا المشروع وأهدافه ورسائله فقد أجرت مؤسسة عمارة الأقصى لقاءاً مع الدكتور مشهور فواز محاجنة أستاذ الفقه واصوله في كلية الدعوة والعلوم الإسلامية – أم الفحم والأستاذ المجيز في معهد الإجازات الشرعية .
س . عمارة الاقصى : هل لك أن تقدم لنا توضيحاً موجزاً حول هذا المشروع ؟
د . مشهور فواز : هذا المشروع يعتبر المشروع الأول الرائد في الداخل الفلسطيني بل لا أبالغ إن قلت على مستوى فلسطين ككل ، فالحمد لله أولا ثمّ نتقدم بجزيل الشكر لمؤسسة عمارة الاقصى على تبني هذا المشروع لما فيه من إحياء لتراثنا الأصيل وارتباط معنوي وروحي وعلمي بسلسة العلماء الأوليين ، فشيوخ الإسناد في العلم آباء في الدين ووصلة بين الطالب وبين رب العالمين .
هذا المشروع يقوم على إحياء الإسناد بين أهل العلم الذي كاد أن يقتل في حياتنا وهو من المهمات المطلوبات للمعلم والطالب .
يقول ابن المبارك : الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء بما شاء .
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه : الذي يطلب الحديث بلا سند كحاطب ليل يحمل الحطب وفيه أفعى وهو لا يدري .
وقال بعض السلف : إنّ الإسناد له أي لطالب العلم كالسيف للمقاتل فإذا لم يكن يحمل سيفا فبأي شيء يقاتل .
وقال يحيى بن معين : الإسناد العالي قرب إلى الله تعالى وإلى رسوله الأمين .
لذا فإننا نسعى بإذن الله تعالى من خلال هذا المشروع أن نوثق الرابطة الروحية والعلمية بين التلميذ وشيخه من خلال رابطة الإسناد فشتان بين من شيخه الكتاب وبين من يأخذ العلم من صدور الرجال .
فالإسناد عبارة عن سلسلة نورانية ورثها الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونقلوه لمن تبعهم بإحسان فالذي يتلقى العلم بالإسناد يحظى بهذا الميراث النوراني وكفى الراوي المنتظم في هذه السلسلة شرفاً وفضلاً ونبلاً أن يكون إسمه منتظماً مع إسم المصطفى صلى الله عليه وسلّم في طرس واحد .
ولمّا كان الإسناد من الدين والأخذ به متمسك بالحبل المتين لا يحيد عن طريقه المستقيم عكف أهل العلم سلفاً وخلفاً عليه وتوجهت مطايا هممهم إليه حرصاً منهم على ما يدوم به درسه ويثبت بين أهل العلم وجوده ورواجه وقديماً قيل
ما مات من كان مذكورا روايته قد مات قوم وهم في الناس أحياء
وعاش قوم ولم تذكر مشاهدهم فمات ذكرهم والقوم أحياء
س. عمارة الاقصى : ما هي المدة التي تستغرقها كل دورة للحصول على باب أو كتاب من كتب العلم ؟
د.مشهور : سنحرص على اختيار وانتقاء الكتب المتداولة بين الناس والمختصرة بحيث يمكن انجازها في أقل مدة ممكنة وذلك بالتشاور مع مستشارنا وشيخنا في المعهد فضيلة الشيخ عمر بن عبد اللطيف الكيلاني وبالتشاور مع فضيلة الشيخ عبد الرحيم خليل عميد كلية الدعوة والعلوم الإسلامية ومسؤول التربية والدعوة في الحركة الاسلامية .
والفكرة المقترحة أن نعتكف يومين في المسجد الأقصى المبارك ونقرأ كتاباً بصورة مكثفة وبعد القراءة يتمّ منح الإسناد لمن حضر والتزم معنا لذا سنحرص على اختيار كتب معينة يتمّ انجازها في يومين مكثفين .
س . عمارة الاقصى : ما هي أهم الكتب التي تريدون تدريسها في مشروع إحياء المصاطب ؟
د. مشهور : سنختار المتون والمختصرات الفقهية وكتب الحديث المنتشرة بين الناس كرياض الصالحين والاذكار للإمام النووي وشروحهما وكتاب الشفا للقاضي عياض والأربعين النووية وشرحها لإبن دقيق العيد وغيرها من الكتب المتداولة بين كافة شرائح الناس والتي نتوخى بأن يكون لها مردود تربوي ودعوي وحركي على المجتمع .
وسيكون هنالك كتب خاصة لأهل الاختصاص كتدريس المنظومة الرحيبية في علم الفرائض والمطولات الفقهية وكتب العقيدة .
س. عمارة الاقصى : ما هي شروط القبول لهذا المشروع ؟
ليس هنالك ثمة شروط للقبول فالباب مفتوح للجميع ولكن هنالك شروط للحصول على الإجازة وهذا يتحدد لاحقاً بناء على الكتاب الذي سيطرح تدريسه وفق اللوائح التي تضعها إدارة معهد الاجازات الشرعية ، فما يشترط لإجازة في كتاب الفرائض والمواريث على سبيل المثال لا يشترط لإجازة في الأربعين النووية !!
س. عمارة الاقصى : هل سيكون امتحان واختبار بعد دراسة الكتاب ؟
د. مشهور : بالتأكيد الإختبار بعد الحضور والاستماع شرط للحصول على الاجازة فلا يحصل الطالب على إجازة في الرواية إلاّ بعد إجتياز اختبار المعهد كي لا يحمل السند من ليس له بأهل كما أوصانا مشايخنا .
س .عمارة الأقصى : هل حامل السند يتأهل لئن يجيز غيره ؟
د.مشهور فواز : بالطبع إن رأيناه أهلاً للتحمل والإجازة وذلك بعد اجتياز اختبار المعهد من خلال لوائح المعهد ومعاييره ، بل نحن نشترط عليه أن يدرس في المسجد الأقصى خمسة طلاب على الأقل كما سبق .
س . عمارة الاقصى : من هم شيوخكم في الإسناد ؟
د. مشهور فواز : لقد حبانا الله تعالى بشيوخ عدة نروي بواستطهم كتباً شتى من مختلف العلوم الشرعية ولكن أكثر هؤلاء المشايخ عنهم رواية هو فضيلة شيخنا العلامة الشيخ عمر بن عبد اللطيف الكيلاني الذي يعتبر من أعلى المسندين في عصرنا .
فإنني أروي عنه المذهب الشافعي والحنفي بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأروي عنه متوناً وشروحاً في العقيدة بالسند المتصل إلى مصنفيها وأروي عنه حاشية البيجوري في المذهب الشافعي باسناد عالِ حيث بيني وبين الامام البيجوري أربعة رجال فقط .
وأروي عنه رياض الصالحين والاذكار والأربعين النووية وشروحها باسناد متصل عال ، وأروي عنه الصحيحين والموطأ باسناد متصل عال من طرق مختلفة .
س .عمارة الأقصى : ما هو أثر هذه الإجازات والأسانيد على الفرد والمجتمع والأقصى ؟
د. مشهور : لا شك أنّ لهذه الإجازات والأسانيد منافع وافرة وعميمة سواءً على مستوى الفرد أم المجتمع وبالتالي فإنّ ذلك سيعود نفعه وأثره وبركته على المسجد الأقصى المبارك .
ذلك أنّ السند كما قلت في بداية حديثي هو عبارة عن رابطة روحية متسلسلة حتى تنتهي برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا يخفى على أحد ما لهذا الإرتباط والإتصال بالرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه من نورانية وتزكية وتربية وتحصين عقدي وفكري .
فلا بدّ أن تنعكس نفحات هذا السند على سلوكيات الفرد ،وبالتالي ستنعكس هذه البركات والخيرات على المجتمع والدعوة لتصبّ كلّها في نهاية المطاف بالمسجد الأقصى المبارك .
وإنّنا من خلال هذه المشروع نتوخى أن يستعيد المسجد الأقصى دوره التاريخي الريادي في التربية والتعليم ، ولا يقتصر على أداء الصلوات فحسب ، فرسالة المسجد أوسع من ذلك لا سيما المسجد الأقصى الذي يعتبر صمّام الأمان للأمة كلّها .
س . عمارة الأقصى : ما هو سبب اختيار المسجد الأقصى لمثل هذا المشروع ؟
د. مشهور فوّاز : إنّ اختيار المسجد الأقصى له إشاراته واعتباراته الإيمانية والروحية والتربوية : فمنها بركة المكان التي ذكرها وأشار إليها القرآن ، ذلك أنّ المكان والزّمان لهما خصوصية عظيمة على قلب المعلم والمتعلم على حد سواء ، ألا ترى أنّ الدعاء على سبيل المثال أحرى أن يستجاب بالمسجد دون غيره من الأماكن ، فما بالك إن كان هذا المسجد هو أولى القبلتين المخصوص بالبركة من بين عموم المساجد ، فليس جزافاً – حاشا لله تعالى – أن يلفت الله تعالى أنظار وقلوب عباده لبركته بقوله : ” الذّي باركنا حوله ” وإنّما بذلك حثّ للقلوب قبل الأجساد لئن ترابط وتعتكف وتتسابق بتحصيل هذه البركة الإلهية المتجلية في المسجد الأقصى المبارك والتي تعود منفعتها على الفرد والأسرة والبيت والمجتمع .
ثمّ إنّنا نسعى لئن نجدّد إحياء مصاطب العلم في المسجد الأقصى المبارك على نهج الأقدمين في التدريس ، وذلك من خلال وبواسطة الأسانيد المتصلة بالنبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليه ، والتي نأمل من خلالها أن يتخرج جيل ربانيّ بفهم صحيح شمولي للإسلام وبقلب متصل بالله تعالى بواسطة نورانية ورابطة الإسناد الشريف وهو يترشح لئن يكون جيل التمكين بإذن الله تعالى .
ثمّ لا يفوتنا ما يتعرض إليه المسجد الأقصى المبارك من تضييق للخناق عليه فلعلّ من خلال هذه الفكرة ومن خلال غيرها من المشاريع التي ترعاها مؤسسة الأقصى أن يكون حثاً وتشجيعاً لشدّ الرّحال إلى المسجد الأقصى ، فأملنا وطوحنا لا يتوقف عند حلقة تعليم واحدة في المسجد الأقصى وإنّما نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى أن تكون عشرات الحلقات في المسجد الأقصى تجتمع على مائدة علم واحدة بهمّ واحد وهدف واحد وحب واحد ، وهو الله تعالى ، ذلك أنّنا نشترط على كل من نراه أهلاً من حملة الإسناد أن يدرّس في السنة خمسة طلاب على الأقل في المسجد الأقصى وهكذا الخمسة يدرسون خمسة حتى تصبح حلقات العلم في المسجد الأقصى كخلايا نحل مدوية بذكر الله ، فبذكر الله يستعيد الأقصى مجده وعزه وتألقه وبهاءه .
س. عمارة الأقصى : كلمة أخيره توجهها لجمهور القرّاء وللمجتمع ؟
أولا : أحمد الله تعالى أن وفق إخواننا في عمارة الأقصى بتلقف هذا المشروع والإهتمام به وأثنّي عليه تعالى بالحمد أن منحني هذا الشرف العظيم كي أكون خادما للعلم وطلبة العلم في المسجد الأقصى المبارك .
ثانياً : أتوجه أولا إلى طلبة العلم على وجه الخصوص وإلى كل من يرى بنفسه قدرة على تلقي العلم ويجد في قلبه قابلية وجاهزية لئن يجلس على مصاطب العلم من عموم الناس أقول لهم جميعا : المسجد الأقصى يدعوكم رجالاً ونساءا شيوخاً وشباباً إلى محاضن ومصاطب العلم على أصوله ومنابعه الصافية كي تزكو بها نفوسكم وتحفظوا بها أقصاكم وتحيوا من خلالها سنة نبيكم ، تعالوا بنا لنجتمع على ميراث النبوة لتكتحل بذلك عيني الأقصى ونعمّق أواصر الأخوة والمحبة برابطة علمية روحية تربطنا وتصلنا بسندنا وسند الأولين والآخرين سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم .
ولا يفوتني ان أتوجه إلى مشايخي ممّن أذن وأجاز لنا بالإسناد على دعمهم وترحيبهم لهذا المشروع في المسجد الأقصى المبارك كي يحظوا بسهم المشاركة والرباط فيه وأخصّ منهم بالذكر سندنا الفقيه الأصوليّ المحدّث المفسر النّحويّ معز الدّين عمر بن عبد اللطيف الكيلاني سقى الله عهده .
ثالثا : أتوجه إلى أهلنا الكرام ممّن لا يتمكن من الحضور والمشاركة لعذر أو حابس أن يدعو الله تعالى لنا ان يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم وألاّ يدع فيه حظاً لنفس ولا لدنياً ، فمن لا يتمكن من الحضور فلا يحرمنا من الدعاء فلعلّ بدعائه الخالص الصادق يأخذ مثل أجر كل من حضر لأنّه ببركة دعائه قد يكتب للمشروع بالتوفيق .
هذا وسيعلن عن بداية الدورة الأولى من دورات الإجازات والأسانيد في المسجد الأقصى عمّا قريب بإذن الله تعالى وسيعلن عمّا سيدرس من الكتب وكل ما يستلزم الدورة ، فتابعونا وكونوا معنا من خلال صحيفة صوت الحق والحرية وموقع فلسطينيو 48 .