النهى عن تمنى الموت لعدم انقطاع الخير
تاريخ النشر: 25/03/15 | 12:11كثيرا ما نسمع فى ايامنا بعض الأفراد يتفوهون بمقولات يتمنون فيها بالموت نظرا لضيق العيش وتكاليف الحياة الصعبة.
لذا نهانا النبى صلى الله عليه وسلم عن تمنى الموت فى شتى الأوقات والعمل وكسب الرزق من الحلال.
فعن أَبَى هُرَيْرَةَ قَالَ “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ “لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْراً وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ”
رواه البخارى كتاب المرضى.
يخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الحديث الشريف أن عمل المسلم وحده لا يكفى لدخول الإنسان الجنة بل لابد من أن تتغمدنا رحمة الله وأيضاً ينهنا عن تمنى الموت لأنه فى ذلك أما أن يكون انقطاع للأعمال الصالحة التى كان يفعلها المسلم أو تضييع فرصة التوبه على العاصى.
معنى الحديث: أن عمل المسلم ليس موجباً لدخول الجنة وإنما هو سبب عادى فإن دخول المسلمين الجنة رحمة من الله تعالى ولكن منازل الجنة تنال بالأعمال لتفاوت درجاتها بحسب تفوات الأعمال فإنه تعالى هو الذى ألهم العاملين بالطاعات ما نالوا به ذلك إذا أنه لايخلوا شىء من مجازاته تعالى لعباده من فضله ورحمته.
ويوضح الحديث أن مع عظم قدر النبى (صلى الله عليه وسلم) فإنه لن ينجيه عمله أو يدخله الجنة إلا أن يلبسه الله ويغشيه بمغفرته ورحمته تعالى، وقوله ” فَسَدِّدُوا ” اى اطلبوا السداد واعملوا وأقصدوا بعملكم الصواب بإتباع السنة ليقبل الله عملكم فيُنزل عليكم من رحمته.
والسداد الذى أمر به الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الحديث هو الحق والصواب ولا بد فيه من أمرين : الأول أن يكون العمل خالصاً لله تعالى لاشركة لغيره فيه، والثانى أن يكون على النهج الذى جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) فلا إشراك بغير الله ولا إبتداع فى الدين مالم يأذن به الله تعالى فإن العمل علامة على وجود الرحمة التى تُدخل العامل الجنة.
وقوله “وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ” أى لاتفرطوا فتجهدوا أنفسكم فى العبادة لئلا يفضى بكم ذلك إلى الملالة فتتركوا
العمل فتفرطوا، ولا تتمنوا الموت ولا تدعوا به من قبل أن يأتى للإنسان، فإن العبد إذا نزل به الموت يكون حاله في ذلك الوقت حال من يتمني نزوله به ويرضاه لأنه واقع به، فيكون المعني أن يطمئن قلبه إلى ما يرد عليه ويتمنى من ربه الرضا عليه.
وقوله “إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْراً وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ” أى ربما أن يكون فاعلاً للخير فلعله يستزيد من فعل الطاعات وبذلك يزيد الثواب عند الله تعالى وتزيد درجته فى الجنة، وإما أن يكون فاعلاً للمعاصى والذنوب فلعله ” يَسْتَعْتِبَ” أى يطلب العتبى وهو الإرضاء أى يطلب رضا الله تعالى بالتوبة ورد المظالم وتدارك الفائت.
ما يستفاد من هذا الحديث الشريف أن المحسن لابد أن يرجو من الله الزيادة بأن يوفقه للزيادة من عمله الصالح، وأن المسيء لا ينبغي له القنوط من رحمة الله ولا قطع رجائه.