حراثة البوح
تاريخ النشر: 08/12/12 | 1:24مَشيئةُ القولِ مُباحَةٌ
فَمُرّي عَلى البَحْرِ نَوْرَسًا
البَحْرُ صغّرَ الفِكْرةَ ؛
يَجْرَحُ الرّيحَ بِيَدِ عاصِفَةٍ
يُعِدُّ لِكُلِّ كَفٍّ.. طالِعًا نازِلاً إلى ما تُحِبُّ
كَما مُشْتَهى الأحْلامِ..
في عُبورِها الضَّيِّقِ عَنِ السَّماءِ
تَغْتَسِلُ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ فَوْضى مَساءاتِنا القَديمَةِ
تَنْزِلُ دَرَجاتِ الرّوحِ بِكُلِّ حِشْمَةٍ
تَنْدَمِلُ … كَقَطْرَةٍ بارِدَةٍ في الرَّجاءِ
تَنْضَحُ الْبِئْرُ بَعْدَها بِتَساؤُلاتٍ غارِقَةٍ
في ثَرْثَرَةِ الكَلامِ .. أَيْنَكِ …ِ
أُسْقِطُ زَمَناً إضافِيّاً عَلى رُموشِكِ
كَيْ أَصْحُوَ دافِئاً جِدّاً
هارِباً مِنْ سَكينَةٍ قَرينَةْ
مُرّي وَالْمالِحُ يَجْلِسُ فَوْقَ رُكْبَتَيَّ
يُغاثُ مِنِ انْزِواءِ فُرْصَتِهِ الطَّويلَةِ بِالْبَقاءِ
جِوارَ أَرْواحٍ مُبَلَّلَةٍ بِالنِّسْيانِ
يُغيثُهُ قَلْبانا بِاقْتِرابِ الْمَوانِئِ مِنَ السُّفُنِ الشّارِدَةِ
يُغْرِقُ مِعْطَفَهُ آخِرَ النَّهارِ
مِنْ غَيْرِ انْزِياحِ الرَّتابَةِ عَنْ دَرْبِهِ الأَبَدِيِّ
رُبَّما ، إذا ما أَدْخَلَنا قِرْطاسُ النَّبْضِ إلى صَحْرائِهِ
يَكْبُرُ بِنا .. يُوَزِّعُ ماءَهُ عَلى السَّواحِلِ بِالتَّساوي
البَحْرُ أَصْغَرُ مِنَ الْفِكْرَةِ
يُرَتِّقُ الْوُجودَ
بِرُمْحِ اغْتِرابِهِ الْمُغَلَّفِ مَعَ الْبِدايَةِ
مُرّي … وَلا يَخونَنَّكِ الظَّنُّ
هشّي بِعَصا الرّوحِ مَزارِعي
تَجِدي كَنائِسَ الْقُدَماءِ تَعُجُّ بِصَباحاتِ النَّدى
تُغْلِقُ الطُّرُقاتِ الْبَعيدَةِ بِزَهْرَةِ الْمُرْتَجى
وَتَقولُ عاشِقَةٌ لِقَرينِها :
خُذِ الثَّغْرَ مِنْ طَرَفِهِ .. دَعِ الْبابَ لِلْعِتابِ .
فَيَضْحَكُ الرَّبيعُ قَبْلَ أَوانِهِ
أَرْكُضُ بِكُلِّ أَزْمِنَتي إلَيْكِ
سَهْلاً .. وادِياً .. بَحْرًا
وَسَطْراً صاعِداً في سُلَّمِ اللَّحْنِ
نَحْوَ الْقَصيدَةِ
وَأَسْمَعُ سِحْرَ الْكَلِماتِ /كَلِماتِكِ
تُنادي مِنْ ضُلوعِ اللُّغَةِ عَلَيَّ
أَصْغُرُ عَنْ عُمْري .. وَأَكونُ
بَيْنَ حُروفِكِ الْمُنادى عَلَيْهِ
ثَلْجٌ يَتَرَقْرَقُ مِنْ رِمْشِ جَبَلٍ
يُلَمْلِمُ التَّلاشِيَ فيهِ
يُدَوِّنُ خُلودَ اللَّحْظَةِ
لا يَمُرُّ عَلى إيقاعٍ باهِتٍ كانَ
بَلْ… لِلْبِئْرِ مِرْآةُ الأزْمِنَةِ
مُرّي بِكَمالِكِ الْفِضِّيِّ
إِصْغي إلى رَنينِ الْهَواءِ
في جَيْبِ التَّنَهُّداتِ الْمُضيئَةِ
يَسْتَكينُ رَعْدُ الْفُؤادِ
تَسْتَوي مَعارِجُ الأُمْنِياتِ
تُعْطي الْحَياةَ حَياةً أُخْرى
تَنْسَلُّ الْعُزْلَةُ عَنْ شُرُفاتِ اللَّيْلِ
نَقولُ لِلْغِيابِ :
أعِدَّ السَّمَواتِ في بَعيدِكَ
أُتْرُكْ لَنا نَوافِذَ الاٌحْتِمالاتِ
فَالْعِمادُ..
نَبْضُ صَمْتٍ مُباحٍ
أُرْجوحَةٌ مَنْصوبَةٌ في كَلِمَةٍ
تُراوِدُ الْخَجَلَ الْمَدْفونَ
تُغْريهِ بِعَبَقِ الإنْصاتِ
لا بُدَّ مِنْ حِراثَةٍ إذَن
لِنَقولَ لِلْبَساتينِ:
مِنْ شَذاكِ هاتي
فَهذا النَّصُّ حِراثَتي في الْبَوْحِ
الْماءُ مِنْكِ
رِيّاً في أَرْضِ الرّوحِ
وَبِراحةِ يَدِكِ الْخَلاصُ
يا سَماوِيَّةِ الْغِوايَةِ *
* “ردا على قصيدة سماوية غوايتي” لآمال عوّاد رضوان
بقلم – ناصر عطا الله