الهلاك للصالحين بسبب سكوتهم عن المعاصي والذنوب
تاريخ النشر: 26/03/15 | 18:29كعادة النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) أن يرشدنا إلى ما فيه الخير والصلاح.
يوضح أن سكوت الصالحين على المعاصى والذنوب وعدم الأخذ بأيدى العصاة إلى الطريق السليم يؤدى بهم إلى الهلاك أيضا مع العصاة.
فقد روى البخاري عن زينب بنت جحش “رضى الله عنها” أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل عليها فزعا يقول: “لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها، قالت: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث” رواه البخارى.
يخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الحديث الشريف عما سيقع للعرب من فتن وشرور قبل قيام الساعة، وأن المعاصى إذا كثرت سينزل عقاب الله تعالى على العصاة والصالحين.
معنى الحديث: أن الاقتراب فى هذا الحديث أمر نسبي لا يمكن أن يقدر بمجرد العقل فلا ندري عن مقدار هذا الاقتراب أوعن موعد وقوع هذا الشر، ولقد قيل في خروج يأجوج ومأجوج إنهم سيخرجون في آخر الزمان بعد نزول المسيح وإن المسيح والمؤمنين يعتصمون منهم بالطور وإنهم سيفسدون في الأرض ثم يهلكهم الله تعالى.
ولماذا خص النبي (صلى الله عليه وسلم) العرب دون غيرهم من المسلمين؟ لأن معظم المسلمين في ذلك اليوم كانوا العرب ولأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم، والمراد بالشر ما وقع بعد النبى من مقتل عثمان، ثم تتوالى المفاسد العظيمة فى بلاد المسلمين، وهذا يدل على أن في خروجهم شرا على البشرية.
وقوله: “فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج”، أى من سدهما، فقد ورد أنهم يحفرون كل يوم حتى لا يبقى بينهم وبين أن يخرقوه إلا يسير فيقولون غدا نأتى فنفرغ منه فيأتونه فيجدونه عاد كهيئته وإذا جاء وقت خروجهم قالوا غدا إن شاء الله فإذا نقبوه خرجوا، والمراد بقوله “مثل هذه” التقريب لا التحديد.
وقوله: “أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث”، والمراد بالخبث الخبث المعنوي الكفر والمعاصي والذنوب أى إذا كثر أنواع الفجور والزنا وشرب الخمور وأكل الربا، وهذا دليل على أن الصالحين يهلكون مع من يهلك ويعم الأمر فتنزل العقوبات عامة فإن كان هؤلاء الصالحين قد اتقوا الله وقاموا بما يجب عليهم من الإنكار أو كانوا عاجزين فيبعثون على نياتهم ويُهلك فيها ما شاء الله من الصالحين ويكون تمحيصا لهم ورفعا لدرجاتهم، أما من كان قادرا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يقم به فلا يصدق عليه اسم الصلاح لأنه عاص من جملة العصاة.
ما يستفاد من هذا الحديث الشريف أن فعل البعض للمعصية سبب فى حصول البلاء ونزول العقاب على الجميع.