دم شبابنا وأمن أهلنا أهم من أية قضية أخرى…

تاريخ النشر: 12/12/12 | 6:17

لا أستطيع أن أتخيل ألماً أكبر من ألم أم أو أب يفقد ابنه، حتى لو تجاوز عمره السبعين. ذلك الشاب الذي قتل هذا الأسبوع في تلك البلدة العربية له هوية, له اسم وله عائلة. من أنت لتقتله وتمزق عائلة كاملة وتيتم أطفالا وتكوي قلب أم بفقدان فلذة كبدها؟ من أنت لتقلق أمن بلدة كاملة ومن أنت لتنزع الأمان من قلوب أهل البلد، بأطفالها, شبابها, شيوخها, شوارعها, ليلها ونهارها؟ من أنت لكي تدمر مجتمعاّ كاملاّ؟ لا توجد لدي كلمة أخرى غير كلمة: عدو. نعم، أنت عدو لكل ما هو جميل في هذه الدنيا, أنت عدو لكل ما هو إنساني في هذا العالم, وأنت عدو لكل البشرية التي تريد أن تحيا وتتطور.

يقولون إن غياب الأمن يخلق الفوضى وإن غياب العدل يصنع الثورات…هل هذا ما يريدونه لنا؟ لا أحسب أن من يسكت عن الجرائم في المجتمع العربي في إسرائيل يريد لنا البقاء والاستقرار والتقدم, بل يريد لنا الفوضى والتأخر والهلاك, ولكنه لا يدرك إن غياب العدل يصنع ثورة.

نحن لسنا بحاجة إلى دراسة مطولة لكي نرى أن الشرطة في إسرائيل والحكومة الإسرائيلية، بشكل عام، لا تأبهان لقتلى العرب ودماء شبابنا. لا نحتاج إلى محلل ذكي لكي نفهم أن “معادلة “دولة ناقص عربي” هي أفضل لسياستنا العنصرية الهمجية”! هذا ليس افتراء, بل هذا هو الواقع. فكيف يتم القبض على قاتل اليهودي بأقصى السرعة، ثم تتم محاكمته ومعاقبته؟ ولطالما قرأنا وسمعنا عن أن إسرائيل ألقت القبض على خليه في ذاك المكان البعيد أو القريب لأنها تهدد أمن إسرائيل! لماذا لم يظهر المتهم بقتل العربي حتى الآن؟ لماذا لم ييتم ضبط الكميات الرهيبة من الأسلحة غير المرخصة حتى اليوم؟ هل لأن دم العربي أرخص وحياة العربي غير مهمة، مثل حياة اليهودي؟ هل ذلك السلاح غير المرخص الذي يحصل عليه الشباب العرب بسهولة فائقة لا يهدد أمن الدولة, لأنه موجه ضد العرب أنفسهم، فقط؟ لماذا تحل قضية قتل في تل أبيب كأنها أهم قضية في العالم, بينما في الطيرة, كفر قاسم, الطيبة, الناصرة, شفاعمرو, وغيرها من قرانا ومدننا العربية في الشمال, المثلث والجنوب يبقى القاتل مجهولا وسلاحه طليقا؟

إن مَن علينا أن نتحداهم اليوم لكي نحارب الجريمة المتفشية في مجتمعنا هم ثلاثة:

1. الشرطة والحكومة وكل مسؤول ومتقاعس عن منع الجريمة في المجتمع العربي وإلقاء القبض على المجرمين وضبط الأسلحة المتناثرة بكثرة في السوط العربي.

2. أنفسنا نحن، كمجتمع، لأننا لم نتحد كما يجب لرفع صوت الحق فنجعله يصمّ الآذان باستيائنا وحقنا في العيش بأمان، لأننا مواطنون شئنا / شئتم أم أبينا / أبيتم. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. نحن نعرف أسباب صمت الشرطة والحكومة وتقاعسهما، كما ذكرناها أعلاه. ولكن، أين نحن، أنا وأنت – نعم، أنت جاري, أو أخي أو أي شخص من مجتمعي العربي؟ طالما بقيتَ ساكتا عما يحصل فأنت مشارك في تدمير بلدك ومجتمعك. لأننا، “في النهاية لن نذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا”!

3. هؤلاء القتلة الذين يعيثون في الأرض فساداّ. وواجبنا جميعا، حكومة وشرطة وسلطات محلية ومواطنين – مطاردتهم، محاصرتهم ومحاربتهم.

هذه القضية الحساسة التي يعاني منها مجتمعنا العربي في إسرائيل وهي آفة الجريمة المنتشرة, أصبحت تهدد أمننا وأماننا كمجتمع وكأفراد. ولذلك، لابد أن نصوغ لها “خارطة طريق” عمليه نشرح من خلالها كيف نستطيع وقف النزيف بطريقة مهنية اجتماعية وسياسية. وهي من أهم ما يجب أن نعمل عليه وأن نضعه في رأس سلم أولوياتنا جميعا.

القيادة تعني العمل وتعني المتابعة, وأنا أرى أن البرلمان هو المكان الذي يتحدى فيه الشخص قدراته وإمكانياته ويختبرها على المحك الحقيقي. ومشروع مكافحة الجريمة ومحاسبة من يفرق بين عربي ويهودي في المعاملة في هذا المجال بحاجة إلى قيادة وتحدٍ, فهذه معركة اجتماعية سياسية من الدرجة الأولى ويجب خوضها وحسمها دون النظر إلى حجم العمل وطول مسيرته, فدم شبابنا وأمن أهلنا أهم من أية قضية أخرى.

بقلم :عيساوي فريج،مرشح ميرتس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة