من هُم النعاج – ومن هو كبشهن
تاريخ النشر: 13/12/12 | 5:58صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.”رُب كلمة لا تُلقى لها بال تَرميكَ سبعين خريفً في النار” , “وما يلفظُ من قولٍ إلا ولديه رقيب عتيد” وهذا يُسجل على كل امرئٍ في كتابهِ الذي لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها.فَينشرُ ذلك يوم الدين.يَوم الحساب الأمين الذي ليس فيه ظلم لأحد من رَب العالمين .
إن هذه الكلمة التي تخرج من فيك اليوم أيضا لها صدىً قوياً وأحياناً يكون مدويٍ ورهيب وأحياناً أيضا تكون قاتلةً لصاحبها. كما حدث مع المتنبيء الشاعر المعروف الذي قال : “الخيل والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ و الرمحُ والقرطاس والقلمُ” , فقتله هذا البيت عندما التقى بالصعاليك في الصحراء وأراد أن ينكر انه قائلاً لهذا البيت من الشعر. فكان حتفه!!!
لقد أصبح العالم اليوم قرية صغيرة من ناحية التواصل والاتصال، فما كان للأنبياء معجزةً وللأولياء كرامة أصبح اليوم لكل البشر عاديا نعمة عامه يرى من في آخر الدنيا قبيلة ويسمعه ،وكأنهُ يعيش معهُ وقريباً منه،لتصبح هذه المعجزة لكل الناس كافرهم ومؤمنهم .
وأعطي مثالاً على ذلك في معركة مؤتة الذي كان يقودها أُسامة بن زيد رضي الله عنهما بين المسلمين والروم،عندما دار رحاها وبداء القتال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم،مع أصحابه وكان يخبرهم عما يدور في المعركة أولاً بأول في بثٍ مباشر،فقال لهم الآن استشهد أسامة واخذ الراية جعفر وبعدها قال لهم استشهد جعفر واخذ الراية عبد الله بن رواحه فكان يخبرهم عما يدور في المعركة مباشرة فهذه تعتبر (معجزة) وكانت مثل هذه الأمور للوليَ كرامة،وبينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب بالناس يوم الجمعة،وإذا به من على المنبر يقولُ بأعلى صوته.يا ساريةُ الجبل الجبل.
وكان سارية يقاتل الروم ويبعد عن عمر بن الخطاب في المدينة أكثر من ألف ميل َفكُشفَ لعمر أن جيش الروم يطوَق المسلمين من كل جانب فنادى عمر يا ساريةُ أن احذر من ذلك وسمعه سارية فنجا وهذه للأولياء كرامه.
وتأتي حادثة أخرى مع الولي الزاهد الشيخ احمد الغزالي مع أخيه حجة الإسلام أبي حامد،عندما جاء الإمام أبي حامد يشكو لأمه أخيه احمد انه لا يصلي خلفه في المسجد الذي يؤم فيه.
وهو العالم والفقيه وحجة الإسلام فطلبت الأم من ولدها احمد أن يصلي خلف أخيه كي ُيخرس أفواه الناس،فلبى هذا الزاهد الكبير طلب أمه،فلم علم أبي حامد الغزالي بذلك فَسُرَّ وفرح جداً،وقَدِم َ للمسجد بنشاط كبير وفي أثناء سيره إلى المسجد لصلاة الجمعة خرجت امرأة من بيتها واستوقفت الإمام أبي حامد تسأله متى تتطهر المرأة من حيضها يا إمام؟ فرد عليها قائلا :سأجيبك بعد عودتي من الصلاة،فوصل أبي حامد المسجد فخطب بالناس وأم بهم .
وفي أثناء الصلاة وهو يقرأ بعض الآيات تلعثم الشيخ في القراءة أي تعتع وكاد أن يقع في خطئٍ في التلاوة ولكن الله عز وجل سترة وعاد لقراءته ثانية وانتهت الصلاة.
فجاء أبي حامد إلى أخيه احمد كي يصافحه ويقول له تقبل الله،وإذا بالشيخ احمد الزاهد يفاجئ أبي حامد بهذا القول : ألا تستحي أن يحجبك حيض امرأة عن الله! فَدُهش أبي حامد من ذلك فقال له: من أخبرك بذلك فذكر له الآية الكريمة “واتقوا الله ويعلمكم الله” وهذه أيضا للأولياء كرامة.
ولكني في حيرةٍ من أمري لما قاله وزير خارجية قطر الشيخ جاسم في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة على أثر العدوان على غزة أن العرب أكثرهم نعاج،أهذه كرامه بان كُشف لك عن بصيرتك أيها الشيخ أن أكثر العرب نعاج ألست أنت منهم ؟ أم انك خارج هذا الصف مع انك منهم و مثلهم وقد تكون كبشهم.
لقوله صلى الله عليه وسلم”الأخُ مرآة أخيه فإذا نظر إليه رأى نفسه فيه” فرأيت فيهم صورتك في هذه المرأة لأنهم إخوانك.
أقول لك أيها الأمير إن بعض الحق معك!لأنك تعلم من هؤلاء العرب الذين يحجون إليك ولأميرك يستجدونكم لاعطاءهم بعض المال والفتات منه!
وللأسف لم يبقى من العرب إلا القليل،الذين منعهم شرفهم ومنعتهم عزتهم وكرامتهم أن يقفوا بين أيديكم أنتم وشركاءكم في السعودية خاصة وفي الخليج عامه ليصفوا صفاً كالأيتام على موائد اللئام،لينالوا رضاكم وتتكرمون عليهم بحفنةٍ من الدولارات لقد اعتقدتم أنكم بهذا المال تشترون كل شيء حتى الرجال,إن كانوا بذقون وبدون شارب أو جُردُ الوجوه لتصبحوا تصولون وتجولون في العالم عامة والعالم العربي خاصة تصدّرون الحرية والعدالة وأنتم أنفسكم لا تملكونها وتريدون أن تغيروا هذا النظام بذاك
وتصرفون الأموال لإشعال الفتن والحروب دون حساب بين أبناء الوطن الواحد،عرباً يقاتلون عرباً ومسلمون يقاتلون مسلمون ويبدأ أئمة ضالين مضلين يعتلون المنابر ويحرضون على سفك دماء العرب بعضهم بعضا فلم يبقى إمام يعتلي منبراً أو عالماً يدّعي انه عالم ولا مفكراً يدّعي انه المفكر العربي الأول ولا محللٍ سياسيا أو غير ذلك إلا بهذا المال استخدمتموه من اجل هذا الغرض وأيضا زيادة على ذلك ملكتم وسيلةَ إعلامٍ تديرها مخابرات SIA الأمريكية ومن وراءها الموساد الإسرائيلي .
فكل من يظهر على قناتكم الجزيرة يكون قد قبض مقابل كل كلمة يسوّقها للمشاهدين بتحريض المصري على المصري والليبي على الليبي واليمني على اليمني والسوري على السوري وتسفكُ الدماء وتسيل انهاراً،وتُخرّب القرى والمدن لتصبح قطر وأميرها قادة وزعامة لهذه الأمة.
بئس من هذه الأمة التي سيكون على رأسها حاشيةٌ فاسدة عميلةٌ فاعلة وخادمةٌ لأسيادها،وذلك كله فقط لأنها تملك المال! فيخضع لها الرجال وللأسف الشديد دخلت قضية فلسطين في هذا الشرك ليشتريها أمير قطر بمئات الملايين من الدولارات ،بعد أن كانت في صف الممانعين والمقاومين وها هي التحولات بدأت تظهر على لسان السيد مشعل أمين عام حركة حماس بعد انتقل من ممانع ومقاوم إلى أن ينظّم تحت عباءة حكام قطر،لينطبق عليه قول وزير خارجيتها حمد أن السيد مشعل واحدا من هؤلاء النعاج.
يُساق إلى حيث يسوقها راعيها،بالأمس قال مشعل فلسطين من البحر إلى النهر واليوم قبل بحدود1967 فما بين الذي امن به مشعل بالأمس وما يؤمن به اليوم مساحة واسعة فأين المبادئ والثوابت؟.
ولكن حتى لا ننسى أن هنالك أيضا اُسودٌ في هذه الأمة حملوا أرواحهم على اكّفهم وسطروا تاريخها بحروف من نور وبدمائهم الزكية ليبقى المصون مصون والملعون ملعون.
هؤلاء الذين انتصروا في حرب تموز- 2006- وحرب 2008-2009 وحرب تشرين الثاني -2012- ليثبتوا للعالم كله أنهم ليسوا نعاج ولكنهم أبطال ورجال ، ونالوا هذا الوسام الرفيع, فرساناً للعرب وللثوار بل أقول أنهم أشرف الناس والأحرار، الذين بزغ نجمهم وقلعوا عَهدَ الهزائم من الجذور وليحل محله عهد الانتصارات.
وفتحوا له باب الأمل الكبير أن هذهِ الأمةَ فيها رجال، وأنا فجرهم وشمسهم بدأ يطل رغم أنف الخونة والمتعاونين ورغم انف الأتباع لأمريكا ومن لف لفيفهم من العربان و المأجورين.
إذن لم يبقى نعاج إلا النعاج الذين يتبعون أمريكا وحلفائها،الذي بدأ نجمهم بالأفول وهزيمتهم تحت واقع الأهازيج والطبول آتيتاً لا ريب فيها من رجالٍ تساوى عندهم الحياة والموت سواءً بسواء فنالوا إحدى الحسنين إما الشهادة أو النصر.
صدقت يا رسول الله.”لا تقوم الساعة حتى تتبع قبائل من أمتي بالمشركين حفاة عراة يتطاولون في البنيان وان غدٍ ناظره لقريب”
بقلم الشيخ عبدللة نمر بدير