التحدي الأساسي: بناء رؤيا مستقبلية بلا حروب
تاريخ النشر: 31/03/15 | 9:52لقد عَزفت الحملة الانتخابية للكنيست الـ 20 على اكثر الأوتار حساسية في المجتمع الاسرائيلي مما يدعو الى التفكير العميق في الرؤيا المستقبلية الإسرائيلية من زاوية اخلاقية وسياسية.
إن الدولة التي تود ان تكون متنورة وتريد ان تحسب حسابها الامم تحت هذا الاطار النير، عليها ان تعي جيدا ان التاريخ يعيد نفسه، فإن البوتقة التي صهرت الخليط من مهاجري القدَر الى “ارض الميعاد”، جعلت من ابناء هذه البلاد اقلية.
إن ما يحصل في العديد من الدول المتقدمة، التحول الى امة “ديمقراطية” تولدُ فقط بعد التحرر من قيود “الا خيار” وفي عملية تمر عبر ممرات مليئة بالأحداث السياسية العنيفة يتخللها مقتل قيادات سياسية او حتى حروب اهلية.
حتى نصل الى شاطئ الامان على الامة الاسرائيلية ان تحدد هويتها (وبنفس القدر حدود دولتها)، يمكننا ان نعمل ذلك من خلال رؤيا مستقبلية مشتركة، رؤيا يكون بقائها للأمد البعيد مضمونا حتى في احلك المواقف الوطنية واكثرها الماً.
وعلى اساس ان اسرائيل تحتاج الى خطة وطنية وسرد حكاية جديدة حتى تتمكن من الاجابة عن السؤال المركزي والمهم: اسرائيل الى اين؟؟ وفي تحليل منطقي فإن التهديد الحقيقي على بقاء اسرائيل هو تهديد داخلي بامتياز، فان السلام مع جيراننا سيعزز حتما الامن القومي الاسرائيلي وسيفسح المجال عمليا بهيكلة جديدة في التركيبة الامنية الإسرائيلية، اضافة الى ذلك تعزيز الاقتصاد في الدول المعتدلة في المنطقة كتحدي مشترك بيننا وين الدولة الغربية المتقدمة.
ان محاولة تعريف مصطلح “القاسم الايجابي المشترك” لجميع مركبات المجتمع علينا ان نتذكر بان مبدأ “الحق المطلق” يبعدنا عن الحل. على القاسم الايجابي المشترك ان يوفر لجميع مركبات المجتمع الامكانية في تحقيق الهوية الوطنية والمتساوية والتي ستخلق املا بحق الوجود المستقبلي لجميع سكان اسرائيل.
ان احد اهم مركبات هذه الرؤيا هو جهاز التعليم على ان يكون متقدما وتقدميا. على ان يكون اساسات التربية اليهودية، الانسانية والديمقراطية عاملا ايجابيا مساعدا، وفي نفس الوقت علينا ان نفحص امكانية بناء معادلة صحيحة تمكننا من بناء قيادات مدنية وذات طابع وطني.
في ظل التطورات الاجتماعية الاخيرة فإن حل المعادلة لا يمكن الا ان يمر عبر حوار سياسي ساخن تكون نتائجه بمثابة الخط الرفيع الذي يفصل بين اليمين المتزن واليسار المنفتح. هذا الحوار هدفه تحديد الرؤيا المستقبلية التي تنتج القيادة الوطنية. والحديث هنا يدور عن حوار عميق بين جميع مركبات المجتمع وفي عملية مؤلمة قد تؤدي الى التنازل عن اقسام مؤلمة بشكل خاص في الطريق الى استحداث دولة اسرائيل من جديد.
ما هو المعنى السياسي لعملية اجتماعية داخل حزب يتعطش للسلطة؟
لا يمكن لأي جسم سياسي (حزب) ان يطمح في السلطة دون اجراء حوار سياسي ملتهب. كل حزب يطمح الى قيادة الدولة عليه بناء اطر للتفكير والحوار مع شرائح المجتمع ومع اطر سياسية وحزبيه مركزية في المجتمع الإسرائيلي. على هذا الاطار ان يُمكنهم من جهة، التعبير الحر عن الرأي ومن جهة اخرى الانفتاح على قيم وأخلاقيات جديدة ومختلفة.
اذا كان حزب العمل يطمح للعودة الى سدة الحكم عليه ان يُعرف نفسه من جديد، ان يخلق القاسم المشترك الايجابي الذي يجمع جميع مركبات المجتمع الثقافية والاثنية، وعلى ان يعي الاحتياجات الخاصة لجميع المركبات في المجتمع الاسرائيلي. ومع رؤيا تنظر الى ان التنوع البشري والحضاري داخله كرصيد انساني مهم وليس عالة.
بقلم: المحامي شمعون بطاط – المدير العام لحزب العمل الإسرائيلي