معجزات المسح على رأس اليتيم
تاريخ النشر: 31/03/15 | 12:32الحمد لله خالق الأكوان ومنظم الخلق باتزان وواهب الإنسان عقل فنان.
به ينير دربه إلى الحق والصواب إن اتبع هدي خير الأنام وأصلي وأسلم على المصطفى العدنان، المبلغ لشريعة ربه برحمة وأمان.. وبعد
فقد تجلت قدرة المولى الجليل في تشريعه للأحكام بالتوفيق، وفي ملاءمتها للخلق بالجميل، فهي ربانية من عليم حكيم، وهي دائمة من عليٍّ خبير، ومن منطلق محور العلوم الإنسانية والحكم التشريعية، سلطت الضوء على المسح على رأس اليتيم.
فقد روى الإمام أحمـد في مسـنده عـن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجـلاً شـكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : “إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المساكين وامسح رأس اليتيم”.
وروى الطبراني في الحديث الصحيح، عن أبي الدرداء قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه قال: “أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك : ارحم اليتيم، وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك يلين قلبك وتدرك حاجتك”.
نظرية الملامسة (Proximity Theory):
يرى جون بولي من منظري نظرية الملامسة والاتصال أن علم التطور البيولوجي المعاصر يفرض علينا إعادة النظر بنظرية التحليل النفسي فهو يرى أن الفرد يولد بنزعة تقوم على أساس بيولوجي لطلب الاقتراب الحامي (Proximity Protective) من الكبار خاصة الأم، ثم كلا الوالدين فيما بعد وحسب هذه النظرية تعتمد شخصية الراشد فيما بعد على نوع الملامسة والاتصال التي حصل عليها في الفترات المبكرة من عمره ، فهو يكون متعاوناً اجتماعياً متفاعلاً مع الآخرين إذا حصل على الملامسة في تلك الفترة ، أما الذين لم يحصلوا عليها فيميلون إلى الانسحاب هذا الأساس يمكن إرجاع السلوك السايكوباتي إلى اضطراب علاقات الحب أو الارتباط الانفعالي بين الأبناء ومن يرعونهم.
وأكدت الدراسات العلمية وتطبيقاتها على الحيوان والإنسان أن الطفل الذي يلمس مقارنة بالطفل الذي لا يلمس، يزيد وزنه بمعدل 47 بالمائة، وجهازه العصبي ينضج أسرع، ويكون أكثر نشاط، ويتشافى من الأمراض والالتهابات أسرع.
وأثبت علم النفس أن للمسات أثر عميق في نفسية وسلوك الإنسان، فهي الأساس لاعتبار الناس والاعتراف بوجودهم وإعطائهم قيمتهم.
وجه الإعجاز في الإرشاد النبوي إلى المسح على رأس اليتيم، يكمن في أمرين:
الأول: في المسح على رأس اليتيم:
فمنطقة الرأس هي منطقة الاتصال المحيطي بالآخرين، ففيها الجهاز العصبي، فعندما يضع الشخص (الماسح) يده على رأس اليتيم يحدث اتصال بينهما، فهو عند المسح يقوم بإزاحة وإزالة تلك الشحنات السلبية التي يحملها ذهن اليتيم، وبتكرار تلك العملية يهدأ ذهن اليتيم ويطمئن ويرتاح جسده، والبديع في تلك العملية أنه يحدث لكلا الشخصين (الماسح واليتيم) آثاراً إيجابية في ذات الوقت.
الثاني: في الأثر على الماسح:
في تخلصه من الأمراض القلبية مثل القسوة، فمن ابتلي بداء من الأخلاق الذميمة يكون تداركه بما يضاده من الدواء، فالتكبر يداوى بالتواضع، والبخل بالسماحة، وقسوة القلب بالتعطف والرقة.
فالعلاقة هي علاقة تبادل (أخذ وعطاء) (قسوة ولين)، فكلما قسى قلب المرء عليه أن يلينه بالمسح على رأس اليتيم، وكلما أراد حاجة، عليه أن يسعى في تلبية حاجات الآخرين.