ثورات تصحيح المسار في العالم العربي؟!
تاريخ النشر: 06/12/12 | 13:05
في الحقيقة لا يعرف احدا حتى اليوم مدى دقة وصف وتسمية ما جرى ويجري في العالم العربي بانه الربيع العربي الثوري اللذي من المفترض ان يُزهر ويملآ الوطن بزهوره ويحوله الى واحات ومروج خضراء وجنات تجري من فوقها وتحتها الانهار ونخشى ما نخشاه ان نقول يوم من الايام ذاب الثلج وبان المرج وسطعت الشمس على حقيقة مُره وهي ان الثورات لم تزرع سوى الخراب والحروب الاهليه والفوضى الشامله حين نرى ان مدن كامله في ليبيا دمرت واخرى هجرها اهلها وهامُوا على وجوههم في البلاد بحثا عن مكان امن ولقمة عيش وما يجري في ليبيا بعيد كل البعد عن مفهوم ثورة تغيير وتأسيس لدوله مركزيه ديموقراطيه والجاري هو صراع على الحكم وميليشيات تملآ البلاد شرقا وغربا بينما الشعب الليبي ما زال بعيدا عن الامن والامان بكل مفاهيمه واشكاله والقضيه الان اصبحت قضيه ليبيه داخليه تلعب بها اطراف خارجيه كثيره, لكن الحقيقه المره تقول انه لا يعقل بعد كل هذه التضحيات الجسام في ليبيا ان تُسرق الثوره الليبيه في وضح النهار لتعيد الرموز الجديده صناعة النظام السابق بثوب جديد مزركش بالثوريه والتغيير الذي لم يحدث بعد في ليبيا المتناحره والمتناثره داخليا.. يُقال والله العليم ان الذي تغَّير في ليبيا هو شكل الخطاب وكثرة الفضائيات وفرسانها من اعلاميين يمسحون جوخ الحكام الجدد على مسمع ومراى الشعب الليبي الذي سيضطر اجلا ام عاجلا ان يصحح مسار ثورته بثورة تصحيح على ما افرزته الثوره اللتي اطاحت بنظام القذافي لكنها لم تنجز مهامها واهدافها المنشوده والسؤال المطروح: هل نجحت الرجعيه العربيه والامبرياليه بتدمير الثوره الليبيه وعدم تحقيق اماني ومطالب الشعب الليبي التواق للحريه والعداله؟؟..نخشى ما نخشاه ان ليبيا الجديده سارت وستسيرفي مسار التيه الوطني والسياسي الى حين يحين فيه قول الشعب كلمة الفصل في المستقبل الليبي!! ليبيا المتخبطه ليست وحدها لابل ان جارتها تونس تتخبط ايضا في صراعات داخليه على السلطه في حقبة مابعد سقوط نظام بن علي وتسلُّم حركة النهضه الاسلاميه الحكم في هذا البلد العربي اللذي فجر شرارة الثورات العربيه وكما هو واضح تلوح في تونس بوادر ثوره جديده في الاقاليم اللتي كانت مهمشه في زمن نظام بن علي وما زالت على حالها بعد الثوره وفي ظل حكم حركة النهضه والمفارقه هنا ان مدينة سيدي بوزيد مسقط راس البوعزيزي مفجر الثوره التونسيه تقود من جديد التحرك الاحتجاجي الجماهيري في تونس احتجاجا على الوضع الاقتصادي والانساني الذي لم يتغير بعد الثوره في اقاليم ومناطق تونسيه عانت الويلات في ظل حكم بن علي وما زالت تعاني في ظل حكم النظام الجديد.. تأسيس دولة المؤسسات و الديموقراطيه العداله ام نظام الوصايه الدينيه؟..هذا هو السؤال الذي يجب ان يجيب عليه الشعب التونسي في النهايه إما من خلال ثوره تصحيحيه او انتخابات تصحيحيه لمسار سياسي في بلد مهد لانطلاقة الثورات في البلدان العربيه.. محاولة الاستحواذ على السلطه في تونس من قبل حزب واحد يضر الى حد بعيد باهداف الثوره التونسيه لابل ان هذا الاستحواذ سيقود الى انتفاضه او ثوره جديده عاجلا ام اجلا..!! في مصر تدور معركة حامية الوطيس بين الحزب الحاكم والمعارضه على الدستور الجديد وما يجري يشير الى ان الثوره المصريه لم تحقق اهدافها ولربما انها اختطفت بالكامل وقطفت ثمارها قبل ان تينع وهذا ما يفسر حرب المظاهرات المليونيه بين حركة الاخوان والقوى المعارضه لها ولتوجهاتها في حكم البلاد لابل ان الرئيس المصري بتجاهله مطالب المعارضه يدير ظهره لقطاع كبير من الشعب المصري ولقوى حيه كانت سبَّاقه في النزول الى الميادين وسبقت نزول حركة الاخوان الى الميدان اثناء الثوره المصريه التي اطاحت بحسني مبارك ولكنها[الثوره] كما يبدو لم تكمل طريقها ولم تبلغ اهدافها وربيعها لم يزهر بعد وذلك بسبب إنقضاض حركة الاخوان على المكاسب الانيه للثوره بركب موجتها من جهه واستغلال مكاسبها لصالح الاخوان من جهه ثانيه وبالتالي الحاصل اليوم في مصر ليس كله صحيح ولا صحيحه كُل ومطلق بمعنى ان المعارضه ليست كلها صادقه في نواياها ونظام الحكم والرئيس يتخبط في الاعلانات المتتاليه حول الدستور وحركة الاخوان تدعمه وتدعم الاستفتاء على الدستور لتحقيق مأرب سياسيه تتيح لها الاستحواذ على السلطه بالكامل ولفتره طويله وهذا خطأ وخلل واضح في مسار الثوره المصريه ونظن ان مصر مقبله على حقبة قلاقل داخليه او ثورة شعبيه لتصحيح مسار واهداف الثوره المصريه!! الذي جرى في اليمن هو من اعجب عجائب الثورات العربيه, حيث ثار الشعب على نظام حكم علي صالح.. ذهب صالح وبقي نظامه والذي جرى ان القوى الرجعيه المحليه والعربيه والعالميه قد التفَّت على الثوره اليمنيه والقت بجميع منجزاتها واهدافها جانبا الى ان خفتت وتلاشت ولم تحقق اي هدف ملموس على الارض لا في مجال دمقرطة اليمن ولا في تحسين حال واحوال الشعب اليمني وعليه ترتب القول ان الثوره اليمنيه قد دفنت في مهدها وخَّف وهجهها ولن يحصل الشعب اليمني على شئ إلا في حالة تصحيح الامور من خلال ثوره شعبيه تمحى اثار وهفوات سابقتها من ثوره قدَّم فيها اليمنيون تضحيات جمه دون تحقيق نتائج ملموسه في مجال التغيير والاصلاح السياسي والاقتصادي في اليمن!! الجاري في سوريا ماهو الا حاله كارثيه وطنيه بعد ان كانت بدايته ثوره شعبيه تطالب بالاصلاح واسقاط النظام والذي جرى هو تحول الصراع من سلمي الى عسكري متعدد الاتجاهات والاهداف الى حد ان اصبحت سوريا اليوم في
حالة حرب اهليه تشارك فيها العديد من الاطراف المحليه والاقليميه بينما حطبها هو الشعب والوطن السوري الشبه مخطوف من قبل النظام والميليشيات المعارضه له والجاري اليوم في سوريا لم يعد كونه ثوره ولا ربيع سوري لابل حرب دمويه شعواء يخوضها النظام ضد المعارضه ويستعمل فيها اعتى انواع الاسلحه الفتاكه..الحرب في سوريا تسير في مسار دموي متدحرج والجاري بالفعل حرب وليست ثوره والمحصله ستكون انتصار طرف على طرف اخر , لكن النتائج النهائيه لن تكون في صالح الشعب السوري الذي سيدفع ثمن الحرب الجاريه وثمن ثورة تصحيح المسار القادمه..نحن نعتقد ان النظام السوري الحالي سيسقط في النهايه وسقوطه سيكون بداية لصراع ميليشي وجهوي على السلطه من جهه وبداية حرب اهليه شبه طائفيه من جهه ثانيه وبالتالي الامور لن تنتهي بسقوط النظام في سوريا لابل ستأخذ مناحى اخرى ومن بينها منحى واحتمال الحرب الطائفيه الاهليه وتقسيم سوريا!! الدول العربيه الخليجيه المستثناه حتى الان من الثورات هي دول دكتاتوريه تحكمها عائلات وليست دساتير ديموقراطيه والمفارقه ان هذه الدول تلعب دور تمثيلي بكونها داعمه للثورات والثوار في الدول العربيه الاخرى..هذه الدول الشبه عائليه ترسل الدبابات لقمع الثوره البحرينيه وفي الوقت نفسه ترسل السلاح للثوار في سوريا لمحاربة النظام السوري وبالتالي اذا كان هناك حاجه ملحه لثوره في العالم العربي فيجب ان تحدث هذه الثوره اولا في دول الخليج العربي التابعه لا مريكا ودون تحرير هذه الدول وهذه المناطق العربيه لن يكون هناك تحرير وثوره ناجحه واحده في كامل الوطن العربي.. الثورا ت العربيه حتى الان لم تحقق اهدافها والحاصل هو التفاف او استغلال هذه الثورات لصالح الحركات الدينيه كما حدث في تونس ومصر وما يلفت الانتباه ايضا هو الحراك الشعبي المتذبذب والمتقطع كماهو حاصل في الاردن فتارة يُرفع سقف الشعارات الى حد اسقاط النظام واخرى تطالب فقط باصلاح النظام الحالي والحاصله والمحصله ان الثورات العربيه لم تحقق اهدافها المنشوده في اي بلد عربي والانظمه البائده لم تسقط الا بعد ان تركت وراءها الخراب والدمار الشامل كما جرى ويجري في ليبيا وسوريا وتونس ومصر…حسني مبارك ترك مصر خرذه اقتصاديه وسياسيه ونظام الحكم الجديد في مصر يتخبط كثيرا وخروج مصر من ازمتها الحاليه سيستغرق وقتا طويلا وصعبا..!! ببساطه الثورات العربيه تحتاج الى ثورات جديده لتصحيح المسار الحالي في اعقاب حدوث الثورات المسماه بالربيع العربي الذي لم يُزهر او يثمر في اي بلد عربي حتى الان…ثورات تصحيح المسار في العالم العربي ستصبح ملحه بعد حين لانه ببساطه الثورات الحاليه لم تحقق اهداف وطموحات الشعوب؟! بقلم د.شكري الهزَّيل