الحياء من الإيمان
تاريخ النشر: 05/04/15 | 0:00الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
الحياء هو خلق الأنبياء، وهو حلية الأولياء، وهو أجمل زينة يتزيّن بها المسلم، فقد ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان شديد الحياء، وورد عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ” إن موسى كان رجلا حييا ستيرا… “. (صحيح البخاري: 4/ 156)
ولقد ورد في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان”، (صحيح البخاري: 1/ 11) أي أن الحياء هو أثر من آثار الإيمان بالله تعالى.
واعلم أخي – أرشدني الله وإياك- أن الحياء من الله مطلوب من كل مسلم، حيث لا يليق بالعاقل أن يتقلب في نعمة الله باليل والنهار ثم يقابل هذه النعم بمعصية الله بالسر والعلانية.
واستحياء العبد من الله هو دليل على عِظَم خشية الله في نفسه، واستشعار قرب الله منه، فقد ورد عن بعض السلف أنه قال: “خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك”.
فالحياء هو خلق عظيم ومحمود، ولكنه يجب أن لا يحول بينك وبين الحق، فلا ينبغي للمسلم أن يمنعه الحياء من الصدع بالحق ولو خالفه الناس أجمعون، ولا ينبغي للمسلم أن يمنعه الحياء من السؤال عمّا يجهله، فعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين» (صحيح البخاري: 1/ 38).
والحياء هو حاجز يحول بين أنفس الصالحين وكل قبيح، وهو زاجر عن الوقوع في حمى الله، وهو دليل على نقاء معدن النفوس وحياة الضمير، فإذا سُلبَ الحياء من المرء سُلبَت الزواجر التي تمنعه من الوقوع في المحرم، فوقع في حمى الله ومحارمه.
وإذا ضاع الحياء من الناس، استمرأوا الوقوع في المحارم وقلّت خشية الله في نفوسهم وكانوا في خفة من دينهم، فيودي ذلك إلى وقوع العداوة والبغضاء بين ربوعهم، وقد صدق الشاعر في قوله: إذا ضاع الحياء فلا أمانًا… ولا حياة لمن لم يحي دينًا
وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (مسند أحمد: 28/ 325)
ولذا فإنه لا بد للمسلم أن يتخلق بالحياء حتى يترفع عن الرذائل ويتخلق بأخلاق الصالحين والملائكة والأنبياء، فعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي، كاشفا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوى ثيابه… فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة» (صحيح مسلم : 4/ 1866)
ولأهمية هذا الموضوع فإن عمل المربين في المراكز القرآنية في مؤسسة حراء قائم على بث روح التربية وبث هذا الهدي النبوي العظيم في نفوس طلابها، وذلك من خلال البرامج والمناهج لمختلف الأجيال، صغارًا وكبارًا، ذكورًا وإناثًا.