إبراهيم مالك – أنت نعمَ الأخُ الذي لم تلدْه أمّي!
تاريخ النشر: 22/12/12 | 10:03
“نصّ الكلمة التي قدّمتُها في حفل تكريم الأديب الشاعر والمفكّر إبراهيم مالك يوم الجمعة 21.12.2012 "
أيّها الأخوة والأخوات الكرام!
كم يسعدني هذا اللقاءُ المتواضع الذي بادرت إليه الفناّنة سهاد ديب، فلها جزيل الشكر على هذه المبادرة المباركة!
كيف لا نسعد بهذا اللقاء، وهو يأتي تكريمًا لأخي الأديب الشاعر المفكّر الإنسان إبراهيم مالك!
ما أروع هذه اللفتة الكريمة الأصيلة، وكم أتمنّى أن تصبح تقليدًا يُحتذى في مجتمعنا!
أيّها الأحبّة الأعزّاء!
قبل مدّة، تسلّمتُ رسالةً من أحد معلّمي لغة الضاد يسألني:
ماذا يفعل الدكتور محمود أبو فنه ليواجه الملل والفراغ بعد خروجه للتقاعد؟
فجاء ردّي عليه واضحًا صريحًا:
"أنا لا أشعر بالملل ولا الفراغ، لأنّني دائم التجوال في عالم الفكر والروح؛ قراءةً وكتابةً!".
وممّا يمدّني بالكثير من الحيويّة والنشاط والأمل، أنّ هناك من أبناء شعبي – وغير شعبي – من يشاطرني هذه المشاعر، وفي طليعتهم أخي وصديقي الأديب الشاعر إبراهيم مالك!
فبيننا أكثر من قاسم مشترك، وطبعًا مع بعض الاختلاف!
كلانا ينتمي لعدّة دوائر متقاربة متداخلة:
ننتمي لدائرة الوطن المشترك الذي ليس لنا وطن سواه، وما ينبثق عنه من انتماء لشعبنا الفلسطينيّ العريق الصامد!
وننتسب لدوحة العروبة السامقة بجذورها وفروعها رغم ما يُواجهها من أعاصير!
ويظلّلنا دينُنا الحنيف السمح المتنوّر!
وكلانا ينتمي للدائرة الإنسانيّة الرحبة بما تحمله من قيم العدل والخير والمحبّة والتسامح والعطاء!
وكلانا يؤمن برسالة الكلمة الجميلة الهادفة الملتزمة، ونعاني من جفاف واقعنا، ومن تصحّر عواطف الكثيرين في محيطنا القريب والبعيد!
فكم نحسّ بغربة خانقة لاهبة ونحن نعيش بين أهلنا أو مع غيرنا من الغرباء!
وكلانا ينوء بحمل ثقيل من القيم والمبادئ التي نريدها لكلّ الناس من كلّ الأجناس!
إنّنا نؤمن بالعدالة الاجتماعيّة، ونرفض احتكار الحقيقة، وندعو للتعدديّة الفكريّة بعيدًا عن التعصّب والشوفينيّة، وننشد التطوّر والتجدّد في جميع ميادين الحياة وإلّا صار مصيرنا كالمياه الراكدة التي تصبح آسنة فاسدة ضررها أكثر من نفعها!
وأخيرًا، كلانا لا نهاب الموت ولا نخشاه، ونرغب في العيش لنواصل مسيرة العطاء لجعل الحياة أجمل وأفضل!
لكن، أخي إبراهيم مالك يتفوّق عليّ بهذا الحنين الموجِع لمسقط الرأس في بلدة سمخ الرابضة على ضفاف بحيرة طبريا الخالدة!
كذلك، يبزّني بحبّه الجارف لطفولته البريئة الساذجة السعيدة في حضن أمّه الحانية، وعلى تراب أرضنا المعطاء!
وطبعًا، يختلف عنّي في كونه عاش في عواصم أوروبا ينهل العلم والفنّ ورقيّ الروح والفكر بعيدًا عن صخب شرقنا وعشوائيّته المقيتة!
أختتم حديثي، مع أنّي قد أطلتُ مخالفًا مقولة: ما قلّ ودلّ:
أطال الله في عمرك أيّها الأخ الصديق، ومتّعك بالصحّة والعافية، وأدام إبداعك وعطاءَك!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.