المدونــة السابعة والأربعـون البديل من العبريــــة
تاريخ النشر: 25/12/12 | 0:58
من عالم الكتاب:
بادئ ذي بَـدء أقول: لا غضاضة إن أفدنا من تطور أية لغة بما فيها العبرية، ولكن العيب كل العيب أن نخلط الكلمات العبرية في جملنا اليومية حتى نكاد نتجاهل هويتنا، واللغة هوية!
من هنا فسأفيد من العبرية في ابتكار بعض ترجمات لم أجدها في المعاجم، أو سأحدد مما هو فيها، ولنبدأ:
סִפְרוּת יָפָה= أدب مَحْــض
أعرف أن معنى יפה هو جميل،ولكني اخترت (مَحْض) للدلالة على صفاء المعنى وخلوصه للأدب كما نعرفه – نثرًا وشعرًا، فلا ضرورة للتقيد بالجمال الذي اختاره التعبير العبري، فهذا النوع من الأدب هو النتاج التعبيري والخيالي عامة، وقد يكون جميلاً وقد لا، وهو في الفرنسية: belles lettres، وقد فوجئت بعد اقتراحي هذا أن البعلبكي كان سبقني في المورد، وما أنا إلا ملتقط من ثمراته دون أن أدري، معجب بابتكاراته، فلا بأس، فهذا يقربني إلى تبرير جرأتي. ثم إننا نعرف أن סִפְרוּת العبرية (وأصلها آرامي סַפְרא) تحمل معاني أخرى، منها معنى- مجموعة الكتب في موضوع واحد، كما يعني التعبير: סִפְרוּת מִקְצוּעִית= المصادر– أي (كتب المراجع، وتكون حول الموضوع الذي يتناوله الدارس)، ومنها ما سماه الباحثون (بيبليوغرافيا)= bibliography، فالقسم الأول من الكلمة biblio بادئة بمعنى- كتب، والقسم الثاني يعني: كتابة أو رسم، وبالتالي يكون التعبير بمعنى ثـَبَـت المراجع أو المصادر.
* * * *
في لغتنا اعتدنا أن نسمي مكان بيع الكتب- مَكْتبة، والمكتبة كذلك هي المكان الذي نحفظ الكتب فيه سواء في بيوتنا أو في الجامعات والمؤسسات. ونلاحظ أن الإنجليزية والعبرية فرقت بين المكانين، فمكان بيع الكتب هو חֲנוּת סְפָרִים = book shop في إنجلترة، ويسمى في أمريكا- book store ، ومن جهة ثانية هناك مجمّع الكتب التي ليست للبيع: סִפְרִיָּה= library. وجريًا على ذلك، ولتوضيح الأداء اللغوي، فأنا أقترح أن نخصص لمكان بيع الكتب وهو الأشيع والأكثر استخدامًا في حياتنا اليومية: مكتبة؛ ونخصص لمكان المطالعة وحفظ الكتب: التعبير الأصيل الذي عرفها أجدادنا: دار الكتب، وأما لمجمّع الكتب في البيت وهو أصغر طبعًا فأقترح: كُـتُـبِـيَّـة، ويمكن أن نجعلها أيضًا لمكان الكتب في الكلية أو في الجامعة- إذا استثقلنا دار الكتب (الكلمتين معًا)، فنقول: كتبِتـيَّـة جامعة حيفا، في كتبية كلية القاسمي، فإذا كررناها نعتادها، وإلا فعد إلى قول: المكتبة اسمًا لكل مكان فيه كتب دون تمييز، سواء كان متجرًا أو مكانًا للمطالعة ولإعارة الكتب، وحتى لرف واحد من الكتب في منزل أحدنا، وهذا ما استعملناه حتى اليوم. والقرار لك! ملاحظة: زرت قبل سنين مدينة مراكش، ورأيت مسجد الكتبية، وهو قرب جامع الفنا، وهذا المسجد سمي بهذا الاسم نسبة للخطاطين الذين كانوا يكتبون الكتب فيه، وكان المسجد أيامذاك معهدًا للدراسة أيضًا، أو نسبة للسوق كانت تباع فيه الكتب هناك.
ويسال سائل: وماذا نسمي (سَفْران)- סַפְרָן، فأجيب: أقترح: قـَـيّـِم (بدون إضافة المضاف إليه- المكتبة)، فأمين الكُـتُـبِـية هو الذي يقوم عليها، ولا أرى لكلمة (قيِّم) منافسًا إلا وظيفة (القيِّـم على المسجد)، فلا بأس أن تكون الكلمة مشتركة للمعنيين، يشفع لذلك ندرة التداخل بينهما زمانًا ومكانًا. وإذا تعلم قريبك (سَفْرنوت)- סַפְרָנוּת= فهو يتعلم المكتـبِـيّـة، وهنا تجد بالطبع اقتراحًا جديدًا، فحبذا أن يقول قريبك: أتعلم المَكْتَبية، وبذلك يعني (علم المكتبات)، كما يختصر ترجمة البعلبكي – library science: علم تنظيم دور الكتب، الصناعة المكتبية. صدقوني مكتـبِـيّـة أسهل وألطف من السفرنوت!
عندما قرأت هذه المادة على القيِّـم سألني: ولم لم تذكر (حادر قريآه)- חֲדַר קְרִיאָה= غرفة المطالعة، فهناك تتم (قريآت هحومير)- קְרִיאַת הַחוֹמֶר= قراءة المواد (المادة)، وهناك تتم عملية (التسلوم)- צִלּוּם= تصوير. ما رأيك في هذا (التسـيـتوت)- צִיטּוּט، أخذته من المقريآه- מִקְרָאָה للصف السادس? قبل أن أجيبك: أود أن تقول بالعربية: ما رأيك في هذا الاقتباس أخذته من كتاب القراءة للصف السادس، فلفظة מִקְרָאָה تعني كتاب القراءة، وكنا نختصر دائمًا ونحن يافعون، ونقول: أحضرت القراءة، ضيعت القراءة، قراءتي جديدة، فلا بأس فيها! قال لي: هذا (ألفون) هل تستخدمه؟ قلت ألفون؟ لعلك تقصد אַלְפוֹן= ألــِـفِـيّـة– هذه اللفظة المستحدثة في العبرية، والمقصود هو الدفتر الصغير المرتب حسب الحروف الهجائية، وهي مبدوءة بالعبرية بحرف الألف، فلماذا أحجم ولا أستحدث على غرارها، ما دامت الأبتـثـيـة العربية مبدوءة بالألف أيضًا. قال: لقد أرسلت الألِـفية في مُـغَـلَّـف- מַעֲטָפָה إلى صديق، وكان المُغلَّف بدون (بِيّــول)- בִּיּוּל. قلت: تقصد بدون (طَوبــعَـة)! طَوبــعَـة هي من (طابَـع)= בוּל، وكما جرى اشتقاق في العبرية والإنجليزية (stamping) فقد حاولت أن أشتق بالعربية، فلم أتمكن من اختيار (تبويل)، لأن المعنى يرتبط بالبول ومحاولة إخراجه، فلجأت إلى (طابَع) فقلت: لعلنا نستخدم (تطبيع) فأجابتني נוֹרְמָלִיזַצְיָה: نحن هنا! فلم أر إلا اللجوء إلى وزن (فوعلة). فما رأيكم؟ دام فضلكم!ّ طَوْبـِـع يا صديقي جميع الدعَـوات، ولا تضطرني إلى استخدام كلمتين معًا- ألصق الطوابع!
سؤال:في أحد المواقع وجه لي أحدهم: وماذا مع (تساهارون)- צַהֲרוֹן ؟ أجيب: هذا إطار خاص للأطفال يُفعّـل ساعات الظهيرة، وذلك للعناية بالأطفال الذين يعمل آباؤهم ساعات الظهيرة، فهذا الإطار يضمهم بعد أن أنهوا يومهم في الروضة أو البستان، وهو قليل بين ظَهْرانَـيْـنا، وأنا أقترح أن نترجمها (ظـُـهْـرِيّ). سيقول قائل: ما هذه الكلمة؟ غريبة؟ فأجيبه: كل اقتراح جديد هو غريب. يقول آخر: وماذا يسمى في الدول العربية؟ أجيب: كثير مما يجري في إسرائيل هنا ليس معمولاً به في العالم العربي. وإن كان معروفًا فلا بد إلا أن لفظًا أجنبيًا يطغى، وخاصة في أكثر الاستخدامات الحديثة في الخليج. ولا يزعم أحد منا أنه يعلم العالم العربي مصطلحات أو أفانين القول، فنحن في وضع مختلف، ومشكلاتنا مغايرة، وظروفنا تستلزم النظر باستقلالية ما أحيانًا. كنت أردت أن أترجم צַהֲרוֹן- ظُـهَـيْـر بصورة التصغير، وهذا الأمر منطقي، إلا أنني أعرف أن صيغة التصغير في الثلاثي لا نستعملها في حديثنا الدارج إلا بإمالة الياء على طريقة لفظ ( a)، نحو وْلـِـيد (تصغير ولد)، ولن نستسيغ (ظهير) بأي حال- فصيحة أو دارجة. لذا عدت إلى النسبة (ظـُـهْـرِيّ)، وهي أخف وأسهل لفظًا، علها تكون بدل (تساهارون)، وقلما يُـلجأ إليه في مجتمعنا المحلي، فتحملوها، وإلا فستبقي (تساهارون) بكل ثقل ظلها.
ترجمات نحددها:
סִפְרוּת יָפָה= أدب محــض סִפְרוּת מִקְצוּעִית= المصادر חֲנוּת סְפָרִים= مكتبة סַפְרָן= قــيّـم חֲדַר קְרִיאָה= غرفة المطالعة קְרִיאַת הַחוֹמֶר= قراءة المواد (المادة) צִלּוּם= تصوير צִיטּוּט= اقتباس מִקְרָאָה= قراءة (كتاب القراءة)
ترجمات فيها جدة:
סִפְרִיָּה= كُـتُـبِيَّـة (دار الكتب) סַפְרָנוּת= مكتـبِـيّـة אַלְפוֹן= ألــِـفِـيّـة בִּיּוּל= طَوبــعَـة צַהֲרוֹן= ظُــهْـرِيّ