أجنحة الأنين في اليوم السابع
تاريخ النشر: 13/04/15 | 10:00ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ديوان “أجنحة الأنين” للشاعر المقدسي ابن قرية بيت صفافا نعيم عليان. ويقع الديوان الذي صدر عام 2015 عن بيت الشعر الفلسطيني في 78 صفحة من الحجم المتوسط، وقدّم له الشاعر محمد حلمي الرّيشة.
بدأ النقاش مدير الندوة ابراهيم جوهر فقال:
نوايا لم تظهر بوضوح، وشعر تنقصه الروح
في ديوانه الثاني الذي حمل عنوان (أجنحة الأنين) يبدو التسرّع جليّا في تجميع قصائد الشاعر التي لم يجد ناصحا يشير عليه بالتريّث والمراجعة والتأمل لبناء الصورة واختيار اللغة.
يقدّم الشاعر نعيم عليان نواياه وطيبة قلبه هنا في (أجنحة الأنين): ابتداء من العنوان الشامل الذي حمل روح الشعر وإيحاءات اللغة وألم الواقع. لقد وفّق الشاعر في اختيار هذا العنوان مما دفعني للتوقف عند العناوين التي اختارها لقصائده التي ضمّها الكتاب فكان أن أمعنت النظر والتأمل في العنوان الذي عادة ما يشكّل عتبة النص الممهدة للولوج إلى روح النص وحياته ومادته ورسائله وذائقته.
وجدت عناوين ناجحة بهذا الفهم، وأخرى جاءت مجرد عناوين لم يلتفت الشاعر لتجويدها والدفع بها لتكون في قافلة العناوين- العتبات الشعرية.
لم يظهر في (أجنحة الأنين) ما يشير إلى تجربة ذات عمق وتميّز في كلّيتها بل كانت ومضات سريعة من بين أسطر القصيدة التي لم تخل من نثر جاف في أغلبها ابتعد بها عن أجواء الشعر، فكانت لغة نثرية طاغية ما كان لها أن تكون هنا لو قيّض للصديق الشاعر من ينصحه بدل استغلال توقه وحماسته ليكون له كتاب ثان في المكتبة.
إن هذا الكتاب الذي صدر عن منشورات بيت الشعر الفلسطيني يتحمل مسؤوليته بيت الشعر كمؤسسة والشاعر محمد حلمي الريشة شخصيا لأنه لم يقدّم النصح والتوجيه اللازمين للشاعر نعيم عليان الذي يسعى ليقدّم ما يخدم به قضية الأدب والفن والثقافة.
مع هذا كله فإن نصوصا بعينها قد حملت روح الشعر والفكرة وهي تبني باللغة والمضمون والصورة، وهنا أشير إلى العناوين التالية:
عناق الموج – بطن غمامة – أجنحة الأنين – ليس بعد – مناجل القهر – المشهد الأخير – مغازلة حبر – رسالة من رضيعة – العقد – خيط الصمت –
وهي تشكل ثلث النصوص التي احتواها الكتاب على تباين واضح في المستوى الفني.
وإذا كان صديقك من صدقك فإن التروّي في النشر يكون لصالح الكاتب والعمل الأدبي والقارئ.
لقد تناصّ الشاعر هنا مع القصص القرآني في قصتي النبيين يونس وموسى- عليهما السلام- ورسم بعض الصور غير المكتملة تلك الصور التي كنت آمل أن تكتمل بقليل من المعاودة والمراجعة.
وقال محمد عمر يوسف القراعين:
عندما سمع أحدهم أبا تمام يقول:
لا تسقني ماء الملام فإنني *** صبٌ قد استعذبت ماء بكائي
طلب منه أن يملأ له قنينة من ماء الملام، فوعده أبو تمام بذلك إذا جاء له بريشة من جناح الذلّ في الآية الكريمة.
كان أبو تمام صبا، ألف البكاء فاستعذبه، وشاعرنا عاشق للقدس، أوجع القلوب عندما فرد أجنحة الأنين، ونثر بعضا من ريشها هنا وهناك، فركب سفينة الوجد ورسم وجه حبيبته المشرق على سراج من جلد الأمنيات، وظلت روحه مسافرة عبر شرايين الوقت، ليشهد ليلة اللقاء حيث يرى الميلاد برعما في جوف سنبلة يخشى أن تحصده مناجل القهر. هذه إحدى المشاهد التي رسمها في ديوانه، معبرا عن المجرد بالمحسوس وبالعكس، وذلك في تابلوهات جميلة، معظمها من الفن التشكيلي، يدركه كل بطريقته، والبعض كصورة طبيعية، تصل القارئ بشكل مباشر، كما في رسالة من رضيعة تستنهض النائمين، ومناجاة لظى الفؤاد، وما يشبه المقامات في حدائق الرحمن، وخيالات كما في عرس محب، حيث يطوف الغلمان بدورا، وهذا لا يكون إلا في الجنة. أما في الدنيا، فقد بطل ذكر الغلمان حتى مجازاً.
لك الحق يا أخ نعيك في الأنين والتوجع، فوطنك مقسوم إلى نصفين من أعلى الرأس إلى القدمين، والصخرة المشرفة ما زالت في العبودية، وعندما تصعد إلى العلا في رحلة على سراج براق، ترى الغزاة يتراقصون على صروح ألامك. تتحمس لتخترق الأسوار، فتدرك أن ليس لديك عصا موسى لتشق النهر، فتنتظر ليلة اللقاء؛ وهنا ليس أقل من أن تتغزل بمحبوبتك، وتتهجد شاعرا على منابرها.
يلاحظ أنك تميل إلى الجمع بين اللون الأبيض والأسود، على أساس أن ضُوءا يلوح في نهاية نفق أسود، عندما تقول: كوني طيرا في حلة بيضاء في ليلي البهيم، كشمع دير يغازل الحبر…. وفي ليلة إفريقية تخفي الضُوء في أحشائها المخملية….. اشتقت إليك كعتمة الجب إلى الفضاء….. تولد حروفي بيضاء من رحم الليل. كل هذا أمل.
أنا متفائل بأننا سنتمتع في المستقبل بأكواز الأمل وشآبيب الفرح، بالرغم من أنك يائس من الإعراب، ومن أن أحدا لن يشق النهر بعصاه، لذلك لم لكن أمامك إلا أن دعوت طارق بن زياد، بعد أن كاد إبليس أن يعلن النصر فرحا، وأنت تعرف يا أخي أنه:
لن يأتي يوما طارق وخالد *** إن لم نكن جميعا كطارق وخالد
سيجيء الصبح بكل ضياء
وتردد أصداء الفرحة *** القدس ويافا والجوزاء
ملاحظة نحوية:
يا وطني المشطورِ نصفين… الصحيح المشطورَ ص12
بعد فقدي وطني المجمدةِ أوصاله… الصحيح المجمدةَ ص57
وقالت نزهة أبو غوش:
الرّمزيّة في ديوان الكاتب
اتّفق الأدباء والفلاسفة بأن الرّمز شئٌ حسّي معتبر، كإشارة إلى شيء معنويٍّ لا يقع تحت الحواسّ، وهذا الاعتبار قائم على أوجهٍ متشابهة بين الشيئين، أحسّت بها مخيلةُ الرامز. أيّ الأديب، أو الفنّان.
يستقي الرّامز رموزه من عدّة ينابيعَ تلهمه الوحي والابداع. هناك الرّموز التّاريخيّة والاشارات الأُسطوريّة، والمنابع الدّينيّة والشّعبيّة والأدبية.
يقول الشّاعر ص51 كلمات في جمل يرمز بها إِلى مدينة القدس معتمدًا بها على الايحاء الدّيني حينًا، والأدبي حينًا آخر:
يا معراج الأرواح/ إِليكِ منّي/ زيت العمر/ لسراج الفؤاد/.
يرمز هنا الشّاعر بزيت العمر، خلاصة التّعب، طاقة وحياة وتضحية الإِنسان الفلسطينيّ؛ من أجل القدس فهي بمثابة الضّوء الّذي ينير حياته. حيث أنّ السّراج هو الحياة.
استلهم الشّاعر الرّمزمن منابع تاريخيّة. في صفحة 63 يقول:
– ” يرضع لبنَ الحلم من السّاقية/يقتات الحكايات المكتوبة/ بقلم الماضي/ على قطعة نحاسيّة/ أو فضّيّة/ من عصر “هولاكو”
“هولاكو” الّذي دكّ بغداد عام 1258 م، ودمّر فيها الأخضر قبل اليابس ومحى حضارة بغداد من جذورها، ذلك الرّمز التّاريخي يهدف به الشّاعر إِلى وصولنا عصر الانحطاط والدّمار والتّراجع التّاريخيّ، وسيطرة القوّة، والنّفوذ على الإِنسان.
– ” يا (طارقَ بن زيادٍ) احرق المراكب؛/ لتبدّد الظلمات.”
طارق بن زياد هو رمز تاريخيّ معروف بالقوّة والإِقدام، وعدم التّردد، والشجاعة.
استلهم الشّاعر أيضًا إشارة أسطورية، وتاريخيّة معًا – الألياذة-، وألبسها ثوباً يتّسق وتجربته الشّعورية، وملأها شيئاً معروضاً. نحو:
” أقرأُ في عينيكِ إِلياذة الفرح/ المرصّعة بالياقوت/ على شفتيك النّبيذيّتين” ص75
الالياذة هنا هي الأُسطورة الرّمز الّتي ترمز للقوّة وفرح النّصر، حسب ما كتبه هوميرودس في القرن الثّامن قبل الميلاد في ملحمته ( الالياذة والأُودسّة) الّتي تتحدّث عن حرب طروادة، ونجاح البطل للوصول إِلى الجزيرة.
المصدر الدّيني كان أيضًا منبع الهام للرّمز لدى الشاعر عليّان، نصّ من قوله تعالى في سورة الملك، في صفحة 58: ” أرأيتم إِن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم بماءٍ معين” يرمز الشّاعر للزّعماء العرب المتخاذلين عن القضيّة. وفي قصيدة ( ذاكرة العبوديّة) تضمين ديني للرّمز من سورة النّور: ” على سطح الأواني،/ رسمت وجهكِ كوكبًا بلّوريّا/ دريًّا” ص17 والرّمز هو لمدينة القدس الّتي يندر وجود مثلها.
ينقسم الرّمز في ديوان الشّاعر ( أجنحة الأنين) إِلى قسمين:
الرّمز الكليّ، والرّمز الجزئي:
الرمز الكلّي، هو الرّمز الّذي تشكّل من مجموعة رموز منفصلة نحو:
في قصيدة الرّحلة صفحة64، نرى الرّمز الكلّي بمعناه الشّفاف، حيث تمركزت على أرضه جلّ الصور الجزئيّة لتشدنا نحو هدف جماليّ؛ حيث رمزت الصورة الكليّة للفلسطينيّ المهجّر الرّاحل عن أرضه:” مسافر على خيط صوف/ في مغزل نولٍ/ في عتمة الأموات…ابحثي عنّي..بين الكثبان/ على شاطئ الأحزان/ على ظهر غمامة مثقلة بالرّسائل”
عتمة الأموات، والمخبّأُ بين كثبان الرّمل، وخيط الصّوف والمنول، والغمامةُ المحمّلة بالرسائل؛ هي الصور الجزئيّة الّتي شكّلت المعنى الكلي الّذي رمز به الشّاعر للفلسطينيّ المهجّر عن أرضه.
في صفحة 50 نرى كيف أنّ الشّاعر نعيم عليّان استخدم الرّمز الصّورة الجزئيّة، كقيمة رمزيّة من خلال تفاعل هذه الصّور الجميلة لترمز إِلى المدينة ” يا قمريّة الوجه/ يا خمريّة الخدّين/…يا قدسيّة الأركان/.
أمّا الرمز الجزئي، فهو الكلمة، أو العبارة الّتي وحدها تشكّل الرّمز نحو:
في قصيدة حدائق الرحمن، اكتسبت الكلمة المفردة قيمة رمزيّة تفاعلت مع الرّمزالكلي بانسجام متكامل. يقول الشّاعر صفحة51″…ألف ألف تحيّة /للجبّ/ والقبّة/ وعباءة العابدين.”
هنا ترمزالعباءة والجّبّ للمواطنين لباس الفلسطيني السّاكنين هذه المدينة، والقبّة ترمز للأقصى وقبّة الصّخرة، والمسجد الأقصى.
ص32″ على أهدابها/ أنين أجنحة تطير/ وفي الفضاء جبينها/ لؤلؤ يحطّ على أثير.
هذه الجمل منفصلة تشكّل معًا صورة رمزيّة جماليّة ترمز للألم والقهر والأسى المحمّل على أجنحة، أي يُبثّ هذا الألم إِلى كافة أنحاء العالم عبر أجنحة الإِعلام.
وكتب عبدالله دعيس عن ديوان رقص الضوء لنعيم عليان:
كتاب “رقص الضوء” للكاتب نعيم عليان، صدر عام 2014 في 84 صفحة.
يطالعك غلاف “رقص الضوء” للكاتب نعيم عليان، بتوهج أنوار ألعاب نارية تطغى على الأفق الذي تلوّن باللون البنفسجيّ، فتستعد للتحليق في هذا العالم الروحاني المفعم بالخيال وتتراقص مع الضوء في صفحات يعمها الفرح والابتهاج. لكنك ما أن تبدأ بقراءة النصوص حتى تجد نفسك على “جرف هارٍ” توشك أن تسقط فيه، وتدرك أن تراقص الضوء ما هو إلا لمعان برق الآلام التي تعصف بالأمة فتمطر حزنا وغضبا في النفوس. لكن الكاتب يترك فسحة للأمل تتسل إلى نفس القارئ لنصوصه، حيث يبدو الأمل والرجاء يقبعان بعيدا هناك في أعماق النصّ تستشفه من بين السطور. ونذكر عندها أن الكاتب أهدى كتابه “للقابضين على جمر الحكاية”، فالقابض على الجمر لا بد له أن يصطلي بحرّها، لكن عاقبة صبره ستكون نصرا وعزا بإذن الله.
يعبّر الكاتب في بعض نصوصه، مثل نص “اكتبيني” و “المقعد الوثير” وغيرها عن تجربته في الكتابة، وعن الأفكار التي تزاحمه في عتمة الليل ثم ينزف الحبر على صفحات الورق، بعد أن تهدّه التجربة، فيندمج مع النص ويذوب فيه، وحين تلتحم الفكرة بالذاكرة يصبح الفضاء كتابا والنجوم كلمات. فالكتابة عن واقع أليم ومحاولة الخروج من حالة اليأس إلى الأمل لهو تجربة لا شك مضنية.
وما أن تقرأ نص “حجارة وعطور” حتى تكتشف أن الكاتب ما زال يبحث عن عشيقته التي تضنّ عليه بالكلام والالتفات إليه. ثم يقف على “شفير الجبّ” يناجي محبوبته التي يطحنه الشوق إليها “كحبات الزيتون في معصرة رومانية” والتي سرعان ما نكتشف أن هذه المحبوبة ما هي إلا القدس. فالقدس على الرغم من قربها هي بعيدة، طريقها شاقّة محفوفة بالمخاطر، لكنها ستقود في نهاية المطاف إلى الفردوّس. ونلمح بعض التفاؤل في نص “مصابيح المعرفة” بأن القدس ستنهض وستدحر العدو، لكن طريقها تعبق برائحة الدم.
والكاتب يرى الأمور بشكل مختلف عمّا تبثه وسائل الأعلام ويرى كذبها وتواطؤها مع الأعداء. فيقول:
لن أقف على حدود المشهد
وحروف الكلمات
والأنفاس المخمورة
المترفة في القاع
وبحة الصوت
المكروش ترفا
على صفحات الجرائد الصفراء
ولا يبتعد الكاتب عن هموم أمته، ويتألّم لألمها. فيطل عن دمشق من أعلى جبل قاسيون ليرى رقصات الضوء المجنونة في أرجائها، ويعبر عن حزنه لما آلت إليه مدينة الياسمين. ويبدو أن تأثر نعيم عليان بما يجري في الشام جعله يكتب أفضل نصوصه في هذا الكتاب.
يختار الكاتب أن يطلق على مجموعة الكتابات الأدبية في هذا الكتاب نصوصا. والنص لفظ عام قد يدل على الشعر أو النثر. لكنه يكتب النصوص بصورة قصائد نثرية وبلغة شعرية. وكثير من نصوصه تقترب من الشعر في إيجازها وتوهج ألفاظها ووحدتها العضوية وتجنب الاستطرادات والشروح، لكنها تفتقر إلى روح القصيدة وموسيقاها الداخلية وتوهجها.
يعتمد الكاتب في نصوصه على الصور الشعرية والرمز. لكن كثير من النصوص لا يعطينا صورة شعرية متكاملة، بل في كثير من الأحيان يتوه القارئ بين أطراف الصورة ورموزها ولا يستطيع أن يكون تصورا واضحا لما يقصده الكاتب من النصّ. وقد ابتكر الكاتب بعض الصور الشعرية الجميلة المعبرة، لكنّ كثيرا من الصور والرموز أتت غير منطقية وغير مستساغة، ولم ألمح فيها الجمال المطلوب، وخاصة تلك الصور التي تتعلق بالشمس: تأمل قوله:
قرص الشمس المحروق. ص 30، فكيف يكون قرص الشمس محروقا وهو مصدر الحرارة؟
طير ينقر وجه الشمس. ص 42، فكيف ينقر الطير وجه الشمس؟ وما الهدف من هذا الرمز؟
فأنا مجرّة قضاء في شمسك. ص 46، فكيف تكون المجرة في الشمس والشمس جزء من المجرّة؟
ومثل ذلك كثير في الكتاب.
عمد الكاتب نعيم عليّان إلى التناص مع القرآن الكريم، مثل قوله: “كأنك في الواد المقدس طوى.” واستخدم أسماء سور قرآنية لتدل على أمرٍ ما تضمنته السورة. مثل استخدام “سورة الكهف” في نص قاسيون للدلالة على صمت الأمة على المجازر التي تدور في الشام ونومهم العميق، مستحضرا قصة أصحاب الكهف في السورة. وكذلك سورة الفلق في نص “للحن المتحشرج” للدلالة على اندحار الشر كما الشيطان الذين تدحره السورة.
وفي النهاية، نتساءل: هل يرقص الضوء فعلا؟ لا يتركنا نعيم عليّان حيرى فجيبنا بأن الضوء سيرقص وسيأتي الفرح حين ينال المظلوم حقه. يوم النصر آت لا محالة، وهم ما رمز له الكاتب بيوم البعث، عندها:
يرقص الضوء رقصاته البهلوانيّة
عاريا حافي القدمين
يحفر في بطن الظلام
نورسا قمريّا
وكتب راتب حمد:
كلمات بلون الحب والعشق للوطن والقدس يرسمها نعيم عليان، ولكنه يقول ان الطريق طويل وصعب متعرج عصيَّ النهايه، يخرج شاعرنا من أنين عشقه لوطنه أنين الليل أجنحة تطير وتحلق حتى ولو كان الإنتماء بالألم، فقد بدا لي واضحا أن الشاعر متشائمٌ بديوانه، يتضح ذلك من خلال ما استخدم من صور فنية مؤلمة الى حد أن رغيف الخبز معجون بدم أطفال الجوع، وأن المناجل مقهورة “مناجل القهر و خناجر الغدر ص47” وهو ما يزال حيرانا وقد حيَّرنا معه “كحيرة شعري بين قلمي ولحمي”، والمتابع للشاعر من خلال إصداره الأول “نقش الريح” والثاني “أجنحة الأنين” سيلاحظ ان الشاعر يحط على زهراتٍ مميزة في بستان ألحانه وأن ما تقرأ اليوم (الأنين) لم يبتعد عن الأول كثيرا ولم يخرج عن عشق الوطن، وهذا يسجل للشاعر، ولكنه يجنح في دوّامة التكرار، وكأنه يكمل ويتابع نقش ريحه، وذلك مرهون بالكثير من القصائد التي تميل نحو المخاطرة أكثر منها شعرا، وقد تحدثنا بهذا بديوانه الأوّل يقول شاعرنا بنقش الريح:
على أوراق العمر المسافر
أقرأ فاتحة الكتاب ص10
و يقول بأجنحة أنينه
إذا النجم يقرأ
فاتحة الكتاب ص76
أمثلة كثيرة وصور متلاحقة وجدتها تتكرر عند شاعرنا، وهو ما يستدعي التريث قليلا ومراجعة الماضي والخروج عليه بجديد، ونختم بالقول أن الشاعر يخرج متمردا على الأوضاع وعلى نفسه، فبالرغم أنه يعلن حزنه إلا أنه يرسم الفرح مرصعا بالياقوت بقدسية الروح في سماء الحرية.
وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: رفعت زيتون، بكر زواهرة، سوسن عابدين الحشيم وجميل السلحوت.