رغم غياب الآخرين حنين ليست وحدها
تاريخ النشر: 29/12/12 | 16:04
لم يتوقع أحدا أن “تخاطر” الأحزاب العربية التي باتت الكنيست خبزها ومنارتها، بأن تقف بشكل جاد وحازم ضد حملات التحريض العنصرية والدموية التي تتعرض لها حنين زعبي والتجمع الوطني الديمقراطي، فسقف تصريحات هذه الأحزاب وأقطابها بات معروفا، بل قل مفضوحا عند الناس وعند الجمهور الواسع. ولم يتوقع أحد أن يخاطر قادة الأحزاب “بسمعتهم” و”برصيدهم” الإسرائيلي المتفهم لخطاب ميرتس وحزب العمل، لدرجة أن يظهروا في هذه الأيام العصيبة إلى جانب حنين زعبي وجمال زحالقة في قاعة محكمة العدل العليا…
وبطبيعة الحال لم يتوقع أحد، أن ينتقل مهرجوا السياسة والمسرحيات الاستعراضية السوقية اللغة والخطاب، عند ساعة الامتحان إلى اتخاذ موقف وطني وأصيل أو حتى موقف “نخوة عربية” تجاه ما تتعرض له المرأة الفلسطينية ، كما تمثلها حنين زعبي ولا أحد غيرها.
ولم يتوقع.. ولم يتوقع.. لأن سقف التوقعات من الأحزاب التي تاجرت بعبارات الوحدة الوطنية (وهي تخوض حروب دونكيشوتية ضد مركباتها الداخلية) قد انهار وسقط عليها منذ زمن ولم تعد ذات سقف أصلا أو لربما استعاضت بسقف خيمة روتشيلد، سقفا ترضاه بدلا من سقف الحركة الوطنية حتى لا تحرج نفسها عند رفاقها في تل أبيب، أو استوديهات برامج المسابقات والطهي وغيرها…
مع كل ذلك لم تذهب حنين زعبي وجمال زحالقة إلى محكمة العدل العليا مقطوعين من شجرة. ولم يذهب التجمع وحيدا… لقد ذهبوا مجتمعين ممتلئين بروح نضالية أصيلة، روح شعبنا الفلسطيني، روح الكرامة الوطنية والشموخ القومي دون اعتذار…
ذهبت حنين إلى المحكمة وذهب معها كل من يرفض فعلا وليس قولا فقط، الحصار المفروض على قطاع غزة. ورفضت حنين وترفض ومعها كل من يؤيد حقا حرية غزة الاعتذار عما فعلت.
ذهبت حنين والتجمع وتخلف الآخرون.. ولم يكن تأخرهم عفويا أو من باب الصدفة، فالبعض محرج من يسار تل أبيب أن يكون مع حنين وأهل غزة ضد الحصار، والبعض ينتظر ويبتهل أن تشطب حنين والتجمع عله “يرث” من بعدهم الأصوات. نعم يبتهلون وينتظرون الشطب، لكن غاب عنهم أنه إذا شطبت حنين ومنعت من الترشح للانتخابات بقرار إسرائيلي فستشطبهم الأقلية العربية كلها ولن تصوت لهم وإن شطبوا التجمع. غياب التجمع عن الساحة هذه المرة إذا كان بقرار المؤسسة الإسرائيلية، سيعني أولا وقبل كل شيء إدانة لمن سكتوا على التحريض ضده وضد رموزه بدءا من عزمي بشارة وحتى أصغر عضو في التجمع… وقد أدركت المؤسسة الإسرائيلية، أو هكذا يبدو، أن تهديد النائب زحالقة ليس مجرد تصريح ناري للإستهلاك المحلي بل هو تصريح يعكس موقف حقيقي أصيل، فلن نسمح للمؤسسة أن تقرر من يمثلنا في الكنيست، ولن نسمح لهم بتصنيفنا بين معتدل ومتطرف ..لقد زال ذلك العهد عهد توزيع الشهادات والنياشين على العرب.
الأحد ستقرر المحكمة العليا في ملف الشطب، بعد أن باتت تحسب حساب غياب التجمع عن الساحة، لأن غيابه سيعني غياب كل العرب، ولن يشفع للأحزاب العربية تخاذلها هذا وغيابها عن المحكمة أي عذر قد تسوقه. على الأحزاب أن تعلن ليس فقط تضامنها مع حنين واستنكارها للهجمة ضدها وضد التجمع بل أن تعلن بلسان عربي فصيح أن شطب حنين زعبي يعني شطب العرب جميعا وانسحابهم من اللعبة البرلمانية كليا والعودة إلى العمل الشعبي والجماهيري بعيدا عن ضوابط البرلمان.