آش البريسيلياني وحرب الصفوف
تاريخ النشر: 29/12/12 | 16:56
سأحدثكم عن آش وأحكي قصته كما رواها لي خلال لقاءاتنا المتكررة في مقاهي بريسل (بروكسل) أيام التقيته هناك مع بداية هذه الالفية. لكني لا اريد الالتزام بأن أنهيها وذلك لسببين: الاول انها لم تنته بعد وقد تتجدد والثاني لأني لست كاتبا اديبا يبدأ الكتابة وينهيها، من الالف الى الياء. ولأني لست كذلك، فقد اتوقف بين الحين والآخر عن سرد معطياتها، لضرورات الحياة أو لأي سبب آخر أجده مناسبا. أما لماذا اخترت آش من دون سائر الاشخاص الرائعين الذين تعرفت عليهم في بريسل، في عام اقامتي هناك، فهذا ما لن أكشفه في هذه المرحلة. وقد رأيت أن اسمي قصتي بهذا الاسم، لا لسبب واضح، ولذا فاني احتفظ لنفسي بحق تغيير عنوانها متى أحب.
وآش هو شاب اسمر، طويل، قوي البنية، يميل لون عينيه من العسلي الى الاخضر اذا اشرقت الشمس، ذكي، مرح، مخيال، بارع في اللغات، لبق الحديث الا حين تغلبه جذوره ليصبح لا يطاق.
التقيته في احد مقاهي بريسيل في جادة لويز، في يوم صيفي مشمس، حتى تتلبد الغيوم فجأة لتبرق وترعد دون سابق انذار وتقدم عرضا سماويا مذهلا يفوق جمال عروض المرفقعات التي نشهدها في أعراسنا جمالا وصخبا.
قلت: أتعلم ما مصدر عادة المفرقعات هذه؟
لم يجب، واكتفى برشفة قصيرة من قهوة الايلي، زاما شفتيه، وكأنه يطبع قبلة قصيرة على فم الفنجان الابيض الصغير.
قلت: أصلها عادة باجانية، مارسها أهل بلاد الشمال في زمن مضى، حيث كانوا ينظمون مسيرات صاخبة، مصدرين الاصوات العالية بحناجرهم، طبولهم، وبكل ما وقع بين ايديهم، لطرد الارواح الشريرة من غاباتهم. كان ذلك قبل ان يكتشفوا وجود الصين بورقها وبمفرقعاتها وقبل ان يستوعبوا اسس الحضارة منا.
ارتسمت شبه بسمة على جانب واحد من فمه، وأخذ رشفة قهوة أخرى من فنجانه الايلي، وسأل:
منا؟ ماذا نفعل هنا اذا كانوا قد أخذوا أسس الحضارة منا؟
قلت: جئنا لنسترد بعضها، لعلنا في ذات يوم نقرر العودة الى طريقها.
يتبع …….. آش وكريستيان القومجي