بمناسبة عيد الميلاد نبارك ونذكر
تاريخ النشر: 29/12/12 | 17:36بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: “والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها ءاية للعالمين” .فالمسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام) آية زمانه ومعجزتها: هو وأمه عليهما السلام.
على قدر ما كان آيةً ومعجزةً هو وأُمَهُ، كانت حياة المسيح وأيّامُ عُمرهِ على الأرض مليئةً بالأحزانِ والآلام: وغنيةً بالصبرِ والآمال، عاشَ المسيحُ مُنذُ وِلادَتِهِ آلية قُدرة الله عزوجل، وأنه قادِرٌ على أن يخلق كيف ما شاء دون أسباب وأنه إذا قال للشيءٍ كُن فيكون، فكانت مشيئةُ الله عزوجل أن خلق المسيحَ وأوجدهُ دون أبٍ كما أوجد من قبلهِ آدَمَ دون أبٍ وأُم: ليَعي هذا الإنسان أن اله عزوجل لا يُسألُ عما يفعل ونحن نُسألُ عما نفعل!!!
لقد كانت إشارات الفضل من الله على السيدة العذراء عليها السلام منذ البداية، عندما نذرت أُمها أن ما في بطنها محررٌ لله عزوجل فعند ولادتها وضعت أُنثى فقالت ما قالت في حق هذا الموقف بأنها وضعت أُنثى والأُنثى ليس كالذكر واللهُ أعلمُ بما وضعت فَرَباها زكريا عليه السلام، وكانت لهذه الأنثى طلعةٌ مختلفةٌ عن كل نساء العالمين.
فعندما كبرت كانت تلازم المحراب تتقرب إلى الله عزوجل في عبادتها، فكان كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً فكان يسألها: قال تعال: “قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير.
ذلك هو الإيمانُ الحقُ والصادق بالله عزوجل، لقد ضربت السيدة العذراء مريم عليها السلام أروع الأمثلة في الصبر والتحمل، وقد تمثل ذلك عندما جاءها جبريل عليه السلام ليهب لها غلامٌ، فكان ردها وهذا شيءٌ طبيعي على ذلك، قال تعالى: “فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً، قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا”.
وكان جوابها وهذا أيضاً جواباً بديهياً على ذلك قال تعالى: “قالت أنى يكون لي غلامٌ ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً” ، ليأتي بعهدها جواب جبريل عليه السلام أنه عندما يُقررُ الله سبحانه وتعالى شيئاً لا يشرك أحدٌ في أمره.
ولا عجب ولا غرابةً إن كان الأمرُ صادرٌ من الله عزوجل:قال تعالى: “قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله ءاية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً”.
لتحمل هذه السيدة بالمسيح عليه السلام! بعد النفخة الرحمانية التي لم يعلم أيٌ من البشر كيفيتها ولكنهم عرفوا النفخة، والله إنهُ لموقفٌ صعبٌ!! قد تخطى عقول البشر ومن الصعب استيعابه للأغلبية منهم، وخاصة عندما تجد سيدة عابدةٍ طاهرةً من سلالةٍ طاهرةٍ، فيأتيها المخاض: قال تعالى: “فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً” ، عندما أقرأ هذه الآية أبكي بكاءً مريراً، لأن قولها قول إنسانٍ صادقٍ ومؤمن، كيف حل عليها هذا الأَمرُ الصعب، وكيف وتواجه عواقبه، وماذا يقول الناس؟ وكيف تردُ عليهم وليس عندها حُجة ولا دليل، هنا بدأ الأمر الرباني، ما عليك يا مريم أنتِ لا تتكلمين ولا تجيبين قال تعالى: “فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً” ، فانظروا كيف عندما حضرت وجاءت قومها، أول ما بادر لذهن قومها أن ذكروها بنسبها وحسبها الأطهار ، قال تعالى: ” يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً”، فشهد لها القوم أنها طاهرةً من سلالة طاهرة.
هنا كان الإعجاز الرباني أن ينطق طفلٌ في مهده لم يمرَ عليه سوى ساعاتٌ على ميلاده: قال تعالى: قال تعالى: “فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً” ، سبحانك يا رب من هنا بدأت إشارات النبوة والمعجزات الباهرة لسيدنا عيسى عليه السلام، فنطق الصبي، وكانت أولى كلماته الإعجازُ بعينهِ: “قال تعالى: “قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبياً” م يقل في بداية حديثه ونطقه أنا النبي عيسى ولكنه وحد الله منذ أن نطق، فقال إني عبد الله، وبعدها جاء الوصفُ لشخصِه ووظيفته وأُمرَ أن يقوم بالصلاة والزكاة ما دام على قيد الحياة ويأتي في الختام من الله عزوجل يقول لنا من هو عيسى عليه السلام، قال تعالى: “ذالك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون، ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون، وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم”.
ونحن المؤمنون نؤمن بسيدنا عيسى عليه السلام ونحبه كما نحب حبيبنا وسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتبع ما أمرنا به القرآن الكريم أن قال تعالى: “لا نفرق بين أحد من رسله”.
ولكن من المحزن أن اليهود الذين عادوا سيدنا المسيح وحاولوا قتله وصلبه والذين هُم يرمون أمهُ بالزنا حاشى لله أن تكون كذلك، والذين يعتبرونه ابن زانية!
وترى الكثيرين من أتباع السيد المسيح عليه السلام، خدامٌ عند الصهاينة، بل أكثر من ذلك فتستخدمهم الصهيونية ليقاتلوا نيابة عنها في كل أنحاء العالم، ويموتُ عشرات الألوف من الجند في هذا المشروع ناهيك من ضياع مئات الألوف من المليرديرات ومن الدولارات تُقطَّع من قوت تلك الشعوب من أجل إرضاء الصهيونية العالمية وإسرائيل، وما زال هذا الأمرُ قائماً حتى الآن.
عجبٌ كل العجب من ذلك ما الذي دفع بالمسيحية العالمية أن تكون في خدمة اليهود والصهيونية، حتى وصل هؤلاء لدرجة من العداء ضد المسلمين، أن يقومَ قسيس بحرق المصحف الشريف أمام كاميرات التلفاز ووسائل الإعلام العالمية، وفي بلدٍ آخر ينشرون صوراً مسيئة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن أي حرية يتكلمون أن يرمون وينعتون أنبياء الله بشتى أنواع النعوت والاهانات، وهم يعلمون أن هذه الأمور قد تكون سبباً في حرق الأخضر واليابس وتثير فتنناً لا حصر لها.
من الذي يدفع الثمن الأخوة المواطنون المسيحيون المسالمون والذين يعيشون في الوطن العربي وهُم الأَصلُ فيه وبناتُه، والذين يعانون لا أقل من المسلمين في مثل هذه الأحوال.
وأن القسم الأكبر منهم يعي خطورة هذه الفتن وخاصة إذا كانت تخصُ الدين والعقيدة، إن مثل هذه الأمور هي مؤامرة على الأخوة المسيحيين. لترحيلهم وتهجيرهم من أوطانهم في الشرق العربي، كل ذلك من أجل إذكاء الصراع الديني بين شرائح المجتمعات العربية وليقاتل المسيحي المسلم والمسلم المسيحي!
فتنشأ هذه الصراعات لتكون بمثابة الذرائع والشرائع لمن يخطط لذلك لغزو العالم العربي تحت راية الغزو الصليبي من جديد، كما كان معهوداً على مر العصور.
ولكني على يقين أن هذه المخططات ستفشل ويبقى يعيش المسيحي والمسلمُ جنباً إلى جنب، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فإذا كانوا ينتظرون المخلص المسيح فإنا نحن ننتظر المهدي الذي سيملئ الكون عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً وكل عام وأنتم بخير. ولله ولي التوفيق