رحيل غونتر غراس
تاريخ النشر: 14/04/15 | 8:30تعرفت إلى غونتر غراس الذي رحل في 13 نيسان 2015
……………………………………..
من كتابي (أقواس من سيرتي الذاتية )- ط2، مزيدة ومنقحة- 2011، ص 292- 293.
……………………………………..
في أثناء رحلتي الأولى إلى ألمانيا سنة 1977 تعرفت إلى أديب معروف هو الشاعر والروائي والنحات والرسام جنتر جراس.
ولد جنتر سنة 1927 في مدينة دانتسك المشهورة في تاريخ الحرب العالمية.
ظهرت أول رواية له سنة 1959 – الطبل الصغير-، فغدا يمثل جيلاً ألمانيًا جديدًا –جيل ما بعد الحرب-.
يكتب جراس بأسلوب بالغ الخيال، ويصف حياة التشرد والبؤس، وفي كتاباته حماسة وحيوية، وتجارب شخصية. تظهر أعماله الدرامية متأثرة بأدب اللامعقول من أدب أونسكو وبيكيت.
لا أدري لماذا تخيلت قبل سفري أنني سألتقي هذا الأديب بعد أن قرأت له صفحات مترجمة إلى العبرية.
في مدينة مانهايم حيث كنا نتجول أمام واجهات الحوانيت الأخاذة التي فيها ما تشتهي الأنفس، وبينما كنت أقرأ الأسعار وأوازن بين سعرها هنا وبين سعرها في بلادنا كانت صورة الشاعر تطالعنا في واجهة مكتبة ضخمة، وتحت الصورة إعلان أن الشاعر سيقرأ غدًا في الثانية ظهرًا في حفل توقيع كتاب جديد له.
عندما حضرت في اليوم التالي كنت أستمع إلى الشاعر الذي وقف على منصة، ومن حوله جمهور حاشد من أجيال مختلفة– فتيات معجبات جذلات بعيونهن الزرقاء، رجال أصحاء يحنون رؤوسهم وهم يتلقفون كلماته، وعجائز وخط الشيب شعرهن يهززن رؤوسهن صعودًا هبوطًا.
كنت أصغي إلى ألمانيته الصعبة المركبة، أفهم جملة، ولا أدري ماذا قال في جمل أخرى
فصرت أتابع إيقاع شعره أكثر مما أفهم المعنى.
لما فرغ من القراءة كانت أرتال المشترين تقف بالدور لتشتري ديوانه موقّعًا عليه بخط يده.
كان يحمل بيده قدح نبيذ، واتخذ له ركنًا ليستقبل قراءه.
سعدت جدًا لهذا الاهتمام البالغ بالشعر في بلد تسوده المادية والصناعة.
الصف طويل، والشاعر يوقع، وأنا أنتظر مخاطبته.
لم أتحلَّ بالصبر، بل أجزت لنفس أن أتجاوز النظام، فأتقدم إليه معرّفًا بنفسي.
رحب بي، ثم طلب بطاقة الزيارة، وقدم لي بطاقته، ووعدني بزيارة لدى قدومه إلى البلاد، فهو يعرفها جيدًا بعد أن تردد عليها في أكثر من دعوة.
ألقيت نظرة ثانية على المكتبة الضخمة الأنيقة المرتبة الجميلة، فأيقنت أن ألمانيا هو شعب الكتاب في أيامنا، فمنذ أن طلع غوتمبرغ في القرن الخامس عشر على العالم بالمطبعة وهم يترجمون ويطبعون وينشرون.
(ملاحظة: في زيارة أخرى لاحقة لألمانيا زرت المطبعة الأولى في مدينة ماينز).
……..
معلومات إضافية لم تكتب أعلاه:
حصل الأديب على جائزة نوبل للآداب سنة 1999، وقد أثار سخط مؤيدي السياسة الإسرائيلية في العالم،عندما هاجم بشدة سياسة إسرائيل بخصوص الملف الايراني في قصيدة له تحت عنوان “ما ينبغي أن يقال”، وورد فيها:
أن تخضع دون صعوبات للرقابة الدائمة كلا من:
ترسانة إسرائيل النووية
ومنشآت إيران النووية
رقابة تخضع لها حكومتا البلدين دون تمييز
هكذا فقط..
يمكن مساعدة الجميع
إسرائيليين وفلسطينيين
بل كل الشعوب
في هذه الناحية من العالم التي يحكمها الجنون
والكراهية البغيضة
*******
ب.فاروق مواسي