آش وكريستيان القومجي
تاريخ النشر: 30/12/12 | 14:37وكريستيان هذا رجل بلجيكي، قصير القامة، ازرق العينين، مطلق وله ابنة وابن، يعمل مدرسا للغة الانجليزية. في عينيه بريق يدل أحيانا على الذكاء وأحيانا على اللؤم. وكنا ثلاثتنا، آش كريستيان وأنا، نكثر من التمشي في شوارع بريسيل المستوية، نتحدث في امور الساعة. كان الحديث سرعان ما يأخذنا الى الاقتصاد الاوروبي وتاثير الاتحاد على سوق العمل وقدرات الناس الشرائية، اجرة البيوت المرتفعة في بريسيل واحتلالها على يد الاتحاد. غالبا ما كان صديقاي ينتقلان للحديث بالفرنسية، والتي لم استطع تعلمها، فأجدني ملزما بترك بعض المساحة لهما ليكملا نقاشهما المحتد، وأشرد بنظري وذهني لاراقب البنايات في الشارع مركزا على شبابيكها ومشاربها الحديدية، والتي تشكل منهجا في فن العمران.
ففي بريسيل للبنايات واجهتان فقط، أمامية وخلفية، دون جوانب، ولذا يوظف المهندسون جهدهم في أناقة الواجهة الامامية فقط. كنا نسير حتى ينتهي بنا المطاف الى مقهى أو حانة، نمضي فيها بعض الوقت، قبل ان أتركهما ليكملا نقاشاتهما عائدا الى شقتي لاستعد ليوم عمل جديد.
سألني آش، أتدري كيف أصبحت أنا وهذا العنصري أصدقاء؟
قال: كنت حديث العهد في بريسيل وببعض المساعدة من زملائي في عملي الجديد، توصلت الى استئجار شقتي في الطابق الارضي في شارع المدينة. وفي نهاية الاسبوع الأولى اخذت الوقت لتنظيف وترتيب الشقة.
بينما انا منهمك بذلك وإذا برجل يخاطبني من الشارع وعبر شباكي المشرع، بلغة انجليزية بطيئة فيها الكثير من التعالي:
هذا بلد اوروبي! قال، هنا نحافظ على الهدوء والنظافة. هل تفهم ذلك؟
طرح السؤال ببطء وكأنه يخاطب متخلفا، مادا كل مقطع طويل في السؤال.: دووووو يووووو أندرستااااااند؟
أجبته بلغة انجليزية سليمة وبنبرة فيها الكثير من التحدي واللامبالاة بان يهتم بشئونه وبأنني لست بحاجة الى ارشاداته فيما يخص النظافة والهدوء.
تفاجأ كريستيان من ردي ومن لغتي فأخبرني بأنه يشاركني السكن في البناية وبأنه لم يكن يتوقع ان يكون الاجنبي “الجديد” في البناية على قدر عال من الثقافة قبل ان ينتقل الى الاعتذار بطريقة ملتوية بأنه لم يقصد الاهانة وما الى ذلك من كلمات تراجع من خلالها عن موقفه العدائي. لم اتوقع انك تجيد الانجليزية!
قلت في نفسي: لا بد وأن ألقن هذا العنصري درسا في المساواة.
بل اجيدها واجيد الفرنسية. والعربية لغتي الام ومعها اجيد العبرية أيضا! هل تعرف انت أية لغة غير اوروبية؟
أجاب بالنفي مذهولا وصمت.
قلت: لنلتق فيما بعد ونكمل هذا الحديث. أنا الآن مشغول كما ترى. طاب نهارك. ختمت الحديث.
بعد ايام جاءني كريستيان ليدعوني الى شرب فنجان قهوة، فقبلت.
يتبع ….. كريستيان يسوغ قومجيته
اقرأ المزيد للدكتور حسام:آش البريسيلياني وحرب الصفوف