قضية ضائعة ..فمن ألسبب ؟

تاريخ النشر: 25/03/11 | 7:36

بقلم بنان ابو عبيد من  ميسر. طالبة  الصف الثاني عشر في مدرسة القاسمي الاهلية في باقة

ظننته دوار بحر, حين استدارت أفكاري في مخيلتي كالدوامة بدل من أن تنساب في قوالب أقلامي وها هي تغوص وتغوص في مخيلتي تحاول أن تبني جذوارا مشتركة مع ألنسيان ولكن ضميري لا يزال قابعا .. لا يزال يستنشق أوكسجين الحياة بينما تشهد نظراتي على تلك التوابيت الأمية التي تشيع جثامين الملايين تحت عنوان التخلف .. وماذا تنتظرون أكثر؟ أن أعرب لكم تلك الجمل القديمة من سنوات الثمانية واربعين أم أنكم بتم تعرفون انكم فاعل ومفعول به في كل الجمل ؟

لعلكم تتسائلون عن غضب كاتب اثناء كتابته لربما تلومونه من طريقته الفذة في المعاملة ولكنني قلم مجروح يستنزف الحروف استنزافا ويبكي الدموع بحرارة تصهر كل ليونة تربت في أحشائي . نعم ! أنا هو الناطق بلسان الجرح الفلسطيني الذي وضعه الكثير على رفوف ابتلعها الغبار وتحت أغطية رثة وقديمة . نرجسية هذه ام ماذا ؟ بربكم أيعقل هذا التنازل وهذا التخلي؟ لا تعجب من حالي ولا تصرخ بوجه الصفحات تعاتب كاتبا يحاول ان يبدأ ألعق الصبر لعقا وتتبع كلماتي بصمت أحتملته سنين طويلة وأعذرني وأصنع لي مبررات لأرتديها كسبب على هجومي في مقدمة كنت أقصد فيها الهدوء ولكن نيراني الداخلية الساكنة تحولت بركانا همجيا لا تحلو له السكينة وأسمعني لاننا سنبكي سوية نزيف واحد وجرح قديم وعميق يوحدني أنا وأنت بطريقة عجيبة تجعلنا بلباس دموع موحد في نهاية هذه الرسالة البليغة لم أشهد تلك الاحداث ابدا بل تلقفت تلك المجزرة والتجارة العالمية من قصة ظننتها خرافية حكتها لي جدتي عندما كانت تحاول ان تشحنني بغضب الغيرة على وطن زرعت حبه في وريدي حملت بيمناها يومها هوية زرقاء وبكت وقالت بصوت بان في تقطعاته شيخوختها أني فلسطيني فأندهشت وقتها لانني كنت قد رايت لاول مرة دموعها تنهمر بهذه الهزيمة فوقفت بعجلة محاولة أمتصاص دمعاتها المسكينة بكفة يدي الصغيرة التي باتت ترتجف من صدق تلك العبرات التي توهتني بعدها وجعلتني أحفر تلك اللحظة في صدري ليوم أفهم فيه مقصدها وماتت جدتي وبكيتها ولكن لم يوازي حزني حجم حزنها لو تقارنا بكفتي ميزان عندما أطعمتني تلك القصة التي لازمتني كوصيفة في مراحل طفولتي وحتى شققتُ صدر المراهقة كنت وقتها قد ورثت تلك الكلمات وفهمتها لا تسألونني تحديد الزمان او المكان لأن العداد الزمني يحقننا بحقائق ننسى بعدها كم من العمر لبثت في خلايا ذاكرتنا وهذا بالتحديد ما حصل لي ولا أذكر وقت عرفت حقيقتي به وليس مهما بقدر ما كانت مهمة تلك الحقيقة .. وبكل رجولة أستجمعتها من عصر خلى من كائن الرجل الذي يبدو لنا غريب ولم أقصد التعميم ولكن الاغلبية تجعلني اتكلم بأسمها في سطوري فلتلك الاقلية اقول عذرا , وأكمل حديثي, وبتلك القوة احضرت تاريخي وبدأت أقرأ صفحاته واحدة تلو الاخرى وظننت نفسي انجزت شيئا عميقا ولم أكن أعرف أني أحفر بحفرة غير قابلة للنقصان لانه كان تاريخ على أيدي مؤلف جاهد طويلا لأن يمحو منه كل عناصر العظمة وكيف لي أن أقرأ تاريخي الذي كُتب بقلم عدوي اللذي لطالما حاول أن يمحوني فهذه كانت صدمتي الاولى ..

ومرت بعدها الكثير من الاحداث في حياتي , أحداث جعلتني أخيط ملابسي بأبرة الاصرار والعزيمة على الاستمرار . وحين كبرتُ وجدت في جعبتي قلما ولأفكاري كوخا أسميته الدفتر ووجدت نفسي كاتبة تنبض رسائل وتحاول أن يصل صوتها لنصف العالم وبدأت هنا أكاتب من أهمني ومن حاز على كرسي الرئاسة في برلمان اهتماماتي وكأي فرد يعيش في أرض الرباط تحت عنوان الاحتلال والظلم الصهيوني بدأتُ أعاني ..

أسمعك تسألني يا قارئي العزيز عن مصدر معاناتي وبصدق وبأخلاص يجمعني بك ساقول لك بكل كبرياء , معاناتي كانت سقفا يحوي تحته شوقي وحنيني ولوعتي لوطن لطالما حلمتُ أن أستقل فيه بحرية مجردة من أي استعباد نعم ! أشتاق لأم ولدتُ بعد رحيلها يتيمة أشتاق لغمراتها لدمعاتي تلك التي تسيل فرحا بوجودها الذي يجعلني بعيون مكحلة بعروبة اصيلة اشتاق لنسبي المعرف على هوية الملايين الملايين الذي جعلنا الرسول بسنته اخوة وحاك لنا التاريخ جارزة عظيمة بمغزل الشجاعة التي لقبت عمرٌ وصلاح الدينِ وأتوق لأرى تلك الخيول تتسابق بالميادين وعلى ظهورها ابطالا تحقق وعد الكثيرين فأين أنتم؟ أريد وبكل ثقة وضعتها في كل شخص فيكم نعم أريد أن تعود امي وان يعود اسمي انا فلسطيني …

في داخلي تعيش حسرة تترقب بخلسة أجهزة قلوبكم بعد ان عشتم في غيبوبة بقيت اترقب بعدها بأمل طويل ان يبقى الجهاز ذلك يعرض برسوم بيانية خطا متكسرا وكم خفتُ ان ينقطع الصوت لحظة وان تقع عيني على خط مستقيم يوحي لي بموت هربتُ من تصديقه وبقي في داخلي نفس الامل وانتم لا تزالون في نفس الغيبوبة ويدي تحتاج لتكاتف منكم لتصفق معلنة انتصار بعيد يقترب بوجودكم وأصبحت عيني بكاءة حين زاد انتظاري وحين رأيت النساء قد اصبحت من زعماء القوم ورجال امتي تتثائب تستيقظ تارة وترحل بسبات عميق تارة اخرى فأضرب الارض بقوة تعكس قهري الذي انجبه انتظاري بلا جدوى وأسير بين اروقة المعابر لأراهم يضعون رجلا على الاخرى في تلك المقاهي يتقهقهون ويغنون لحن الحياة لاختنق ببخار تلك الارجيلة التي قذفت بوجهي أستهزاءهم وأستسلامهم وقمة ضعفهم الذي أشقاني فقررت بعدهم ان اذهب للقاضي أشكو له اولئك الرجال الذين داسوا معاناتي بكل جرأة ومزقوا بكل برودة وبقلب من حديد انتظاري فحين وصلت المحكمة رايت عنوانها أعدام كل فلسطيني فطأطأت رأسي وضحكت لم يكن ابدا فرحا بل كان قمة العجز والغضب والقهر والانحناء وصرختُ بأعلى صوتي “وا معتصماه” فردت الجبال ذلك الصدى الصاخب الذي عاد ليلتطم بكياني ويقول لي ما عاد معتصم فينا ..

لا أريد ابدا منك يا أخي ان تغير العالم بل اريد منك ان تقف الى جانب نفسك وان تعانقها بوطنية, بنوع من الانتماء ان تتثقف بالوطن وان تعشقه بكبرياء . ارجوك فقط ان تمسح القليل من ذلك الدماء ليس بسلاح او ثأر او حرب طاحنه بل بعلم وأصرار وتوعية وتعليم ذلك الجيل القادم .. وضعت رسالتي بين قضيب يديك وانا على يقين انك ستسمع صوتي الذي كان بين السطور , وصدقي الذي توج غالبية الامور لا اخاطبك ابدا بل اخاطب ذلك الضمير الذي يحيا فيك أقول بأعلى صوتي ان لعبة الغميضة تلك التي عصمنا عيوننا فيها طويلا قد انتهت وحان الوقت لنبحث عن انفسنا المختبئة وراء التاريخ . حان الوقت لنفكر من جديد ونفتح السجلات القديمة لا لنقرا بل لنصحح تلك الاخطاء الكثيرة ليس بالقوة بل بالتكرار , بالمحاول, بالثقة, بالتغيير.. كلنا كاتبون لا بل مؤلفون ذلك المستقبل الآتي تعالوا لنبني ولنكون نحن الحجارة .. لننهض ونهندس بمسطرة وقلم وارادة مجتمعا عريق ملئ بالحب والاخلاص والوفاء وبتلك الخطوات الصغيرة سنصل لاهدافنا العظيمة واولها عودة أم الطفل الفلسطيني .. على يقين لا بل أكيدة اني سأهنئ نفسي فيكم يوما ما .. وسأسرح بمشط الانتصارات شعري وسيكون القائد رجلا منكم وعندها ستتنحى النساء جانبا لاننا سنؤمن معا أننا قصة تحتاج لادوار خاصة على كل منا ان يؤديها ولتكتمل حكاية جدتي تلك بنهاية رسالتي هذه التي تطمح بأنتصار مصدره ارادة منكم …

 

‫3 تعليقات

  1. كبير يا كبيرة !!!
    من المواضيع اللي عنجد عنجد بتأثر فيي، وبتوقظ اشي جواتي !!
    ابداع بكل معنى الكلمة، وأنا من زمان شايفة فيكي كاتبة بتأثر بسموها Influential Writer ، الله يخلليلي اياكي انت وكتاباتك !! لأنه بعبرن كثير عن شخصيتك !!
    فيهن قوة ونفوذ بعرفش كيف، بفتن طوالي للقلب !! حبيت الموضوع لأنه كله وطنية !! وحابة ترجع رجولة وشهامة وفروسية !! بشوف وبآمن انه بالكل في ضمير !! بس في ضمائر نايمة.. ولازمها ناس زي بنان يصحوها !!

  2. بارك الله فيكي خيتي بنان وكم يشرفني معرفتك واتمنى ان نلتقي في خط سير كتاباتك كلماتك عظيمه وما يسترها هو الاعظم ……………….

  3. كل الاحترام حبيبتي بنان انتي عنجد مبدعة كملي هيك واحنا معك ودائما رح نشجعك …
    بالتوفيق .. وان شاء الله دائما ترفعي راسنا هيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة