القرب من الله ، الهدف الأسمى
تاريخ النشر: 02/01/13 | 8:00
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وتب علينا يا مولانا إنك أنت التواب الرحيم.
أمر يستحضر الشعور بعظمة الله عز وجل وكمال رسالة الحبيب المصطفى هو إيصال أبلغ المعاني والقيم عبر أقصر وأوضح العبارات ، سواء كان ذلك في آيات القرءان الكريم أو في الأحاديث النبوية الصحيحة .. في حديثه ووعظه لإبن عباس (وقد كان ما يزال غلاماً) ، قال عليه أفضل الصلاة والتسليم في الحديث الصحيح عند الترمذي "يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، ( رفعت الأقلام وجفت الصحف )”. في حديثه لعبد الله بن عباس يوصيه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بأمور بسيطة ذات ثمار عظيمه .. يوصيه ضمناً وفي مقدمة الأمر بالحفاظ على العلاقة بينه وبين مولاه عز وجل ، فهو يُنبهه ويوصيه بالحفاظ على ما بينه وبين الله وبذلك تتم وتكتمل الرعاية الربانية له في أمور دنياه وآخرته.
يا لها من نصيحة عظيمه .. قال أحدهم مخاطباً ربه يوما ومتحدياً بأنه يفعل شتى أنواع المعاصي وبأن الله عز وجل لا يزال يطعمه ويسقيه ويرزقه ولم يعذبه أو يصيبه بعد ، فأوحى الله عز وجل إليه بما معناه "أو لا يكفي أني حرمتك، يا عبدي، لذة عبادتي” أي .. "أو لا يكفي أني حرمتك، يا عبدي، لذة القرب مني” ..
صحيح أنه الله قد يؤخر العقوبة العظمى ليوم الحساب ولكن هذا لا يعني أنه لا يعاقب ولا يقتص من عباده في الحياة الدنيا ..
لننظر للأمر من جانب الإقبال على الله عز وجل وكما قال عليه الصلاة والسلام لإبن عباس "احفظ الله تجده تجاهك” .. والمعنى .. يا غلام، حافظ على صلتك بالله عز وجل، حافظ على طاعة الله عز وجل وإجتنب المعاصي، إن أصابك أمر حسن فاحمد الله وإن إقترفت سوءاً فاستغفر الله ، أحسن إلى العباد وكف الأذى عنهم تستشعر قرب الله عز وجل منك .. تستشعر قربه منك وذلك بحلاوة وسكينة تجدها في قلبك عند عبادته أو عند قراءتك للقرءان أو عند نصيحتك لأخيك المسلم أو عند القيام بأي عمل يرضاه الله ورسوله ..
هذا الشعور وهذا القرب بين المؤمن والمولى عز وجل هو حق ، فكما أن العين ترى والأذن تسمع ، فإن القلب يطمئن ويسكن بتعلقه بالله سبحانه وتعالى .. الموضع السليم للقلوب هو الله ، موضعها السليم وهدفها الأكبر لا بد أن يكون اليوم الآخر وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ..
لقد عرض زميلي الأستاذ محمد صبيح قبل أيام قليله مرض النفوس الذي يُعتبر نتيجة حتميه للبعد عن الله عز وجل .. وقد يكون مناسباً مع إقتراب نهاية هذا المقال الإشارة إلى بعض الأعمال التي ستفتح بإذن الله تعالى عليك وعلى قلبك أخي المسلم وأختي المسلمة خزائن رحمة الله عز وجل وخزائن سكينته .. خزائن العطاء العظيم الذي ستستشعره بإذن الله (ما قاله رب العباد في سياق الحديث القدسي) ".. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته ” .. يا له من عطاء عظيم ..
ما تحتاج للقيام به هو الحفاظ على الصلوات ، القيام بالطاعات ، التنفل بقراءة القرءان والصيام والقيام ، الإبتعاد عن النواهي والمعاصي ، التوكل على الله والعمل على ترسيخ اليقين المطلق بأن الله عز وجل هو القيوم فلا شيئ يتحرك في هذا الكون (حتى الدم الذي يجري في جسدك) دون إذن منه ودون عطاء منه ، فهو من يقوم على أمور خلقه ومخلوقاته سبحانه وتعالى ، وترسيخ اليقين بأنه هو الوهاب وأنه هو الرزاق وبأن الهدف من وجودنا هو عبادته ، وبأن سلعته الجنه فهو من تجب التجارة معه ..
وفقكم الله ومَنَّ عليكم بمفاتيح رحمته وعطاءه .. شَكَرَ الله حُسْنَ متابعتكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
بارك الله فيك يا اخ وسيم ، مقالات ممتعه ومفيده جزاك الله كل الخير وكثر من امثالك.