لقاء مع رئيس التجمع واصل طه
تاريخ النشر: 03/01/13 | 2:30لقاءٍ خاص مع النائب السابق ورئيس مجلس كفر كنا الأسبق، رئيس التجمع وأحد مؤسسيه واصل طه، يستعرض طه رؤية التجمع الوطني الديمقراطي وطرحه البديل.
• أنتَ اليوم رئيس لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، بعد حقبتين مِن العمل البرلماني، فهل لك أن تشرح لنا مجال نشاطك الحزبي!
غالبية وقتي أعطيه للحزب ونشاطات الحزب وأساهم في إطفاء نار الفتن الموجودة في بعض القرى العربية، خاصة في ظل العنف المستشري في هذه البلدات.
• ما هي أولويات حزب التجمع في الظروف السياسية الراهنة ونحنُ مقبلون على الإنتخابات؟!
نحن كتجمع وطني ديمقراطي وحركة وطنية ملقاة على عاتقنا مسؤولية كبيرة، من الجانب الأول أن نقدّم وأن نحسّن أوضاع جماهيرنا العربية، ومن الناحية الثانية أن نحافظ على هويتنا القومية ووطنيتنا الفلسطينية.
• كيف تنظر إلى استفحال ظاهرة العنصرية في الشارع الإسرائيلي؟!
الشارع الإسرائيلي يزحف نحو اليمين الفاشي بكل ما في الكلمة من معنى، لذا نراه شرسًا في التعامل، خاصةً مع التجمع الوطني الديمقراطي في محاولة الشطب، وفي الملاحقة وفي الحصار.
لذلك نؤكد في التجمع الوطني الديمقراطي على ضرورة إعادة بناء لجنة المتابعة كقوة تمثل الجماهير العربية أمام السلطة وأمام المؤسسة الإسرائيلية، حتى تكون لنا قيادة منتخبة مكونة من ثلاثة أجنحة، الأول السلطات المحلية ،اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، الجناح الثاني أعضاء الكنيست العرب المنتخبين من قبل الأحزاب في الساحة البرلمانية، وأيضًا أن تكون لجنة متابعة منتخبة جماهيريًا كي يُصبح لنا أذرع منتخبة تواجه المؤسسة الإسرائيلية وتطرح قضايانا، وإن أحوجت الخروج إلى الرأي العام العالمي، هدفنا أن تصبح دولة اسرائيل دولة مواطنين وليس دولة اليهود، هذا يحتاج إلى نضال ومثابرة وشرح للعالم واختراق للشارع اليهودي.
• ما هو تعليلك للتحريض ضد التجمع دون سواه من الأحزاب الأخرى؟!
عندما يتحدثون عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي أو حزب الجبهة، فإنه يُعتبر يسارًا إسرائيليا، مع أنّ مصوتيه في غالبيتهم من الفلسطينيين العرب، ولكن في النهاية الفكرة التي يتبناها هي إسرائيلية، وهذه هي نقطة الخلاف بيننا وبين الحزب الشيوعي الإسرائيلي.خطابنا السياسي واضح، وهو خطاب يدعو أن تكون اسرائيل دولة كل المواطنين إذا أرادوا ديمقراطية حقيقية، أما الديمقراطية الحالية فنعتبرها ديمقراطية لليهود فقط.
المؤسسة تعرف أنّ هذا الصوت هو الصوت الذي يزعجها ويقض مضاجعها ويلتف الناس حوله، وبينهم الشباب والمثقفون وبالتالي يحاولون خنقنا.
• ماذا بخصوص القضايا الاجتماعية التي تشغل بال الأكثرية من شعبنا التي تعاني من الفقر والبطالة والضائقة الاجتماعية؟!
أولاً دعيني أقول أن ما يحصل للعرب الفلسطينيين في دولة إسرائيل من ظلم واضطهاد وتمييز في كافة مجالات الحياة سواءً في العمل أو التصنيع أو التطوير والتقدم، نابع من كون الدولة تنظُر إلينا كفلسطينيين أعداء، بالتالي القضية السياسية قضية مهمة جدًا في هذه المعادلة، هم يعرفون مَن نحنُ وإلى من ننتمي وبالتالي حتى أتعامل مع الآخر بقامة مرفوعة يجب أن أعتز بهويتي وقوميتي، النضال المدني هو الجزء الآخر من المعادلة التي نحملها ونؤكِد عليها. الحقوق اليومية أمرٌ هام جدًا ننظر إليه بكل جدية، ولو تتبعتم عملنا في الكنيست،لرأيتم أنّ جُل عملنا في الكنيست، في خدمة القضايا اليومية من بينها الفقر والتصنيع والبناء والخرائط الهيكلية لكنّ الإعلام الاسرائيلي يتجاهل ذلك، ويتحدثون عن انشغالنا فقط بالقضايا السياسية، هذا هو التعدي على الأحزاب العربية وعلى التجمع الوطني الديمقراطي.
• وهل يحمل التجمع حلاً لمكافحة ما يجري في المجتمع العربي من آفاتٍ اجتماعية تزعزع الواقع الفلسطيني في الداخل؟!
نعرف أنّ العنف المستشري في وسطنا العربي، وآفة المخدرات في بلداتنا وقُرانا العربية، لم تأتِ من فراغ، بل تحصيل حاصل للظلم المبرمج، وهندسة مجتمعنا بهذا الشكل حتى "ينخروه" من خلال هذه الآفات، الشرطة لا تقوم بملاحقة تجار المخدرات العرب كما يجب، بينما تقوم الشرطة بملاحقتهم ومكافحة هذه الآفة في الوسط اليهودي، بكافة الوسائل. هذا الملف على رأس سلم اهتماماتنا، طوال الوقت كُنا نضغط ونحنُ مستمرون بالضغط على المؤسسة الإسرائيلية، علّها تأخذ دورها في وضع حدٍ لهذه الظواهر المتفشية في وسطنا، فهي تعرف السلاح غير المرخص والمرخص بأيدي مَن،ثم كيف نفسِّر عدم محاربة ومنع هذه المظاهر مِن الأساس! بل تشجيعها أو معاقبة فلان والتستر على علاّن؟ ما أقوله لا يمنعنا مِن أخذ زمام الأمور بين أيدينا وتحمل المسؤولية بالاحتكام إلى العادات والتقاليد العريقة، والوعي والقوانين المدنية التي تكفل حقنا في حماية مجتمعنا.
• في ظل تزايد موجة العنصرية لدى المؤسسة، هناك ارتفاع في نسبة اليهود المُعادين للعرب في الداخل، فهل يحمل التجمُع خطابًا لإقناع هؤلاء بمطالبنا العادلة؟!
لدينا أنصارٌ بين المثقفين اليهود والمؤيدين، وهؤلاء يتفهمون خطابنا، ويرون أنّ طرحنا هو الحل الأمثل المستقبلي لليهود والعرب في هذه البلاد، وهو أن تكون إسرائيل"دولة المواطنين"، لذلك نراهم يدعمون التجمع الوطني الديمقراطي، ليس فقط بما يكتبون من مقالاتٍ وتحليلات، إنما أيضًا في صندوق الإقتراع يذهبون ويصوتون للتجمع الوطني الديمقراطي، عددهم قليل، وهذا ليسَ مستهجنًا في ظل الشوفينية والفاشية الحاكمة في إسرائيل".
• في ظل حكومة يمينية متطرفة، هل سيكون للعرب في الداخل أيُ تأثيرٍ سياسيٍ يُذكَر؟!
إنّ واحدًا من أصعب القضايا الأساسية التي تواجه النواب العرب في الكنيست، أنهم ليسوا معارضة كلاسيكية ضمن المعارضة الإسرائيلية، فعندما يتحدث البعض عن القدس المحتلة أو غزة أو القضية الفلسطينية، نرى إجماعًا صهيونيًا ضدنا، وهذا يفرض علينا معارضة مختلفة عن المعارضة الكلاسيكية في أيِ دولةٍ أخرى في العالم، نحنُ معارضة للحكومة ومُعارضة للمعارضة، وقلما تجد أحزابًا في العالم تتحمل عبء هذه المعارضة، هذا الأمر يفرض على المنتخبين العرب في الكنيست وضعًا ليس سهلاً، وأنا أتحدث من موقع المجرِب، وأعرف أنك عندما تتحدث عن قضايا الأرض وتوسيع المسطحات وبناء مُدن عربية جديدة فأنتَ تواجه سدًا منيعًا وإجماعًا صهيونيًا مِن اليسار حتى اليمين.
ومِن هُنا يرى التجمع الوطني الديمقراطي الساحة البرلمانية كساحة نضالية يجب خوضها ورفع صوتنا مِن أجل أن يسمعنا العالم أجمع، وعندما لا نكون هُناك، يتم تجاهُلنا وعدم سماعِ صرخاتنا. ولو أننا راجعنا تاريخ الفلسطينيين منذ العام 1948 وحتى عام 1996 العام الذي دخلنا فيه الكنيست لوجدنا فارقًا كبيرًا في رفع قضايانا ليس فقط على الساحة المحلية بل وعالميًا أيضًا، وبالتالي فإنّ وجودنا مهم وصوتنا مهم، وهو الصوت الذي يحاولون التخلُص منه، فهم يرفضون عضو برلمان بهذه القامة والفهم والوعي. وما الشطب لحنين زعبي إلا تجنٍ على كل عربي ووطني في هذه البلاد.
• هل تعولون على عدل القضاء الإسرائيلي؟!
أرى أنّ العدل شيءٌ نسبي، ويتعلق عن أيِ قضية نتكلم، ففي القضايا السياسية نحنُ لنا تجارب عديدة، فمنذ عام 1999 وهم يحاولون شطب التجمع الوطني الديمقراطي في كل جولة انتخابات، بعض القُضاة أقروا شطب التجمع، لكن الأغلبية بقضاة اثنين كانت ضد الشطب، ونحنُ نعرف أنّ سبب ذلك هو وجود قاضٍ ليبرالي هو "براك" استطاع أن يتفهم ما معنى دور عضو الكنيست، وما معنى عملنا كسياسيين نُمثّل جماهير واسعة في دولة تعرّف نفسها دولة اليهود، ومنع الشطب خوفا على سمعة إسرائيل أمام العالم، وهذا ما حصل أيضا هذه المرة عندما ألغت المحكمة قرار شطب ترشيح النائبة زعبي، وطبعا بفضل نضال التجمع ومواجهة الهجمة الشرسة والالتفاف الجماهيري حوله.
• برزَ دورك في محاولة تشكيل قائمة عربية مشتركة، لكن النتائج كانت مُخيِّبة، مع ذلك تبدو الأجواء أقل مناكفة وحِدة مِن مراحل انتخابية سابقة، هل اتفقتم على مهادنة؟!
الموضوع ليس اتفاق مهادنة، ولكن التخوف العكسي من نتيجة الخلافات العربية التي قد تضُر بمصلحة الجماهير العربية تقف وراء هذا الهدوء، فالمناكفات قد تُبعد جماهيرنا عن الصناديق. وقد توجهنا إلى جميع الأحزاب العربية وناقشنا وإياهم هذه المسألة، واتفقنا على ألا ينزلق النقاش بيننا وبينهم إلى عدائية وإلى تصادُم كما حصل في السابق، حين ظنّ البعض أن العدائية للتجمع قد تقضي على التجمع لكننا في التجمع أثبتنا أنّنا حزبٌ له قوته وله ناخبوه وداعموه، وهو الصوت الجديد الشاب ويزداد منتسبوه باستمرار، وهذا ما أثبت للأحزاب الأخرى أنّ أي نهجٍ آخر لن يستطيع القضاء على هذه القوة المتجذرة، فلا الطائفية ولا الاتهامات أو التخوين أو التزوير وغيرها من التهم، تستطيع أن تزحزحنا قيد أنملة، فالتجمع تيارٌ له وزنه وخطابه الذي أصبح خطابًا منتشرًا حتى أنّ كافة الأحزاب تلجأ إلى الخطاب السياسي لكي تتخلص من حوار في الشارع اليهودي.
• ما هي رسالتكم لمن يريدون المقاطعة؟
أسأل هؤلاء المقاطعين ما هو هدفكم من المقاطعة؟! هناك مسؤولية على القيادات السياسية في الداخل كي تحمل هموم الناس وتدافع عنهم وساحة البرلمان هي ساحة نضالية، بالتأكيد ليست الوحيدة، لكنها ساحة نضالية ويجب التواجد فيها وعبرها نستطيع أن نوصل صوتنا،أكثر بكثير وأسرع مِن وجودنا خارج البرلمان. وعندما تكون المقاطعة وسيلة لهدفٍ ما فنحنُ منفتحون لدراسة الأمر، فعندما ترشّح شارون وباراك في الانتخابات السابقة وتنافسا على رئاسة الحكومة لم يكن مصلحة للحركة الوطنية أن تصوّت لباراك الذي أجرم في العام 2000 وقتل 13 شابًا شهيدًا من أبنائنا، ولن نكون مع شارون، عندها أعلنا المقاطعة، وفعلاً قاطع نحو 85% من جماهيرنا الانتخابات، لأنّه لا يمكن أن نكون مع باراك أو شارون، لكن لا يُعقل أن نجعل من المقاطعة هدفًا ملقى في الهواء عبثًا، إذا كان لدينا رسالة فلنقُلها. أقول للمقاطعين أنّ هناك لعبة سياسية في موقعنا الفريد المتزايد داخل دولة اسرائيل.
• كُنت مِن مُناصري المرأة خلال عملك في البرلمان، فكيفَ أسهم دعم التجمع للمرأة في تعزيز مكانة الحزب؟!
وقفت في المؤتمر الخامس للتجمع الوطني الديمقراطي مناصرًا ومؤيدًا لتحصين المرأة وفعلاً نجح هذا التحصين، وفعلاً فازت حنين زعبي في هذا المكان، ومثلت الحزب في الكنيست أحسنَ تمثيل، فكان التجمع أول مَن أوصل امرأة عربية لتمثِّل الحركة الوطنية في الكنيست، ونحنُ نرى كيف أنها تتألق من خلال عملها السياسي والبرلماني، وفي المؤتمر الأخير فازت حنين بدون تحصين.
• ما هو سِرُ استقطاب التجمع الوطني لشريحة كبيرة من الشباب؟!
لأنه حزبٌ شاب، وخطابه السياسي ينسجم مع المفاهيم الشبابية ومع مفاهيم أولئك الذين يعيشون أزمة هوية، فشبابنا في فترةٍ زمنية معينة كانوا يعيشون أزمة هوية، في ظل غياب حركة وطنية واعية ومنظمة في الداخل، ومنذ إقامة التجمع بدأ الشباب ينتسبون لهذا الحزب فيثقفهم ويوعيهم بأنّ نضالنا سياسي مشروع، ولنا تميزنا وقوتنا في هذا الموقع ويجب استغلاله حتى النهاية.
وهو يُعطي للشباب العِزة والكرامة القومية وانتماء وهوية وأيضًا أدوات نضالية سياسية للدفاع عن حقوقهم المدنية لذا تريْن أنّ حزبنا يستقطب الكثير من الشباب.