المصالح التجارية الصغيرة: فرصة كبيرة تفوتها الدولة
تاريخ النشر: 03/01/13 | 0:24لا يوجد تقريبا جدال على أن المصالح الصغيرة والمتوسطة هي المحور الأساسي في الأسواق المتطورة. نحو 95% من مجمل المصالح في هذه الأسواق تتبع لهذه الفئة، حيث تقوم بتشغيل 70%-60% من مجمل العاملين في الدول المتطورة.
أظهرت الأبحاث على أن مساهمة المصالح الصغيرة في التشغيل اكبر حتى من المساهمة النسبية للمنتج، حيث أنها تعتمد إلى حد كبير على التجدد والحركة العالية لقوة العمل. الصعوبتان الرئيسيتان التي تواجه المصالح الجديدة هي الحصول على تمويل وتنظيم غير مدروس. تجد المصالح الصغيرة صعوبة في إيجاد رأس المال الأولي المطلوب، وعادة تستصعب توفير الضمانات المناسبة. كثرة البيروقراطية هو العثرة الثانية التي يواجهها المبادرون، والذين لا يملكون في كثير من الأحيان المعرفة، التجربة والوسائل المطلوبة للتعامل مع الهيئات الحكومية التي تتحكم بالميزانيات أو مواجهة نظام الضريبة المعقد.
واضعو السياسة في غالبية الدول المتطورة يدركون هذه العوائق، ويعتبرونها حالة من "إخفاق في السوق"، والتي تبرر التدخل الحكومي. حتى أن هذه السياسة مدعومة من قبل المؤسسات الرسمية مثل OECD والبنك العالمي، حيث أن طابع التدخل يختلف من دولة إلى أخرى – ابتداءً من التغييرات في نظام الضرائب ، مرورا بتوفير التمويل المباشر أو مساعدة بالضمانات لصالح التمويل، وحتى الخطط الحكومية لتأهيل مدراء.
معطى آخر مثير في هذا السياق هو متوسط الوقت المطلوب لفتح مصلحة جديدة. في البلاد المدة الزمنية طويلة نسبيا لغالبية الدول المتطورة, وتصل في السنوات الأخيرة إلى حوالي 21 يوما. في اتحاد دول اليورو المدة اقصر، 14 يوما بالمعدل. استراليا هي صاحبة الرقم القياسي حيث يتطلب بها يومين فقط لفتح مصلحة. عدد الأيام المطلوبة لفتح مصلحة، وكذلك كمية العمال المشتغلين في المصالح الصغيرة من مجمل المشتغلين في البلاد، قليل جدا نسبة إلى غالبية الدول المتطورة.
يشير هذا المعطى إلى انه ليس من الهيّن فتح مصلحة صغيرة في البلاد، وكذلك ليس من السهل على المصلحة البقاء والاستمرار. فحص الأهمية الإضافية، بما معناه إنتاج المصالح الصغيرة في البلاد، يُظهر انه نسبيا لمجمل المصالح الأمر ليس ايجابيا، وهذا أقل ما يقال. يحتمل أن يكون سبب هذا هو المستوى المتدني للاستثمارات في رأس المال الجسدي، أي وجود صعوبة أو خوف لدى المصالح في الاستثمار في تحسين إجراءات الإنتاج وزيادة الإنتاج جراء الصعوبة في إيجاد تمويل، وهذه هي إحدى الأوضاع التي يجب أن تتدخل فيها السياسة الحكومية الداعمة.
في معظم الدول المتطورة تساعد الحكومة المصالح الصغيرة في نيل مصادر تمويل، عادة عبر منح ضمانات .هنا في الدولة أيضا هذا الأمر متبع، وقد فاز بنك هبوعليم في المناقصة لإنشاء الصندوق بضمان الحكومة لتمويل المصالح الصغيرة إلا أن حجم الضمانات نسبة إلى المنتج يصل فقط إلى عُشر المعدل في أوروبا.
يستدل من هذا التحليل صورة واضحة، ووفقها فان الدولة بعيدة من أن تستغل القدرة الكبيرة لقطاع المصالح الصغيرة والمتوسطة. لقد وضعنا نحن في بنك هبوعليم أمام أعيننا هدفا واضحا: المساعدة في تطوير هذا القطاع في البلاد. الحديث عن عملية إستراتيجية طويلة الأمد ونحن ننوي أيضا في السنوات القادمة توجيه موارد واهتمامات خاصة نحو المصالح الصغيرة والمتوسطة, من اجل إزالة العراقيل وتطوير تكافؤ الفرص للمصالح الصغيرة, سواء في مجالات الاعتماد والتمويل أو في المساعدة المهنية والتقنية التي يمكنها النهوض بالحرية المالية لهذه المصالح. إننا نقوم بهذا من منطلق إيماننا انه هذا سيعود بالنفع الكبير على مصالحنا وعلى الاقتصاد في البلاد.
أريد أن انتهز الفرصة لأدعو كافة سكان البلاد للقدوم والشراء من المصالح الصغيرة في يومي الخميس والجمعة القريبين ، كجزء من "يوم المصالح الصغيرة"،ولتعزيز ثقة الجميع في ضرورة وقوة هذه المصالح.
الكاتب هو مدير عام بنك هبوعليم