عندما تغزوك الفتن
تاريخ النشر: 20/04/15 | 13:41في بعض التطبيقات والبرامج في الأجهزة الحديثة لا تأمن أن تغزوك الفتن! وخصوصًا فتن صور النساء ، والتي لا يكاد يسلم من رؤيتها أحد! ولا ينجو من شرها بعد أن تعترضه إلا من رحم الله.
موقف عجيب! تطبيق من تطبيقات الأجهزة الحديثة لأحد القراء فيه جميع سور القرآن، وفيه إمكانية سماع وتحميل السور، وليس فيه أي صور للدعايات – التي تكون عادة في بعض التطبيقات والبرامج وتظهر صور للنساء في الكثير منها.
وأثناء محاولة تحميل بعض السور؛ إذا بصفحة تظهر فجأة وفيها صور نساء كثيرة وفاضحة! وبشكل فظيع! وبعد أن تم الخروج منها، والمحاولة مرة أخرى، إذا بالصفحة تظهر مرة ثانية.
وهنا لم يكن بد من حذف التطبيق من الجوّال وإزالة تثبيته؛ إذ القاعدة تقول: درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح.
وهذا – في نظري والله أعلم – هو التعامل المناسب مع هذه الحالات، وخصوصًا في الأشياء التي لا يستطيع المرء التصرف فيها، من إيقاف وإزالة ونحو ذلك، وليس هناك خيارات في دفعها؛ بل تهجم وتعترض! فالفتنة في ترك ذلك والتهاون في عدم إزالته ظاهرة.
فالمرء قد يضعف في دفع مثل هذه الصور فيما بعدُ لو تركها وتساهل في بقائها في جهازه! ونتائج ذلك قد تكون عظيمة وكبيرة، وربما تعدَّت وزادت.
وسببها: الشرارة الأولى! التي لو أُطفئت لم يكن لها أي أثر، بل لتلاشت واضمحلّت.
فاستعن بالله، وكن حازمًا في دفع كل ما يعرض لك من فتن، سواء كانت فتن شهوات أو شبهات؛ مما قد يؤثّر على دينك، وينقص إيمانك.
وتأمّل تصرف الصحابي الجليل كعب بن مالك رضي الله عنه، وذلك عندما تعرض لفتنة عظيمة! أثناء محنته التي هُجر فيها بعد غزوة تبوك، والتي تتمثل في دعوته من ملك غسّان؛ حيث يقول رضي الله عنه كما في الصحيحين: فبينا أنا أمشي بسوق المدينة، إذا نبطي من أنباط أهل الشأم، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: “من يدل على كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إليَّ كتابًا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحَقْ بنا نواسِكَ. فقلت لما قرأتها: وهذا – أيضًا – من البلاء، فتيمَّمْت بها التنُّور فسجرته بها…” .
يقول ابن عثيمين رحمه الله: ( ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: أنه ينبغي للإنسان إذا رأى فتنة، أو خاف فتنة، أن يُتلف هذا الذي يكون سببًا لفتنته؛ فإن كعبًا لما خاف على نفسه أن تميل فيما بعدُ إلى هذا الملك، ويتخذ هذه الورقة وثيقة، حرَّقها رضي الله عنه)؛ شرح رياض الصالحين 1/ 148.
فانظر لتصرُّفه الحازم رضي الله عنه مع هذه الفتنة العظيمة؛ حيث قام بإحراق هذه الرسالة حتى لا يكون لها أيُّ أثر! وهذا الموقف يظهر فيه صدق كعب بن مالك رضي الله عنه وقوة إيمانه وصبره، وثباته على الحق، ومعرفته أن هذا من البلاء، وخصوصًا في هذا الوقت العصيب الذي يمر به هو وصاحباه. لذلك؛ إياك أن تتساهل في بقاء تطبيق أو برنامج أو نحو ذلك، مما تعجُّ به صور النساء بحجة أن فيه فائدة لك؛ بل اتقِ اللهَ، وسارع بحذفه، وابحث عن غيره مما لا يوجد فيه فتن.
واعلم أنك إن اتقيتَ اللهَ سيجعل الله لك مخرجًا ويرزقك من حيث لا تحتسب، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3].
وتذكر عندما تترك شيئًا لله، أن الله سيعوضك خيرًا منه؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه))؛ أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح.
ولعل الله يريد أن يمتحن إيمانك؛ فأَظهِرْ لله الصدق، وتعامل مع كل ما يضرُّ دينك، وينقص إيمانك التعاملَ الصحيح؛ وذلك بالبعد عن مواطن الفتن.
وأكثر من دعاء الله أن يجنِّبك الفتن ما ظهر منها وما بطن – وخصوصًا فتنَ الشهوات – وأن يحفظ عليك دينك، وإيمانك، وبصرك، وقلبك، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله! هذا ما يسر الله وأعان.
واللهَ أسأل أن يرزقنا الإخلاص وينفعنا بذلك، ويحفظنا من فتن الشهوات والشبهات، ويوفقنا لكل خير، اللهم آمين.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.