خطاب الأسد صفحة مستعارة من كتاب القذافي في أيامه الأخيرة

تاريخ النشر: 07/01/13 | 7:11

وصف مراقبون ظهور الأسد على هذا النحو المسرحي سيء الإخراج بأنه صفحة مستعارة من كتاب القذافي في آخر أيامه، مشيرين إلى أن حتى الشعارات كانت هي نفسها التي رُفعت قبل رحيل القذافي بالطريقة المعروفة، وتحديدًا "الله، سوريا، الأسد وبس.

ما يعيد التذكير بالقذافي أيضًا هو تهويل الأسد، الذي كان يلجأ إلى إلقاء مفكك بين المقترحات المبهمة للتوصل إلى تسوية سلمية والتنديد بالمعارضة تنديدًا لا هوادة فيه. فإن تنظيم القاعدة و"المجرمين المسلحين" و"الإرهابيين الأغراب"، احتلوا الصدارة في مفردات خطابات القذافي أيضًا. ثم كان هناك الاستغراق في عواطف ناشزة، كما في قوله، "انظر إلى عيون أطفال سوريا فلا أرى ضحكة بريئة تشعّ منها، ولا أرى ألعابًا تزرع البسمة على وجوههم"، وهو ليس بالأمر المستغرب بالنسبة إلى كل من تابع أخبار حملته العنيفة ضد شعبه خلال العامين الماضيين.

الأسد ليس القذافي بطبيعة الحال، ولكن شخصيته الأكثر نعومة والأحسن تعليمًا والأقرب إلى التفكير العقلاني، بعيدًا عن ميل القذافي الفطري إلى اللامعقول، تجعله لغزًا حتى أشد غموضًا في بعض النواحي، كما تلاحظ صحيفة الديلي تلغراف، مشيرة إلى أنه في حالة القذافي كان هناك دائمًا إحساس باستعداده للقتال حتى النهاية، مفضّلاً الميلودراما في الموت على الواقع الباهت للحلول التوافقية الوسطية أو الاستسلام. أما الأسد فإنه يقدم نفسه وكأنه زعيم يسيطر حقًا سيطرة كاملة على الأحداث، في تناقض صارخ بين خطابه والواقع.

ولو كان معارضو الأسد في تراجع عن عرض خطوات يضعون أنفسهم تحت رحمته في إطارها عرضًا مهيبًا من زعيم قوي. ولو كان يقترب من تحقيق النصر فإن مقترحه، الذي يدعو أعداءه إلى إلقاء السلاح ومؤازريهم الأجانب إلى الكفّ عن دعمهم مقابل وعد سخي بإجراء "حوار وطني"، كان سيبدو مقترحًا مقنعًا.

لكن الوضع في سوريا اليوم لا يمتّ بصلة إلى هذه الصورة. والأسد بقي أطول من بعض التوقعات، التي كانت مفرطة في التفاؤل بهزيمته الوشيكة، ولكن ليس هناك أي إحساس أو مؤشر يوحي بأنه يكسب المعركة.

فقد رئيس النظام السوري مناطق واسعة من البلد لمصلحة المعارضة، بما في ذلك نصف حلب، أكبر المدن السورية، فيما تطرق أعداد كبيرة من قوات المعارضة أبواب دمشق نفسها. والسؤال الحقيقي هو ليس لماذا يتعين على المعارضة المسلحة أن تقبل مثل هذه المقترحات البائسة، بل لماذا عليها أن تتفاوض أصلاً وهي مقتنعة بأن نهاية الأسد باتت قاب قوسين أو أدنى.

يتحدث الأسد عن تعبئة دفاعاته، وكأنها ليست في حالة استنفار قصوى بلا جدوى، حيث قوات المعارضة تقف على بعد كيلومترات من دار الأوبرا التي كان يخطب فيها.

في النهاية اندفع أنصار الأسد نحوه تمامًا مثل القذافي خلال مسرحيات ظهوره الأخيرة في طرابلس. هل كانوا يعبّرون عن حبهم لزعيمهم؟، أم إنه الذعر والهلع، ومؤشر إلى الغاية الحقيقية من الخطاب ـ أن يكون صرخة أخيرة لتحشيد الموالين، ومحاولة يائسة لطمأنة آخر من بقوا معه بأن زعيمهم لم ينسهم في ساعة شدتهم، على حد تعبير صحيفة الديلي تلغراف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة