العصفورة الخرساء والوصف الجميل
تاريخ النشر: 25/04/15 | 12:40“العصفورة الخرساء” قصة للأطفال، تأليف الكاتب والشاعر الفلسطيني خالد الجبور، تقع في 24 صفحة وتزيّنها وتتابع أحداثها رسومات سناء بزور.
قصة “العصفورة الخرساء” ترسم الطبيعة بريشة فنان، وتدخل إلى عالم الطيور فتصفه وصفا دقيقا لا يغفل أبسط الحركات والسكنات للطيور أثناء هجرتها أو عند تناولها الطعام وبناء أعشاشها ودفاعها عن أنفسها وفراخها. وفي الوقت ذاته، تعطي القصة الطفل جرعة كبيرة من الدروس في الأخلاق وحسن التصرف والتعامل مع الآخرين والصبر والشجاعة. فالكاتب استغل شخصياته من الطيور التي وصفها بدقة متناهية، ليعكس تصرفاتها وحركاتها على عالم الإنسان، ولتجعل الطفل يقف متأملا فيها، متعلما منها دون ملل، فالكتاب لا يخلو من متعة وتشويق وفائدة تربوية للأطفال.
الكتاب يزخر بالمعلومات القيّمة الدقيقة عن عالم الطيور، والتي يقدمها للطفل بأسلوب شيّق جميل، منها:
– هجرة الطيور السنوية من الشمال إلى الجنوب وبالعكس طلبا للدفء والطعام.
– حب الطيور للهو واللعب والاستحمام في الماء.
– عادات الطيور في التقاط الطعام وتنظيف مناقيرها.
– الوصف الدقيق لحركة الطيور وطيرانها وتحريكها لأجنحتها أثناء وقوفها، ودلالة حركاتها المختلفة.
– تعلّق الطيور بشريكها وتعاونهما في بناء الأعشاش والاعتناء بالفراخ.
– ابتلاع الأفعى لفراخ الطيور.
– استماتة الطيور في الدفاع عن فراخها.
– تعرّف الطفل بالكثير من المعلومات التي تتعلق بالحياة، مثل التكاثر والموت والتعرّض للأخطار.
لم يقم الكاتب بسرد هذه المعلومات للطفل، وإنما فصّلها خلال قصته عن طريق الوصف الدقيق للطيور ضمن أحداث القصة بطريقة مشوقة مفعمة بالخيال.
لكن هدف الكاتب الأكبر، لم يكن تعليم الأطفال عن الطيور وإنما غرس بعض القيم التربوية الإيجابية في نفوسهم، عن طريق عالم الطيور الذي ينطبق أيضا على الإنسان. ومن القيم التي نستخلصها من القصة ما يلي:
– الشعور مع الآخرين وتفقد أحوالهم ومحاولة مساعدتهم.
– ما يبدو من تصرفات الآخرين الغريبة قد يكون له سبب كامن وراءه، علينا اكتشافه من أجل مساعدتهم، وعدم الاستهزاء بهم.
– أن المصائب قد تحدث وتسبب الألم لنا، لكن علينا أن لا نترك لهذه المصائب الفرصة لتكبلنا وتأسرنا في أغلالها، بل علينا أن نتحلى بأمل لحياة جديدة قد تعوّض ما فات.
– يركز الكاتب على قيمة البطولة في شخصية العصفور النحيل الذي أنقذ العصفورة الخرساء من وضعها المزري، وبنى معها حياة جديدة ثم استمات بالدفاع عن عشهما ضد الأفعى التي هاجمته.
– قيمة التعاون، حيث تتعاون العصافير لحماية عش العصفورة الخرساء عندما ترى بطولة العصفور النحيل والعصفورة الخرساء ودفاعهما عن عشهما.
– الإصرار والصبر والشجاعة والتعاون تتفوق على القوة المفرطة، فالعصافير الضعيفة التي لا تستسلم ولا تترك عشها نهبا للأفعى تستطيع في النهاية أن تهزمها.
– أهمية الإيجابية في النظر للأمور والابتعاد عن السلبيّة. فالعصفور النحيل الذي فقد شريكته كان إيجابيا مبادرا، بينما كانت العصفورة الخرساء سلبية استسلمت للحزن والأسى عندما فقدت شريكها وفراخها، لكن إيجابية العصفور النحيل تتغلب في النهاية وتعيد البهجة إلى حياة العصفورة الخرساء.
– التأمل في عظمة الله في الكون وإدراك عظم صنعه وحكمته.
القصة لا تخلو من التشويق والإثارة بالإضافة إلى المتعة والفائدة. فالكاتب ينقل الطفل إلى عالم الطبيعة الجميل ويجعله يعيش بين الطيور الصغيرة التي ربما يراها لكنه لا يدرك أسرار حياتها، ويشوّقه لمعرفة المزيد عنها، وتصل قمة التشويق والإثارة عندما يُجري الكاتب معركة غير متكافئة بين العصفور النحيل والأفعى الشرّيرة، تنتهى بانتصار العصافير.
رسومات الكتاب معبّرة ومناسبة للأطفال وتتابع أحداث القصة بتسلسل.
ارتباط الكاتب بالطبيعة ووصفه الجميل لها، لهو شيء إيجابي يفتقده كثير من الأطفال الذين ألهتهم أدوات التكنولوجيا الحديثة وأبعدتهم عن تأمل جمال الطبيعة والأرض التي تحيط بهم، وهذا عمل جليل ومحاولة لإعادة ربط الأطفال بالطبيعة والأرض.
عبدالله دعيس