معاني الأشهر الحرم الأربعة
تاريخ النشر: 26/04/15 | 14:38قال تعالى في كتابه العزيز: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ” التوبة 36، لما لها من فضل كبير ولكل شهر منهم حكاية مع الزمن والمواقف وهي:
1- ذو القعدة: هو الشهر الحادي عشر من التقويم الهجري، وهو الشهر الذي يسبق الحج، وهو أول الأشهر الحرم المذكورة في القرآن الكريم، ويعتقد أن أصل التسمية تقوم على فكرة القعود عن الحرب، بينما يقول البيروني: “وذي القعدة للزومهم منازلهم”، ويقول: “ثم ذو القعدة لما قيل فيه اقعدوا أو كفوا عن القتال، وسمي ذا القعدة استعدادًا للحج، أو لأنه كان في الجاهلية شهرًا مقدسًا محرمًا لا يحل فيه القتال.
2- ذو الحِجَّة هو الشهر الثاني عشر من التقويم الهجري، والشهر الثاني من الأشهر الحرم، سُمّي بهذا الاسم نحو عام 412 م في عهد كلاب بن مرة الجد الخامس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمي بذلك لأنه يكون فيه الحج، وهو آخر الأشهر المعلومات التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”، البقرة 197، وتبدأ هذه الأشهر بأول يوم من شوال، وتنتهي مع نهاية العاشر من ذي الحِجَّة، كما أن في اليوم التاسع من هذا الشهر يكون يوم عرفة ووقفة عرفات أو ما يسمى بيوم الحج الأكبر ويكون اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك عند المسلمين.
وكان ذو الحِجّة يُعقد فيه سوق ذي المَجَازِ وهو قريب من جبل عرفات حيث يقيم فيه التجار حتى يبدأ موسم الحج فيدخلون مكة لحج البيت وهو من أهم الاسواق التي كان يلتقي فيها قوافل التجار ويقع في شرق مكة المكرمة ويبعد عنها مسافة 21 كم. وأقسم الله تعالى في سورة الفجر بالليالي العشر الأوائل من هذا الشهر فقال “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، وروي عن عبد الله بن عباس أن رسول الله قال:”مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ ، يَعْنِي الْعَشْرَ الْأَوَائِلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، قَالُوا: وَلَا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللِه؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ” مسلم.
3- شهر المحرم هو الشهر الأول من التقويم الهجري، وكان اسمه في الجاهلية مُؤْتَمِر أو المُؤْتَمِر، وسمي بذلك لكونه شهراً محرّما، فهو أحد الأشهر الحُرُم الأربعة، وهي التي لا يستحلّ فيها المسلمون القتال، وقال الله فيها : “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”، سورة التوبة 36
وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : “أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ”، صحيح مسلم، وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : “صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، صحيح مسلم.
4- يعتبر شهر رجب، هو الشهر السابع من التقويم الهجري، وكلمة رجب جاءت من “الرجوب” بمعنى التعظيم، وفيه حدثت معجزة “الإسراء والمعراج”، ويرجع فضل هذا الشهر بأن الله عز وجل قد فضل الأشهر الحرم عن سائر شهور العام، وخصصها بمزيد من الإجلال والإكرام.
ورجب من الأشهر الحرم، وهو شهر كريم ويدعى بـ”الشهر الأصب” وذلك لأن الرحمة الإلهية تصب على عباده صبًا، ويستحب فيه الصيام والقيام بالأعمال العبادية وضرورة تجنب المعاصي في مثل هذه الأشهر والبعد عن الرذيلة.
ويستحب للمسلم في “رجب” الإكثار والمواظبة على ما ثبتت به السنة في سائر الأيام من نوافل الطاعات، صلاة، صيام، صدقات وغيرها من القربات.
وسبب تسميته الشهر بهذا الاسم:
“رجب”: الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب: رجبت الشيء أي عظّمته، فسمي رجبًا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضًا.
إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة ومنها رجب، لأنه أحد هذه الأشهر الحرم قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام”، المائدة، أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده.
ومراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة، والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرًا لما لها من حرمة، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله، ولذلك حذرنا الله في الآية السابقة من ظلم النفس فيها من ظلم النفس ويشمل المعاصي ويحرم في جميع الشهور.