هوغو تشافيز ترك بصماته على 14 عامًا من السياسة في اميركا اللاتينية
تاريخ النشر: 10/01/13 | 1:34كرس هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي الذي يتمتع بشخصية قوية ويعمل بلا كلل، قسمًا كبيرًا من جهوده منذ 14 عامًا لتشكيل كتلة اميركية لاتينية متحررة من نفوذ الولايات المتحدة، تساعده في ذلك موارد نفطية لا تنضب. وبعد مجموعة من التحالفات السياسية التي كوفئت بصلات اقتصادية عميقة، ابتعدت اميركا اللاتينية عن واشنطن، كما يقول المحللون الذين يعتبرون أنه من غير المحتمل ظهور زعيم آخر من اميركا اللاتينية قادر على الاضطلاع بالدور الذي منحه لنفسه الرئيس الفنزويلي.
وقال المحلل مايكل شيفتر من مركز الحوار بين الاميركيتين للدراسات في واشنطن إن "ما يميز تشافيز منذ البداية، هو أن فنزويلا كانت صغيرة جداً لطموحاته، كان يبحث عن مسرح دولي".
واضاف في تصريح لوكالة فرانس برس أن "اسلوب تشافيز متميز جدًا، استفزازي. لقد بذل جهوداً جبارة لينشىء اميركا لاتينية اكثر ثقة بنفسها في مواجهة الولايات المتحدة".
ويؤكد كريستوفر ساباتيني العضو في مجموعة الضغط "مجلس الاميركيتين" في واشنطن أن "تشافيز اعطى قوة وشخصية لتحالف يجاهر بعدائه لأميركا في المنطقة، لكن لا يتوافر لهذا التحالف شخص آخر ليخلفه" اذا ما منعه مرضه نهائيًا من تسلم زمام الامور في فنزويلا.
وفي هذا الاطار، فضل تشافيز الذي انتخب في 1999، خطابًا عدائيًا ضد واشنطن وساعدته الموارد النفطية الهائلة لفنزويلا، على اقامة تحالفات ووضع آليات تعاون وتكامل في المنطقة، مثل بتروكاريبل والتحالف البوليفاري للاميركيتين (البا) اتحاد دول اميركا الجنوبية مجموعة دول اميركا اللاتينية والكاريبي.
ولن يستطيع الرئيس تشافيز الذي اعيد انتخابه في السابع من تشرين الاول/اكتوبر، قسم اليمين في العاشر من كانون الثاني/يناير لولاية جديدة. ولم يظهر علنًا منذ توجهه قبل شهر الى كوبا لاجراء عملية رابعة للسرطان الذي اكتشف في حزيران/يونيو 2011.
وقال ساباتيني إنه اذا ما تعذر على أي شخصية الاضطلاع بالدور نفسه الذي يضطلع به تشافيز على المسرح الدولي "ستستمر المساعدة النفطية الفنزويلية. ولطالما كان ذلك جزءًا من استراتيجيته الدبلوماسية"، كما اكد لوكالة فرانس برس.
وردًا على سؤال عن نيكولا مادورو، الخليفة المعين للرئيس، يعتبر شيفتر أنه سيتمسك بمعظم الاتفاقات القائمة مع بلدان المنطقة، لكنه لن يتميز "لا بهذا الالتزام ولا بهذا الزخم".
وترتسم في فنزويلا من جهة أخرى ملامح "ازمة مالية حادة جدًا ستكون كوبا ونيكاراغوا اكثر البلدان المتضررة منها"، كما قال.
وبقيادة تشافيز، طورت كراكاس وهافانا علاقة سياسية واقتصادية مميزة، تتسم بأهميتها لكوبا بعد تفتت الاتحاد السوفياتي.
وتزود فنزويلا كوبا بحوالي مئة الف برميل نفط يوميًا بشروط تفضيلية.
في المقابل، تقدم كوبا دعمها لكراكاس المتمثل بأربعين الف طبيب وممرض، وايضاً ممرضات ومستشارين وتقنيين في عدد كبير من المجالات. ويؤمن هذا الدعم للجزيرة الشيوعية حوالي ستة مليارات دولار سنويا.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال ارتورو لوبيو ليفي الاستاذ في جامعة دنفر بكولورادو "نظرًا الى مستوى علاقتها مع فنزويلا، لا تتوقع كوبا أي امر ايجابي ينجم عن عدم الاستقرار السياسي في كراكاس".
من جهته، يقول ايفرليني عمر بيريز مدير مركز الدراسات المتعلقة بالاقتصاد الكوبي في جامعة هافانا، إن "من غير المحتمل أن تشهد العلاقة الاقتصادية بين البلدين تراجعًا حادًا".
لكنه قال إن كوبا تبحث عن "اشكال تتيح لها الدخول من جديد الى المسرح الدولي، وعن شراكات تجارية جديدة".
وتعتمد بلدان اخرى على النفط الفنزويلي ومنها نيكاراغوا التي تتسلم 10 ملايين برميل من النفط سنويًا ومساعدات اجتماعية، وكذلك الاورغواي التي تتسلم ما بين 6 و8 ملايين برميل سنويًا.
من جهته، فتح العملاق البرازيلي في عهد لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ثم مع ديلما روسيف، ابواب التجارة والاستثمار لهوغو تشافيز، فيما سعت برازيليا لادخال كراكاس الى السوق المشتركة لدول اميركا الجنوبية (مركوسور).
والأولويات الجديدة لتشافيز في علاقاته التجارية وكذلك علاقاته السيئة مع الرئيس السابق الفارو اوريبي، اساءت الى كولومبيا التي تراجعت صادراتها الى فنزويلا من اكثر من ستة مليارات دولار في 2008 الى 2,3 مليار في 2012.
واقام الرئيس خوان مانويل سانتوس في الفترة الاخيرة علاقات جيدة مع تشافيز وقدر خصوصًا دعمه لعملية السلام مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) بعد صراع مسلح استمر حوالي نصف قرن.
واقر سانتوس بأن تشافيز "اضطلع بدور اساسي في عملية السلام هذه، وانا اصلي من اجل أن يستعيد صحته، لأننا نحتاج فعلاً اليه".