إضاءة على المفكر والمؤرخ الفلسطيني الراحل بولس فرح
تاريخ النشر: 12/01/13 | 4:30المفكر والمؤرخ والسياسي الفلسطيني الراحل بولس فرح أشهر من نار على علم ، إرتبط اسمه بالحركة الوطنية والنقابية والعمالية الفلسطينية وكان له نشاط فكري وسياسي خلاق وبارز ، وأهميته الفكرية والثقافية تجاوزت السياسة إلى حقول معرفية كثيرة .وهو يعتبر نواة وعينا السياسي والوطني والثوري والإنساني ومن أكثر المخلصين للمشروع القومي العروبي وللفكر الماركسي المادي.
لم يلهث بولس فرح وراء التجارة الفكرية وكان صاحب مواقف وطنية وقومية راسخة وثابتة وتحلى برؤية سياسية عميقة وواسعة بعيدة النظر، ورأى فيه الكثيرون شعلة متوقدة من الثقافة والوعي والنشاط والمعرفة والنور والعطاء والكفاح الطبقي والقومي، والقدوة والمثال في الإباء والمروءة والكرامة والإيمان المطلق بعدالة القضية الفلسطينية.
تمتع بولس فرح بحس وطني وقومي صادق ، ونشط في العمل النقابي والثوري والسياسي وكان من المشاركين في كتابة وصناعة التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وسخر جهوده الثقافية الجبارة لخدمة مجتمعه ووطنه وشعبه، وقد فهم الحرية كضرورة اجتماعية وحلم بالمجتمع المستقل الحر والمتنور والحضاري التقدمي الذي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية ، وكان مدافعاً شجاعاً عن قضية الإنسان ورفض قرار التقسيم داعياً إلى إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية شعبية نموذجية في المنطقة العربية تقوم على رضى الشعبين ووضع حد للحروب ونزيف الدم وتوحيد الجهد الضائع من المال والرجال إلى رفاهية الشعبين وسعادتهما لأن الحياة هي رفاهية الإنسان وسعادته لا غير.
أنجز بولس فرح في حياته كتابين هما،"تاريخ العرب الاجتماعي" و"من العثمانية إلى الدولة العبرية" .
وفي كتابه "من العثمانية إلى الدولة العبرية" يقدم صفحات مشرقة ومضيئة من الانطباعات والمواقف الناصعة لصناع التاريخ الفلسطيني من العمال والفلاحين والمثقفين والمتنورين التقدميين والوطنيين الذين لا مصلحة لهم إلا أن يكونوا أسياد أنفسهم في وطنهم المستقل والمتحرر والديمقراطي .
لقد أعطى بولس فرح للحياة أكثر مما أخذ منها وامتاز بقدرته السحرية الفائقة على الاتصال والالتصاق بالناس ،عاش مع الناس ومن أجلهم وأتقن فن التمييز بين الأصالة والتقليد وبين الصدق والكذب، وعبّر عن آرائه بجرأة وذكاء وأصر دائماً ألا يمس الآخرين .
وفي النهاية ، بولس فرح من أبرز ممثلي الفكر الوطني الثوري الديمقراطي الفلسطيني ، حمل هموم شعبه وجراحاته وعاش المأساة ، وهو نموذج ساطع للمثقف الفلسطيني من طراز جديد وقد شكل النضال والكتابة الجديدة والفكر الملتزم لديه قضية واحدة متكاملة ، وسيبقى رمزاً للإنسان المخلص لقضايا أمته ورمزاً للنقاء الثوري والاستقامة والصمود في وجه المحن والأزمات ،إنه ساكن في أرواحنا ووجداننا وتاريخنا.