مقاطعة الانتخابات منحدر زلق
تاريخ النشر: 12/01/13 | 4:49
عشرة أيام تفصلنا عن الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة. عشرة أيام وتتحدد معالم الائتلاف الحكومي المقبل ومعالم المعارضة المقبلة. وهما معا، كما في كل نظام ديموقراطي، سيحددان آفاق وحدود ووجهات السياسة الاسرائيلية، في السنوات الاربع القادمة، وما بعدها. قضايا الاقتصاد والمجتمع، قضايا التربية والتعليم، التي تشغل بال كل واحد منا، قضايا السلم والحرب، التي تهمنا وتؤثر، شئنا أم ابينا، على كل واحد فينا.
أنا لا أطلب من وراء هذه المداخلة الدعاية لحزب معين أو لقائمة معينة، فلدينا من الاحزاب والقوائم ما يكفينا، وهي تشكيلة متنوعة تغطي كافة الوجهات الفكرية تقريبا. مما يفسح المجال امام كل فرد وفرد منا أن يختار حزبا أو قائمة تتناسب، بهذا القدر أو ذاك، مع وجهاته الفكرية وتطلعاته.
ما حثني على الكتابة هو ما وصل الي عن دعوات لمقاطعة الانتخابات من جهة والتغييرات الاخيرة التي شهدتها ولا تزال عواصم وبلدان عربية مختلفة، تسعى لإنشاء أنظمة حكم أكثر ديمقراطية وأعمق تعبيرا عن رغبات وتطلعات شعوبها، من جهة أخرى. اذا، ما الذي يجعل المواطن، في أي بلد، مستعدا للتظاهر وحتى للموت من أجل تغيير نظام الحكم بحيث يسمح له وللآخرين حق تحديد معالم ووجهات النظام عن طريق الانتخابات؟ لا بد وأن هذا الحق هام جدا، والا ما كنا سنرى ما تابعناه في السنتين الماضيتين في تونس، مصر، ليبيا، اليمن، البحرين وسوريا. ما من شك بأن هذا الحق، وبحسب تعبير عشرات الملايين الذين تظاهروا في الميادين، أهل لأن يخسر المواطن من أجله عشرات أيام عمل، وأن يتحمل المجتمع بكل افراده عبئا اقتصاديا هائلا، وبأن يقدم المئات والالوف ارواحهم لتحقيقه.
نعم، حق الانتخاب ليس حق آخر يتوفر او يغيب. حق الانتخاب هو الشرط الاساسي لأي نظام ديمقراطي وهو الضمانة الوحيدة لاسنمرارية نظام الحكم المبني على ارادة الجمهور. لذلك لا يجوز التهاون به والنظر اليه كأي حق آخر.
نعم، قد يكون الكثيرون منا غير راضين، بهذا القدر أو ذاك من الصدق، من الائتلاف الحكومي أو من المعارضة. لكن هل يعني ذلك امتناعهم عن محاسبة الطرفين على تقصيرهم المفترض؟ بالعكس تماما. هذا هو الوقت وهذه هي الطريق الاكثر أهمية للمحاسبة ويجب على كل واحد منا ان يقوم بمحاسبة ممثليه، بمجازاة من أحسن وبمعاقبة من أساء. ولا يكون ذلك بالامتناع عن التصويت. فالامتناع معناه الحقيقي وترجمته الوحيدة هما الموافقة على استمرارية ما كان، دون مجازاة ودون معاقبة.
وبما ان الديموقراطية لا تتمثل فقط بحق الانتخاب، وانما ترافق هذا الحق حقوق اخرى كحق التنظيم، التعبير عن الرأي، العيش بكرامة، وما الى ذلك، فالخوف كل الخوف، من تحول هذا التنازل عن حق التصويت الى نهج، يتبعه التنازل عن حقوق أخرى. وكما يتوقع من كل مواطن في مجتمع ديمقراطي، وبناء على هذه الحقوق المكفولة له قانونيا، ان يكون فاعلا في المجتمع، منظما في جمعيات تعالج مسائل تحظى باهتمامه ورغباته، ناشطا ثقافيا وفكريا، من المنطق ان نرى في ممارسة حق الانتخاب النشاط الاساسي والواجب الأدنى المطلوب من كل مواطن.
دعوات المقاطعة والامتناع عن ممارسة حقوقنا، تجعلنا نقف على حافة منحدر زلق، اذا تنازلنا عن امكانية تأثيرنا اليوم، عن وعي أو بدونه، قد ننزلق الى تنازلات أخرى لا نريدها، رغما عنا.
دكتور حسام بارك الله بك وشكرا على التوضيح. كلي أمل أن تصل فكرتك للجميع بغض النظر الاختلافات بالرأي أو الاعتراض على الموضوع
وليس بالضروره أن يكون موافقه تامه لما ترى ولكن برايي بلغت وأتممت وان تضيء شمعه خير من أن تجلس وتلعن الظلام.